المدن القادرة على مواجهة وباء كوفيد 19

                                                                           المدن القادرة على مواجهة وباء كوفيد 19                                           

Cities capable for facing COVID-19

م. هدى حسين علي

كلية الآداب -قسم الجغرافية

يعد التخطيط الاقليمي للمدن اسلوب فعال لكل مشاكل المدن واقاليمها ويعتبر (باتريك جديس) 1931-1854 م اول من نادى بفكره التخطيط الاقليمي التخطيط العمراني مع عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وان اهم اهداف تخطيط المدينة توفير بيئة سكنيه صحية جذابه حيث ان بعض الدول تتبنى الفكرة الأساسية لأسلوب التخطيط الاقليمي مثل بريطانيا ورغبتها في تطوير القطاع الصحي من خلال تقسيمها الى اقاليم صحية تعمل بتوجيه صحي معين نحو نظام صحي أشمل. وبما ان العالم دخل عصر الأوبئة حتى الان شهد عده أوبئة ويعتبر وباء كوفيد 19 هو الوباء الاخير بعد كل من وباء الالتهاب التنفسي الحاد،  متلازمه الشرق الاوسط التنفسية، ايبولا، انفلونزا الطيور، انفلونزا الخنازير.

 واجه العالم نهاية 2019 أخطر الأوبئة في تاريخه المعاصرة والذي أصبح كل العالم باسره تحت وطئة جائحة كورونا،  والذي انتشر مثل ما تنتشر النار في الهشيم وحول العالم الى فضاء مهجور خارج المنازل لان المدن لم تكن مصممه للتكييف مع هذا الوباء والجوائح. وهذا يقودنا الى سؤال هل نستطيع ان نصمم مدنا امنه وقابله للعيش ولاتخلو شوارعها من السكان بمجرد تفشى مرض جديد وتكون قادره على الصمود في مواجهه الأوبئة؟

إذا نستطيع ان نطبق القواعد عند تخطيط المدن في ظل تطورها عما كانت عليه في الماضي حيث كانت شوارع المدن اثناء الثورة الصناعية مرتعا لانتشار الامراض المعدية مثل التيفوئيد   والكوليرا خاصه في لندن ونيويورك مما زاد الاهتمام بمشاكل الصحة العامة حيث أقيمت شبكات الصرف الصحي ثم طبقت معايير للبناء منها الإضاءة والتهوية الجيدة داخل السكن الواحد.

اذن حتى نحصل على مدن مستدامه تكون قادره على الصمود في وجه الجوائح يجب ان نصمم مدننا من منظور صحي كزيادة المساحات الخضراء في احياء المدن وتوفير حدائق علاجيه مثل التي لجئت اليها سنغافورة بغيه تحسين الصحة البدنية والنفسية للسكان اثناء الجوائح وللحصول عل التباعد الاجتماعي يمكن تخصيص المدن مساحات أكبر من شوارعها للمشاة واعتماد الاكتفاء الذاتي للحد من انتقال الفيروسات بين اسواق العالم عن طريق انتقال البضائع.

لتجنب ذلك يمكن توطين الخدمات بالمدن مثلما نجحت بعض المدن سابقا في اطعام الملايين من سكانها لإنقاذهم من الجوع في اوقات الازمات لاسيما في الحرب العالمية الاولى حيث زرع الامريكيون 20 مليون قطعه ارض امام منازلهم وخلفها وفي كل مساحة خضراء وأنتجوا تسعه ملايين طن من المحاصيل الزراعية سنويا. كما تعد المدن المتكاملة في تخطيطها مثل نموذج مدينه العشرين دقيقه وهي ضمان وجود كل ما يحتاجه المواطن من التسوق ومراكز الرعاية الصحية ومساحات للألعاب الرياضية على بعد 20 دقيقه فقط من مسكنه والحد من استخدام المواصلات العامة عند تفشي الجوائح، وعند تخطيط المدن مستقبلا على المخطط ان يوفر مساحات كافيه لسير الدراجات لتكون طرق بديله تساعد على التخلص من الاكتظاظ في الطرق الرئيسية.

قد يتبادر الى الذهن هل يجب علينا اعاده بناء المدن التي نعيش فيها من جديد وهذا غير ممكن ولكن الممكن اجراء بعض التعديلات عليها مثل زياده مرافق غسل اليدين وتجهيز الصرف الصحي والبالوعات وتقليل الازدحامات في شوارع المدن والعمل على زياده المساحات المفتوحة والخضراء وامتلاكها موارد تكفى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، هذه المدن ستصبح قادرة على مواجهة الاوبئة والجوائح من خلال اتخاذ تدابير وقائية، حيث اثبتت بعض المدن قدرتها لمواجهه الوباء مثل المدن الصحية التي تتبنى السلطات لها الوظيفة الحضرية واعتماد استراتيجيات حضرية.   ان اي مؤثرات صحيه وبيئية في المدينة تؤثر على الجميع حيث ان المدينة الصحية تعتمد مقومات تختلف عن غيرها مثل توفير الماء الصالح للشرب ، ايجاد نظام صحي للصرف ، والنظافة العامة والتخلص من النفايات، تنظيم المجتمع وتعبئته من اجل الصحة وتعزيز التعاون والشراكة بينه وبين مركز المعلومات المجتمعي، سلامة الغذاء وتلوث الهواء، التنمية الصحية، الاستعداد للطوارئ والاستجابة لها ، التعليم ومحو الامية ، التنمية والتدريب المهني وبناء القدرات ، التوزيع الامثل للسكان في المدن حيث  ان الكثافة السكانية تعد اهم عوامل انتشار الامراض  والاوبئة، ففي عام 2002 و 2003 كانت بؤرة تفشي وباء متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد في هونغ كونغ مجمعا سكنيا يعد من اكثر المناطق اكتظاظا بالسكان ، وتعد مدينة  ووهان التي ظهر فيها فيروس كورونا المستجد من بين المدن الأكثر كثافة سكانية في وسط الصين وتعد أيضا مدينة نيويورك اكثر المدن تضررا من فيروس كورونا المستجد اشد المدن اكتظاظا في الولايات المتحدة، كلما زادت مساحه المدن وعلاقاتها مع المدن الاخرى زاد انتشار الوباء. هذه هي أبرز معايير ومتطلبات الانضمام لمنظمه الصحة العالمية لتطبيق برنامج المدن الصحية والنهوض بالخدمات الصحية فيها. وفي الختام يمكننا تلخيص مما سبق بالآتي :-

1-  ان البشر انتهكوا الطبيعة وتسببوا في ظهور الجوائح.

2-  يجب التركيز على منع الامراض من الظهور في المرتبة الأولى عن طريق التعايش مع البيئة.

3-  لا نحتاج الى إعادة بناء المدن من جديد لتصبح قادرة على مواجهة الجوائح، لكن بعض التعديلات الضرورية قد تكفي للحد من انتشار العدوى.

4-  ستكون المدن أكثر استعدادا لمواجهة الأوبئة ما دامت اقل ازدحاما، وتضم شوارعها المزيد من المساحات المفتوحة وتمتلك من الموارد ما يكفل لها تحقيق الاكتفاء الذاتي .

5-  الاستجابة للازمات الطارئة كما الاهتمام للتخطيط المستقبلي.