المدن الذكية والخضراء والتنمية الحضرية المستدامة

المدن الذكية والخضراء والتنمية الحضرية المستدامة

 المدن الذكية والخضراء والتنمية الحضرية المستدامة

Smart and green cities and sustainable urban development

د. ياسين حميد بدع المَحمدي

استاذ التنمية المكانية – جامعة الانبار – كلية الآداب – قسم الجغرافية

الاستدامة (Sustainable). هي مصطلح بيئي يشير الى عملية تحقيق الاستثمار الأمثل للموارد أو الامكانيات التنموية الطبيعية والبشرية والاقتصادية وبما يحقق الموازنة بين متطلبات السكان الحالية والمستقبلية و المحافظة  على نوعية الحياة باستمرار. ويتضمن التخطيط الحضري المستدام Sustainable urban Planning)  )؛ خطة او مجموعة خطط تنظم عملية استثمار الموارد او الامكانيات التنموية الطبيعية والبشرية والاقتصادية وصولاً الى تحقيق او تكوين بيئة حضرية مستدامة للإنسان ضمن الحيز المكاني للإقليم. اما التنمية الحضرية المستدامة        ( Sustainable urban Development) فهي تتضمن مجموعة من التوجهات التخطيطية التنموية التي تهدف الى تطوير وتنمية المدينة وما يجاورها بكافة قطاعاتها وصولاً الى تكوين بيئة حضرية مريحة لساكنيها.

شهد علم التخطيط عموماً والتخطيط الحضري المستدام على وجه التحديد تطوراً كبيراً في مجال السعي لإيجاد بيئات حضرية مستدامة صديقة للبيئة وتوفر الراحة لساكنيها لاسيما في الدول المتقدمة وبعض البلدان النامية التي اخذت تعتمد تجارب الأولى في مجال التخطيط الحضري المستدام وأن كان ذلك ضمن نطاق محدود. وتجلى هذا التطور في مجال التخطيط لتكوين المدن الذكية والخضراء باتجاه تكوين بيئة حضرية مستدامة للمدن الجديدة او القائمة تكون لها القدرة على التعامل مع التطور المعرفي والسرعة في تقديم افضل الخدمات لسكانها مع ايجاد بيئة سليمة خالية من التلوث . لذا تعرف المدن الذكية (Smart Cities)؛ بأنها المدن التي تعتمد على تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في ادارة وتنظيم اسلوب الحياة بكافة مرافقها الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والخدمية ..الخ، وبما يضمن الحصول على الخدمات وتنظيم سير الاعمال لكافة ساكنيها بأقل وقت وجهود مبذولة وكلف مادية. وكان لاعتماد مجتمع واقتصاديات المدن المعاصرة على المعارف او الابتكارات العلمية باعتبارها عامل رئيس في تنمية المدن سبباً أو دافعاً رئيساً في ظهور المدن الذكية. وتتكون هذه المدن من عناصر رئيسة تتمثل بالجانب البيئي بكونها مدن صديقة للبيئة، والجانب الاجتماعي بكونها تتضمن مجتمع  يتمتع بقابليته على التعامل مع المعارف او الابتكارات العلمية واعتماد تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن الجانب التقني بكونها مدن تعتمد على تقنية المعلومات والاتصالات وصولاً الى تحقيق الإدارة الذكية للمدينة. اما خصائص المدن الذكية فهي عديدة تنطلق من صفتها وتتمثل بإيجاز  بالحكومة الالكترونية التي تعتمد على الوسائل الإلكترونية في ادارتها، والمجتمع الذكي واستخدام مصادر طاقة متجددة نظيفة للتخلص من مشكلة الانبعاثات الغازية مع ترشيد استهلاك المياه للأغراض المختلفة واعادة تدوير ما استخدم منها مع اعادة تدوير ايضاً المخلفات الصلبة، فضلاً عن اعتماد المدن الذكية على النقل الذكي باعتماد وسائل النقل الخضراء التي تعتمد على الطاقة الشمسية او الكهربائية أو تنظيم استعمال وسائل النقل التقليدية باعتماد النقل العام اكثر من الخاص لتقليل التلوث البيئي، مع اعتماد هذه المدن على الاقتصاد الذكي القائم على استعمال تقنيات الاتصالات والمعلومات في التجارة الالكترونية وتقديم الخدمات الأخرى.

أما المدن الخضراء (green Cities)؛ فهي مدن مستدامة صديقة للبيئة تكون فيها المباني من حيث الموقع والتصميم بشكل يتلائم مع خصائص البيئة الطبيعية لاسيما من حيث اتجاه الرياح السائدة والطاقة الشمسية للاستفادة منها في مجال الإضاءة والتهوية الطبيعية والحصول على الطاقة النظيفة، وتتوافر فيها ايضاً كافة الخدمات مع مساحات خضراء مناسبة تكون بمثابة رئات المدن وتشكل اماكن ترفيهية لساكنيها في الوقت نفسه، وتركز ايضاً على استعمال مصادر طاقة متجددة مع تقليل نسبة الملوثات وصولاً الى تكوين مدن صفرية الانبعاث للغازات الملوثة لتشكل بمجملها بيئة صحية لساكنيها. وبذلك تتطلب المدن الخضراء اعتماد التخطيط الحضري المستدام بشكل دقيق والذي ينبغي ان يتمتع بالمرونة في عملية ادارة وتصميم المدن الحضرية، والقائم ايضاً على استعمال النقل الحضري الاخضر والطاقة المتجددة وتنظيم استعمال المياه للأغراض المختلفة.