د. نهى رمضان علي

د. نهى رمضان علي

الدَّرْس البيداغوجيِّ بَيْن التَّنْظير والتَّطْبيق

  د. نهى رمضان علي

كلية الآداب/ قسم اللغة العربية.

بِالنَّظر لِأهمِّيَّة التَّوجُّه لِلدِّراسات التَّطبيقيَّة داخل الحقل الأدبيّ والنقديّ، ولتشجيع الطَّلبة على الممارسة الفعليَّة داخل الدرس الأكاديميّ بما يتلاءم وأهمية التَّوَجُّه إِلى التَّعَلُّم التَّعاونيِّ؛ جاءت فكرة كتابة هذا المقال مع مُلخَّص لِدراسة تطْبيقيَّة من مادة تحليل النص الأدبي في (الدرس البيداغوجيّ).

   والبيداغوجيا لغة: عِبارة يُونانيَّة الأصل، تتكون من كلمتين: (péda) وتعني الطفل، (agogé) وتعني القيادة والتوجيه والتأطير.

أما من ناحية الاصطلاح: يُعدُّ الوقوف على تعريف واضح لمصطلح البيداغوجيا من الأمور الصعبة، وذلك لتداخله مع مصطلحات متعددة، مع تعدد النظريات التي خرج بها علماء البيداغوجيا. وما يَعْنِينَا في هذا المقال تعريفاته التي تأخذ بُعداً أكاديمياً تَعْلِيمِيًّا.

فالبيداغوجيا: هي مجموع النظريات التي تهتم برسم طريق المعلم لتحقيق ناجعة التواصل بينه وبين المتعلم، وتحقيق الغاية من التعليم ألا وهي إيصال المعرفة وتحقيق التعليم الصحيح للمادة المدروسة. لذلك فإن مصطلح البيداغوجيا اليوم تم تطبيقه في مجال التعليم للدلالة على والتَّأْطير لِلْمتعلِّم أو الدَّارس.

أما البيداغوجيا في بُعدها التطبيقي يعرفها د. أحمد الفاسي: هي تلك الحركة والنشاط التفاعلي الذي يكون داخل الفصل بين المعلم والمتعلم، وهو أسلوب ملموس وعملي، ويختلف من معلم لآخر وذلك حسب قدرة المعلم على تحويل معرفته البيداغوجيا من موقع النظري إلى التفعيل والتطبيق. وهناك عدة تعريفات تناولت هذا المفهوم مع تنوع دلالته وأنماطه.

وقد اختصر رأفت عبد العزيز تعريفه للبيداغوجيا في النقاط الآتية:

_ البيداغوجيا هي مجمل الاستراتيجيات التي يتبناها المعلم في سبيل الإرشاد وتبسيط المادة المدروسة للمتعلم.

_ البيداغوجيا هي كل فعل أو نشاط يقوم به المعلم داخل الفصل للرفع من المستوى المعرفي للمتعلم.

_ وظيفة البيداغوجيا أساساً هو خلق أساليب وطرائق تيسر عملية التعلم.

ولتطبيق الدرس البيداغوجي مارسنا أُسسُه داخل الصف الأكاديمي من مادة (تحليل نص أدبي) لمجموعة من طلبة المرحلة الثالثة/ قسم اللغة العربية في كلية الآداب/ جامعة الأنبار. وتهدف الدراسة إلى تنمية الذائقة الأدبية لدى الناشئة وطلاب المراحل الأولية في الجامعات من أجل ثقافة أوسع، وبما يحقق درجة عالية من التفاعل بين الطلبة وأستاذ المادة.

    وتتلخص مهمتي في هذا الدرس بالجمع بين الأسلوب التدريسي في الترويج لما يسمى بالتعلم الذاتي من خلال تحفيز الطلاب على تطوير مهاراتهم في التفكير النقدي والتعبير الأدبي والاحتفاظ بالمعرفة التي تُؤمن لهم تحقيق ذاتهم، وبين أسلوب التدريس المُهَجَّن عن طريق اِتِّباع نَهْج تدْريسيٍّ مُتَكامِل يُدْمِج ما بين كل من شخصية المُدرس وما يهتم به؛ مع ما يحتاجه الطلاب وما يناسبهم من أسلوب تدريس يتوافق مع طبيعتهم.

والنَّصُّ المعتمد في هذه الدراسة للشاعر أوس حسن، شارك في تحليله (27) سبعة وعشرون طالبًا اخترنا عشر مُشاركات مُتَميزَة لِقياس دَرجَة التَّفاعل ودرجَة الذَّائقة الأدبيَّة؛ على أنَّ بَقيَّة المشاركات لا تقل أهمية في تفاعلها مع الدرس البيداغوجي سيتم منحهم فرصة المشاركة الأكثر فعالية في التطبيق الآخر(الديداكتيك) بما يحقق فرصة التنافس بين الطلبة.

أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:

1_ جميع الأوراق التي قدَّمهَا الطَّلَبة مَقبُولة بِالدَّرجة التي تصب في مصلحة الدرس البيداغوجي وما يتلاءم وخطوات تحليل النص الأدبي.

2_ الطلبة مارسوا تحليلهم للنص دون قيدٍ أو شرط، وبحرية تامة وهي فرصة لقياس درجة الذَّائقة الأدبيَّة لديهم التي تعتمد بالدرجة الأساس على المعرفة والثقافة.

3_ اعتمد الطلبة أساليب مختلفة في التحليل تراوحت بين الشَّرْح اَلمُبسط والتَّحليل الأسلوبيِّ والبنيويِّ، والسِّياقيُّ، والنَّسقي. فما بين التركيز على العاطفة والأفكار واللغة والأسلوب والصورة، جاءتنا هذه الورقات، وهي من مرتكزات التحليل الأدبي للنصوص.

4- الغاية الأبرز في الدرس البيداغوجي تحقيق التفاعل بين المعلم والمتعلم داخل الدرس، وهذا ما نلحظه في تفاعل الطلبة مع المادة المدروسة ومع النص بدرجة كبيرة.

5_ إضفاء روح التنافس بين الطلبة عن طريق التقييم الإيجابي للورقة الأبرز بما يحقق الهدف من الدرس البيداغوجي في جذب الطلبة لتلقي المعرفة.

6_ أخيرًا أقول: عن طريق ما قدمه الطلبة من أساليب في التَّحْليل وَمدَى إِبْداعهم ومشاركتهم الفعَّالة دَاخِل الدَّرْس، وجدتُ من بينهم من يملك ذَائِقة أَدبِية جيدة، ورؤية عميقة يستطيع عن طريقها سَبْر أَغوَار النُّصوص مِمَّا يُنْبِئ بِوجود كُتّاب ونقَّاد مِن بَينهِم في المسْتقْبل.

 

*لتفصيلات أكثر: أنظر: أصول التربية المعاصرة، رأفت عبد العزيز البوهي، العلم والإيمان للنشر والتوزيع، 2019.

*أنظر: البيداغوجيا pedagogia، د. أحمد الفاسي، جامعة عبد المالك السعدي، المدرسة العليا للأساتذة تطوان.