العدول عن القواعد في الدرس النحوي في توجيه الآيات القرآنية

العدول عن القواعد في الدرس النحوي في توجيه الآيات القرآنية

العدول عن القواعد في الدرس النحوي في توجيه الآيات القرآنية

م. محمود عبد اللطيف فواز الهيتي

كلية الآداب/قسم اللغة العربية

       تعد اللغة العربية من أشرف اللغات على الإطلاق إن لم تكن أحسنها إذ نزل بها خير الكتب على أعظم الأنبياء, وتفتقت على يديه جوامع الكلم, فباتت وسيلة تساعده على بسط أفضل وسائل التربية من أوامر الله ونواهيه من دون منازع؛ فتجلت عبقريتها في كلماتها وصياغتها في تراكيب بينت خصائص جمالها وكفاءتها العالية في تشقيق المعنى إلى معجمي ودلالي؛ فالكلمة لا معنى لها إلا إذا دخلت في سياق وادرِجت في نظم وعبارات مختلفة, فكل معنى بطابع جديد يفضيه السياق .

فالمقصود بالعدول عن القواعد النحوية هو الاستغناء عن القرينة النحوية التي لا يحسن الوصول بها إلى المعنى المراد في فهم والنص القرآني وتوجيهه, وإذا اعتمدنا عليها لا يأمن الوقوع في اللبس. وهذا لا يعني ترك القواعد النحوية والذهاب إلى المعنى, فلا ضير في إسقاط القرينة والذهاب إلى قرينة أخرى مكان القرينة المهدورة وإن تعذر ذلك فالتوجيه يكون عن طريق المعنى وإن كان المعنى جزءاً لا يتجزأ في فهم القاعدة النحوية وليس بخارج عنها, فهو مصاحب لها دائماً  فعمد قسم من النحويين إلى العدول حتى لا يتأولوا كثيراً وكذلك لا يقعوا في اللبس في فهم النص القرآني والابتعاد عن المبتغى الذي نزل من أجله.   

     ٍلذلك فالعدول من حرف إلى حرف آخر لغير معنى جديد لا وجه له, فالكلمة وإن تغيرت حروفها يبقى معناها في حدود تلك الكلمة ولكن حين تسلكها في نظم جديد أو في سياق جملة يتغير حالها فتخرج عن معناها الحقيقي إلى غرض آخر يكشف جماله السياق الذي وضعت فيه فتعطي  هذه اللفظة بانسجامها مع أخواتها ما لا تعطيه لوحدها من معانٍ أخرى؛ كذلك العدول عن المألوف في بناء الجملة العربية في موضوعات النحو وما يظهره التأويل النحوي  من مظاهر  سواء كانت  في الحذف أو في الزيادة أو التقديم والتأخير أو التضمين أو وضع المضمر موضع المظهر أو الحمل على المعنى واللفظ أو وضع المظهر موضع المضمر أو القلب أو الالتفات  أو غيرها من مظاهر التأويل النحوي الأخرى المتناثرة في كتب التفسير و كتب إعراب القرآن وكتب النحو التي أظهرها لنا علماؤنا أصحاب هذه الكتب وزينوا بها مؤلفاتهم.

وأخيراً نسأل الله تعالى أن يتقبل ما كتبنا وينفع به.