مقالات التدريسيين

جامعة الانبار

كلية الآداب – قسم الجغرافيا

ا.م.د.آمنة جبار مطر

  أهمية التحول الرقمي في القطاع الزراعي:

The importance of digital trans formation in the agricultural sector

الزراعة الرقمية :هي تلك الزراعة التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة البيئية لدعم تقديم المعلومات والخدمات للمزارعين في الوقت المناسب وتطويرها، لجعل الزراعة عملية مربحة ومستدامة اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا، وتقديم طعام آمن ومغذٍّ وبأسعار معقولة للجميع في الوقت ذاته.

وتبدو الزراعة الرقمية أمرًا لا مفرّ منه في المستقبل مع زيادة أعداد أحواض التخمير العملاقة التي تنتج الألبان، والجرّارات الذكية التي تعرف مكان وجودها في الحقول، وتقود نفسها في عمليات البذار والحصاد، واللحوم ذات القيمة الغذائية العالية المصنوعة من النباتات، وذلك مع تقليل كلفة الإنتاج باستخدام أجهزة الاستشعار وأنظمة الري الدقيقة الموفرة للمياه، فضلا عن توفير المعلومات الضرورية للمزارعين في الوقت المناسب باستخدام الحوسبة السحابية والتطبيقات الذكية، إذ يتلقى المزارعون توصيات سهلة الاتباع للري، واستخدام المبيدات والتسميد وغيرها من الممارسات الزراعية المستعملة لتحسين المحصول، وزيادة كميته مع توفير كبير في التكاليف المادية.

الزراعة الرقمية تحمي البيئة:

وفضلا عن التوفير الكبير في الأموال وزيادة الإنتاج، فإن الزراعة الرقمية تسهم بوجه فعال في حماية البيئة، إذ تعدّ الزراعة التقليدية من أكبر مصادر التلوث، وخصوصا انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ساهم سلبا في تغير المناخ على مستوى العالم.

وحسب دراسة أعدّتها المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، يساهم نظام الغذاء العالمي، من تصنيع الأسمدة واستخدامها في تخصيب التربة وصولًا إلى تخزين المواد الغذائية المنتجة وتعبئتها، في أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية (GHG).

في حين قدّر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه إذا استخدمت 15-20% فقط من المزارع الموجودة في العالم تقنيات الزراعة الرقمية فإن نسبة إنتاج الغذاء في العالم ستزيد بنحو 10-15%، وستقلّ الانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة بنسبة 10%، وسيتم توفير 20% من كمية المياه المستخدمة في العمليات الزراعية.

وتسهم هذه العوامل جميعها في الاستعمال المتزايد لتقنيات الزراعة الرقمية في شتى أرجاء العالم، وهذه التقنيات ستكون هي السائدة في القطاع الزراعي في المستقبل القريب.

الزراعة الدفيئة تستحوذ على حصة الأسد:

واستحوذ قطاع الزراعة الدفيئة على أكبر حصة في سوق الزراعة الرقمية العالمية عام 2020، ويستخدم الناس الزراعة الدفيئة لزراعة جميع أنواع المحصولات النباتية.

ويعدّ مشروع إيدن (Eden project) أكبر مشروع للزراعة الدفيئة في العالم، ويضم أكثر من 100 ألف نبات من أكثر من 5 آلاف نوع مختلف، تُزرع باستخدام التقنيات الرقمية وآخر ما بلغته التكنولوجيا الزراعية في العالم. وأسهمت القدرة على الزراعة في البيوت المحمية وعلى زراعة محصولات متنوعة خارج بيئتها الطبيعية إلى حد كبير في تحقيق أكبر حصة سوقية للقطاع في سوق الزراعة الرقمية العالمية.

سوق الزراعة الرقمية العالمية:

وتسيطر أوروبا على سوق الزراعة الرقمية في العالم الآن، تليها أميركا الشمالية، فضلا عن بدء انتشار أساليب الزراعة الرقمية في الشرق الأوسط وأفريقيا وبعض دول أميركا اللاتينية.

وتعدّ هولندا الدولة الرائدة في هذا المجال، فهي تمتلك أكبر مزارع العالم الرقمية، وتسيطر على أكثر من ثلث تجارة بذور الفواكه والخضراوات العالمية، وتعدّ أكبر مصدر في العالم للبطاطا والبصل.وتعدّ "جامعة واجنجنينج" (Wageningen University & Research) (WUR) الجامعة الرائدة في العالم في مجال البحوث الزراعية، وهي القوة الدافعة وراء تصدّر هولندا الزراعة الرقمية في العالم.كما تدعم المفوضية الأوروبية تبنّي أساليب الزراعة الرقمية في دول الاتحاد الأوروبي من خلال برنامج "هورايزون" (Horizon) الذي تبلغ تكلفته 90 مليار دولار أميركي.وإذا أضفنا إلى هذه العوامل توفر أحدث التقنيات، والبنية التحتية االقوية، وسلسلة التوريد المتطورة، وتوفر الأموال المخصصة للبحث والاستثمار في هذا الميدان فإننا سنفهم سبب تسيّد أوروبا وحصولها على حصة الأسد في سوق الزراعة الرقمية العالمية في العام الماضي 2020.