الفقر في المجتمعات المتأزمة

 

الفقر في المجتمعات المتأزمة

Poverty in crisis societies

أ.د. نبيل جاسم محمد

قسم الاجتماع

 

   لا يكاد يمر يوما الا وتطرق مسامعنا الانعكاسات والاثار الاجتماعية للفقر والافقار, سيما المجتمعات العربية التي عانت من ويلات الحروب والصراعات الداخلية والخارجية والازمات الاقتصادية المتتالية وتسارع وتيرة العنف بجميع اشكاله وتداعياته.

 والفقر ظاهرة عالمية ومشكلة اقتصادية ذات تداعيات اجتماعية تهدد البنية الاجتماعية وتسبب مجموعة من الاختلالات الوظيفية, وهذا ما اشار اليه العالم اوسكار لويس حين قال ان الفقر ليس مجرد حرمان اقتصادي بل هو تغير في نمط الحياة الناجم عن التغير الاجتماعي المتسارع والازمات الاقتصادية والحروب.

  وتبدوا الاثار المجتمعية اكثر وضوحا في المجتمعات المتأزمة مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا, إذ ارتفعت حالات الطلاق والتفكك الاسري وضعفت العلاقات الاجتماعية والقرابية وتأنيث الفقر والبطالة والعمل واللامساواة الجندرية في جميع مجالات الحياة وتعاطي المخدرات والانخراط في المجاميع الاجرامية, اضافة الى القلق والتوتر والاضطراب والاكتئاب والانتحار والاتجار بالأعضاء البشري.

  وبحسب التقرير الاممي حول نسب الفقر في العراق, فقد اشار الى ان النسبة بلغت 40% وفق البنك الدولي, فيما اعلنت وزارة التخطيط العراقية ان نسبة الفقر في العراق تراوحت بين 26-27% بعد ان كانت تشكل 31% في بدايات انتشار جائحة كورونا.

واعتقد ان السبب الاساسي المؤدي الى تنامي الفقر في البلدان المتأزمة يرجع الى الفساد الاداري والمالي والاستراتيجيات الخاطئة لإدارة الدولة, فالفساد المالي المستشري في العراق مثل النار في الهشيم , وقد احتل العراق المرتبة الثالثة بعد الصومال وماينمار عام 2008 والمرتبة 16 من مجموع 190 عام 2019, فيما احتل المرتبة 160 في قائمة الدول المكافحة للفساد عام 2020 والبالغ عددها 179 دولة, فيما احتلت سوريا 178 وليبيا 173 واليمن 176. واشارت العديد من التقارير الاممية والدولية والعربية ان الدول الاكثر فسادا ( اداريا وماليا) في العالم هي الصومال وسوريا واليمن والسودان وليبيا والعراق.

واعتقد ان القضاء على الفقر او التخفيف من حدته سهل جدا من خلال الاعتماد على اقتصاد السوق والسوق الحر ، والقضاء على الفساد المالي وتنمية الصناعات والمشاريع الصغيرة المدعومة من قبل الدولة واتباع نظام القروض الميسرة وبدون فوائد واعتماد استراتيجية التشبيك المؤسساتي لتحقيق الغايات والاهداف, وكذلك اعتماد تجارب الدول الناجعة في مكافحة الفقر مثل كوريا الجنوبية وماليزيا والبرازيل وكندا وجنوب افريقيا وسنغافورة.