اثر الثقافة العربية الأندلسية في الثقافة الأوربية

اثر الثقافة العربية الأندلسية في الثقافة الأوربية

 اثر الثقافة العربية الأندلسية في الثقافة الأوربية                                                    

                                                                                                                             

الاستاذ الدكتور صديق بتال حوران                                                                                                                                                                                     

 

 

     كانت الاندلس واسمها القديم ايبيريا خاضعة للإمبراطورية الرومانية ثم اجتاحتها قبائل القوط وأسسوا فيها دولة عاصمتها طليطلة وحكموا البلاد حكما ظالما فلما اشتد ظلمهم وضاق الشعب بهم ارسلوا الى المسلمين يطلبون الخلاص من هذا الحكم الجائر وتجمع المصادر العربية أن المراسلات التي كانت بين جوليان وموسى بن نصير منصبة حول قضايا الفتح والخلاص من شر لذريق. ولما تم الفتح الاسلامي لبلاد الاندلس اصبح التعايش السلمي بين الديانات الرئيسة في افضل  حالاته حتى بلغ الازدهار مداه في شتى نواحي الحياة.

   فكانت الاندلس مركزا لثقافة البلدان الاوربية قاطبة ففي الوقت الذي  كانت فيه الاندلس .شوارعها معبدة ومنيرة نرى شوارع اوربا محفرة تغطيها الاوحال وكانت اوربا تتخبط بالظلام الدامس وتغرق بالجهل والتخلف حتى قيل ان الاندلس سبقت اوربا بسبعة قرون ثقافية.

  لذلك انعكس هذا التطور على الحياة الثقافية الاوربية ففي مجال العلم نرى الاندلس تعج بالحركة العلمية فكانت جامعاتها العشر منارا يهتدي اليها طلاب اوربا الباحثون عن العلم فكانوا يأمونها بلهفة وشغف.

   وكان الخلفاء المسلمون يشجعون البعثات العلمية والثقافية بين الاندلس واوربا فارسلوا الوفود واستقطبوا البعثات من اجل نشر العلم وتبديد الظلام الاوربي .وتروي المصادر التأريخية أن اوربا أوفدت 700 طالب تقريبا من مختلف مناطق فرنسا وألمانيا وايطاليا لأنضماهم الى مدارس الأندلس وجامعاتها. وكانت المكتبات العربية العامرة في الاندلس مصدر جذب لطلاب اوربا فنجد المكتبة المركزية في العاصمة  قرطبة وحدها تضم اكثر من نصف مليون كتاب.في العلوم المختلفة  كالفلك والرياضيات و الطب والفلسفة والتصوف وكتب الادب واللغة  والتاريخ والجفرافيا   وغيرها .فضلا عن انتشار الترجمة بشكل كبير في البلاد الاندلسية.اسهم في  تعزيز سبل التواصل الثقافي والتلاقح الفكري .بين اللغة العربية واللغات الاخرى..فكان لها الفضل الكبير في دفع عجلة التقدم والتطور المعرفي .وبلورة فكرة التأثر والتأثير الثقافي.

    اما على المستوى الموسيقي فنرى الاثر الكبير الذي تركه زرياب ومعهده الموسيقي  في تعليم الموسيقى وفنون الرقص مما ادى الى انتقال الآلات الموسيقية إلى أوروبا وتعليمهم  السلم الموسيقي الذي كان يدرس في الاندلس.

    ولايخفى اثر الزخرفة والخط والتخريم على الخشب والنقش على الحجر والتعشيق على الزجاج ولاسيما في التصاميم العمرانية ذات الاشكال الهندسية المميزة وخاصة في قصور الحمراء وجامع قرطبة الكبير الأثر الكبير في تطور هذه الفنون في الدول الأوروبية.

  وعلى مستوى الفنون الادبية فنجد للموشحات والازجال التي تنظم على اوزان خاصة وبطريقة مختلفة عن بناء القصيدة التقليدية مما يناسب الغناء والايقاعات الراقصة الأثر الكبير في نشوء فن التروبادور في اوربا او ماتعرف بالفرق  المغنية  الجوالة في شوارع اوربا . وان ماوصل الينا مما نظمه وغناه شعراء التروبادور بلغ 2542 قصيدة. ألفها 350 شاعرا معروفا بأسمه وأختصاصه بهذا اللون الغنائي.فبدأ انتشاره في جنوب فرنسا وامتد مابين المحيط الأطلنطي في الغرب والحدود الايطالية في الشرق.  

 

  كل هذا وغيره الكثير يدلل على اثر الثقافة العربية الاندلسية في الثقافة الاوربية بشكل كبير جدا.