أ.د. نبيل جاسم محمد

أ.د. نبيل جاسم محمد

وثيقة عهد أهل الانبار: اتجاه جديد نحو ادارة الازمة

The Document of  the People of Anbar Covenant: A New Direction in Crisis Management

أ.د. نبيل جاسم محمد

قسم الاجتماع/ كلية الآداب/ جامعة الانبار- العراق

Nabeel.j1976@uoanbar.edu.iq

 

   بداية عام 2016 بدأت مرحلة جديدة من التفكير المنطقي والعقلاني لمرحلة ما بعد النزوح وعودة اهل الانبار الى مناطق سكناهم, ومعها بدا يساور صناع القرار والقيادات المحلية نوع من القلق المشروع والتوتر والخوف من قادم الايام, وماذا سيحصل في ظل هذه المرحلة الجديدة؟ وبدأت تراود الاهالي تساؤلات مخيفة عدة, فهل ستشهد المحافظة حمام دم؟ ام صراعات عشائرية؟ هل سيكون الصراع بين ابناء العشيرة نفسها؟ ام بين عشيرتين واكثر؟ وهل سيستمر مسلسل القتل والتهديد والابتزاز وتهديم المنازل؟ هل سندخل مرحلة تهديد التعايش الاهلي والسلم الاجتماعي في الانبار؟ هل سنشهد حرب دموية اكثر خطورة من تداعيات التهجير نفسه؟ وما هي الحلول؟

  وعلى هذا الاساس بدأت القيادات المحلية من شيوخ عشائر وعلماء دين واساتذة جامعيين ورجالات المؤسسة الامنية والقائمين على ادارة المحافظة بالبحث عن حلول لهذا الازمة واجابات للتساؤلات سالفة الذكر, وتوصل الجميع ومن خلال لقاءات ونقاشات, ان الحل في ادارة الازمة وتحويل الصراع الى سلام يكون من خلال استراتيجيات مكتوبة ومتفق عليها بين جميع الاطراف, وبالفعل تم اعداد وثيقة اطلق عليها في بداية الامر ب ( وثيقة الشرف) ثم تغيرت التسمية لاحقا الى ( وثيقة العهد) او ( وثيقة عهد اهل الانبار), وهي مجموعة من المواد والقرارات التي ارتكزت على منظومة قيمية وثقافية كضابط غير رسمي للسلوك الفردي والاجتماعي ومتفق عليها من جميع العشائر الانبارية, تهدف الى مواجهة مهددات التعايش السلمي.

   وبالفعل بدأت مخرجات وثيقة العهد تظهر من خلال الالتزام العشائري والفردي, وتحددت مراكز وسلطة وادوار القيادات المجتمعية لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم, وهذا ما عزز ورسخ قيم المواطنة على حساب الولاءات الجانبية ان كانت مناطقية او عشائرية او حزبوية ...الخ.

   لتبدا مرحلة جديدة في عهد الانبار الجديد على المستوى العمراني والاجتماعي والثقافي والعلمي, سيما وان هناك تلازم سببي بين الامن والتطور, ومعها ظهرت انماط علاقة متميزة وجديدة بين الاهالي ورجالات الامن لكسر افق الصورة النمطية للعلاقات السابقية بين المواطن والقوات الامنية, وشعر الجميع بحجم المسؤولية الاجتماعية ( معلم- مدرس- بقال- سياسي- موظف- اساتذة- عمال....الخ), ولهذا اصبح التعايش والسلم الاهلي والامن والاستقرار اهم الخصائص والسمات التي تميز بها المجتمع الانباري, وتجربة نموذجية يمكن ان تطبق على المجتمعات المحلية التي تعاني من النزاعات والصراعات.