جـوع المعرفة

جـوع المعرفة

أ.د. محمد عويد محمد الساير

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية / حديثة

هناك حيث أمكنة اللقاء العلمي الموحد بانت صفوف الدراسة الإلكترونية في وقت عزّ على الجميع أن قدراتنا ومؤهلاتنا لن تكون في هذي التجربة إلا كسراب بقيعة يحسبه الضمان ماء . كان صديقي وأخي الروحي الأستاذ الدكتور حليم حماد سليمان معي في كل صغيرة وكبيرة بما يخصُّ جوع المعرفة الالكتروني هذا ، في أية ورشة أو ندوة أو ملتقى علمي يخصُّ وسائل التعليم الإلكتروني في زمن ندر فيه الصاحب الوفي والمِعاون الجاد . نبكي بلا دموع ، ونتنفس جوع العلم ونبلعه الذي اصبح بعيد المنال نوعاً ما !

كان ذلك الوقت يذكرني بماس ومصائب القرن الماضي حين كنت طالباً في مرحلة البكالوريوس أو حتى في الدراسات العليا فيما بعد ، جوع في جوع وألم في ألم وشكوى في شكوى ويسر الله العظيم وحده أن أكون في الصف الأول في التفوق والنجاح والحمد لله تعالى على الرغم من الظروف القاسية الصعبة المؤلمة التي كنا نعيش فيها وكان البلد يعيش فيها آنذاك . فُسد رمق الجوع العلمي المعرفي  وافتخر الجميع بي وبما أنجزت ...

جوع آخر وجّه إلينا قانونياً رسمياً هذه المرة ... فهل حُقّ لنا الهروب ؟ ولا نثبت التفوق المعهود علينا ، المشهود فينا . هذا جوع معرفي آخر  كان الاصرار السابق على النجاح والتفوق أمام أعيننا التي اكتحلت بحزن عميق ظنّ الجميع أنه لن يغادرها . رابطة الجأش وكبر العزيمة وعلو الهمة شعارات رُفعت من أجل هزيمة الجوع المعرفي الجديد . وكان الانتصار ولم نكن نتوقع ما حققناه أبداً!! فكانت المهمة كبيرة وبالغة الخطورة وأنت محطّ أنظار الجميع ولا سيما انظار المسؤول ومرقبته. ليل حالك السواد وضح النهار ، غُشيت العيون وكُممت الافواه عن الضحك وبقيت حسرات ذلك الجوع في شرايين الروح والجسد عتية الشبع والقوة والمنعة . وبعد عامين من العمل وضحت رايات النصر وبانت بوادره بعد نهاية الفصل بنجاح وتميّز في الاختبارات الشهرية، وفي الاختبارات النهائية كانت الطاولة الكبيرة التي جمعتنا لأداء المهام في اللجان الامتحانية ملؤها التفاؤل وبادية عليها سمات النجاح بعد أن تعلّم الجميع واصبح الأمر مشاعاً علماً وعملاً بين الكل حتى من الطلبة في مراحلهم الدراسية المختلفة، هرب الجوع منا معرفياً ثقافياً ، ونجح العلم وارتفعت رايات الفرح الغامر بالنجاح من الكل . غنينا الأنشودة السيابية واماديح الجواهري لهذا البلد وما فيها وتواصلنا بهمم المتنبي الكبيرة في علو شموخ الذات وتفوقها على الصعاب ومنها ذلك الجوع الحياتي ، وقرناه بجوعنا المعرفي .

أيها المتفان في خدمة هذا العلم إليك تحية هذا العلم ، وتحية لقمات السعادة الهانئة لذلك الجوع الذي ولَى بلا أوبة ... وفاز باللذات من كان جسورا.