الأسلوب الساخر... وتشظّي المكان ، أشعث .. أغبر انموذجاً لتطبيق النقد.

الأسلوب الساخر... وتشظّي المكان ، أشعث .. أغبر انموذجاً لتطبيق النقد.

أ.د. محمد عويد محمد الساير

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية / حديثة - جامعة الأنبار.

 

يُعجبني  جداً هذا الشاعر   والأديب والناقد والأستاذ الجامعي الدكتور أحمد جار الله ياسين في كتاباته المتنوعة ، فهو الباحث في التراث الموصلّي العريق في المدينة والفكر والشخصيات ، وهو الناقد في الأدب الحديث والشعر المعاصر اللذان يجمعان في نقدهما المناهج النقدية المتنوعة ، والفنون والعلوم المختلفة التي يفيد منها صاحب النص الشعري ، المبدع طبعاً. ولعلَّ من تلكم الفنون والعلوم الصحافة والسينما والمسرح والرسم والتشكيل ، وهذه كلها برع فيها الدكتور الناقد أحمد وأبدع فيها عبر كتاباته ونتاجاته الأدبية التي تشمل  الأجناس والفنون الأدبية الكثيرة من القصة القصيرة جداً، والمقالة ، والبحث العلمي النقدي التطبيقي ... فضلاً عن نظم النصّ الشعري.

الأسلوب الساخر الذي يتمتع به الناقد الأديب أحمد جار الله ياسين يأتي من نظراته الثاقبة في آلية الكتابة للنص الأدبي ، وتقاناته هذه الآلية من العنوان إلى آخر طلقة ؟! فالنص الأدبي الساخر ما هو إلا هموم مباحة من خلف هموم المجتمع . نعم ربتما يقصد الترويح والإمتاع إلا إنه وفي الكثير من عناوينه ومضامينه آهات  الكاتب وويلات الزمن وصرخات الوجع للمكان والشخوص والأحداث.

الناقد لأسلوب القاص أحمد جار الله ياسين الساخر الساحر في مجموعته القصصية القصيرة جداً ، والتي اختار لها عنواناً يجمع بين الحديث النبوي الشريف وشخصية الكاتب ، وعناوين العتبات الفرعية التي احتجنتها هذه المجموعة القصصية  ، يراه ناقداً ساخراً من زوايا عدة ، ومن وجهات نظر فكرية كثيرة لا تخلو من الفلسفة والاجتماع ومن النظر إلى أبجديات المسرح أو الصحافة أو السينما. وهذه الثقافة الموسوعية الكبيرة التي يتمتع بها الكاتب والناقد والقاص والمقالي الأديب أحمد جار الله ياسين .

في فن القصة القصيرة جداً ، والذي يميل كثيراً إلى التكثيف والإيحاء ، يقوم هذا الفن على الاختصار غير المخل ، فما بالك في استعمال الأسلوب الساخر في الكتابة والعنوان والوظيفة في مثل هذه المجموعة (المجموعات) القصصية القصيرة جداً عند القاص أحمد جار الله ياسين.

المجموعة القصصية القصيرة جداً  عند  صاحب الأسلوب الساخر الساحر أحمد جار الله ياسين في العتبة المركزية الرئيسة الأولى : أشعث .. أغبر ، هي تحتجن ثلاث مجموعات قصصية طُبعت بغلاف سيمائي دلالي واحد . وهذه المجموعات الثلاث وبحسب تسلسلها داخل العتبة المركزية الرئيسة الأولى :

-        المجموعة الأولى ... (أشعث .. أغبر)، وكٌتبت بين عاميْ  2019- 2021.

-        المجموعة الثانية ... (حروب سرية )، وكٌتبت بين عاميْ  2000- 2013.

-        المجموعة الثالثة... (سندباب)، وكٌتبت بين عاميْ  2015- 2018.

وهذه المجموعات القصصية القصيرة جداً تحوي الفكرة الموجزة ، واللفظ الساخر الذي يتبناه الكاتب وصاحب القصة ، وهو الأسلوب المميز المجيد عند الكاتب أحمد جار الله ياسين الذي تعمّق فيه كثيراً وكتب فيه كثيراً، بل وربما انماز به حتى في شخصيته الاجتماعية الإنسانية ، إذ هو ظريف خفيف الظل والكلام، ودودٌ عند الجميع بشهادتهم.

عن الأسلوب الساخر ... وتشظي المكان عند الناقد أحمد جار الله ياسين في مجموعته القصصية القصيرة جداً ، وفيما يخصُّ العنوان تحديداً ، قلتُ :

·    أشعث .. أغبر . هذا العمق الديني يرمز إلى الحديث النبوي الشريف الصحيح المعروف : ( ربّ أشعث أغبر ....).

وهو يشير إلى : الكاتب ---- نفسه.

                         الزمن ---- المعيش للكاتب ، وللشخصيات في جسد القصة.

                        المكان : ---- تابع للشخصية الأولى --- الكاتب .

                           الزمن للشخوص الأخرى --- فصلاً عن الكاتب.

المكان في سيمائية العنوان يتشظى إلى قناع مكمم الفم ...؟! نعم لا اتكلم ... لكن .. لماذا؟! خطاطات تشكيلية ، وكاتب القصص القصيرة جداً هذا رسام بارع وتشكيلي بامتياز ، هذه الخطاطات بجسد مهمش للوجه في غلاف الكتاب ، الواجهة الأولى . الألوان الداكنة لهذه الواجهة تشير إلى ألوان الجسد والتراب ، دلالة الأشعث الأغبر هذا (كلكم لآدم وآدم من تراب). تخاطيط زرق وبنفسج ومستقيمات متقاطعة ذات اتجاهات متعاكسة طولية عرضية تدلُّ على عمق هذه المعاناة عند ذلك الأشعث الأغبر وتقاطعها مع المكان المعيش – الوطن – الذي هو جلُّ اهتمام الأديب في طرح قضاياه الاجتماعية والثقافية والسياسية حتى بأسلوبه الساخر الساحر هذا .

إذا ذهبتُ إلى الأسلوب الساخر الساحر عند القاص أحمد جار الله ياسين في مجموعاته القصصية القصيرة جداً هذه ، رأيت تشظياً للمكان بأنواعه في عتباته النصية الفرعية للعنوان الفرعي الثانوي في قصص هذه المجموعات ، وربما يبدو هذا التشظي للمكان وأنواعه واضحاً مبيناً في مجموعته القصصية الثالثة (سندباب).

ومن أمثال ذلك في العنوان ودلالته ووظيفته من وجهة نظر التشظي للمكان وانواعه ودلالاته ، عنوان قصته القصيرة جداً : (بيت) . الأسلوب الساخر عند القاص يتشظى إلى دلالتين متضادتين هما:

·       الألفة  والعداء .

·    الحياة (البيت) ،  والممات (القبر).  وأحسن القاص كثيراً في استعمال "البيت" ، المكان ذي الدلالة الاجتماعية في دلالة الألفة والوداد ، كما أحسن أيضاً في "القبر"  المكان ذي الدلالة العدائية ، بشكل يوتيوبي متخيل من خلال مشاعر ذلك الطفل الحالم بأبيه الذي ربما يعود يوماً مستيقظاً من قبره ليقبّله ... ولكن هيهات هيهات ...؟!

القصة القصيرة جداً بيت بتنكير اللفظة تصحُّ دلالة ومضموناً مع أي طفل من أطفال بلدنا، قُتل أبوه بلا سبب ، وبقي البيت بلا سند أو راعٍ بلا سبب أيضاً؟! كما بقي هذا الطفل يغالب الحياة ، وقد فقد كل شيء جميل في حياته وإلى الأبد ...؟!

(بجانب قبر أبيه الشهيد ، كان الطفل يلعب). أشعث .. أغبر ، منشورات اتحاد الأدباء والكتاب ، بغداد، ط1، 2022، ص 15.

ومثل هذا التشظي في الأسلوب الساخر مع المكان عند القاص أحمد جار الله ياسين ، ما نلحظه جلياً في مجموعته القصصية القصيرة جداً الأولى من بين مجموعاته، عنوان قصته (مدرسة). المكان العلمي الحضري في العنوان الفرعي يتشظى إلى دلالة ساخرة بهذه الراقصة التي ترفع العلم ، وتنحني له خشوعاً واحتراماً بعدما عجز عن فعل ذلك الباقون من أصحاب الوطنية العالية ، والوفاء النفيس للبلد؟! الأسلوب الساخر في القصة القصيرة جداً هنا يتمحور منذ العنوان الفرعي وتشظي المكان لينتقل إلى الأم وإلى التعالق النصي مع بيت شاعر النيل أحمد شوقي بك في مهمة الأم – المدرسة – ووظيفتها ، حكاية الراقصة العارية تنبت هذه المهمة باضطرار طبعاً ، بعدما تلاشى أثر المدرسة وأثر المرأة الحقيقي في المجتمع ، فكيف كانت... وكيف أصبحت ؟!

(انتهت الراقصة من أداء فقرتها بالرقص الشرقي على أكمل وجه، ونالت تصفيق الجمهور في المهرجان، وتكريمها بدرع الإبداع ، وجائزة أفضل عرض راقص، وأجمل ثوب راقص، وأرشق خصر ، وفي ختام المهرجان رفعت علم البلاد عالياً على كتفيها العاريين، العلم الذي عجز عن رفعه الساسة والجنود والأدباء والعلماء والرياضيون في المحافل الدولية .....). أشعث .. أغبر : ص17.

ومثل هذا التشظي في الأسلوب الساخر باستنطاق دلالة المكان وجلب وظيفته إلى وظائف القصة القصيرة جداً عند القاص أحمد جار الله ياسين ، ما جاء مع آلية الحوار في قصته (مدرسة الملك) . إذ تفصح القصة القصيرة جداً هذه عن أسلوب ساخر يتشظى والمكان من خلال حوار داخلي مباشر بين طفلين أحدهما صغير والآخر يكبره في دلالة نسقية واحدة في المشاعر والأحاسيس تكتنزها آهات القاص وهمومه في التشكيل والتعبير عن المدرسة --- المكان ، وعبر الشخصيتين (الطفلين الصغير والكبير)، ليصل إلى ترك المدرسة وحديقتها، وهي الوطن بما فيه من فراشات وخيرات كثار ليذهبوا إلى الشوارع فهي أفسح لهم ، وأكثر ضياعاً لأجيالهم.

(الطفل الصغير : لماذا تكثر الدبابات وتقل المراجيح في بلادنا؟

الطفل الكبير : لأننا نمتلك حدائق واسعة وكافية في البلاد.

الطفل الصغير : ولماذا نمتلك  الحدائق؟

الطفل الكبير : لأن الملك يكره الفراشات فيها .

الطفل الصغير : ها .. الآن فهمت لماذا تقتل معلمة العلوم الفراشات بقسوة في حديقة المدرسة بحجة تجفيفها في المختبر ...

الطفل الكبير : هل تعلمُ أن المعلمة من حزب الملك؟

الطفل الصغير : لا أريد أن أعلم .. لأني سأترك المدرسة بسببها.

الطفل الكبير : وانا أيضاً تركتها قبلك بسببها . ). أشعث .. أغبر : ص30.

وإذا انتقل إلى المجموعة الثانية من هذي المجموعة القصصية القصيرة جداً ، والمعنونة عند كاتب قصصها الساخر الساحر أحمد جار الله ياسين (حروب سرية)، لم أكد أخرج عمّا قدمته من تفاصيل تشظي المكان ومعاونته المحمودة للأسلوب في طرح قضايا الكاتب وهمومه الشخصية وتبعاته إلى المتلقي الكريم . ومن تلكم القصص القصيرة جداً عند القاص أحمد  في مجموعته هذه ( بين الرصافة والجسر). تبدو عتبات المكان في الجسر والرصافة ضفة النهر الأولى أو أحد ضفتيه متشظية لهذه الطفلة (نورا) التي وصفها القاص أحمد وصفاً دقيقاً حتى في سنّها الجميل المتفائل بالحب المغري بالجمال الذي يلهث خلف الرجال في أيَ سنٍّ كانوا . وقد كثروا وهي لا علم لها بذلك ؟! والرصيف والكعب للحذاء تشظياً آخر للمكان بدلالته الساخرة عند القاص... ولكن مَن هم الرجال المغرمون بحبّ هذه الفتاة يا ترى ؟؟؟

وأية نورا أُغرموا بها؟؟

ومن أين كانت ؟؟

وما عملُها؟؟

( كانت نورا آخر صبية جميلة نلمحها ، يخلو وجهها من التشويه ، رشيقة بفستانها الغجري الملوّن ، لعوب، وهي تركض بعامها الثامن عشر النحيل، تقفز مثل المها وسط ما تبقى من الأنقاض التي خلّفها القصف في الشوارع. كعب حذائها العالي مرميٌّ على الرصيف ، تلوحُ التماعته من بعيد وسط الدخان، بعد المشاجرة من اجلها بين (35) رجلاً من المغرمين بها .. من دون أن تدري بذلك ..). أشعث .. أغبر : ص69.

وامّا عن المجموعة القصصية الثالثة عند القاص أحمد جار الله ياسين  التي جاءت بين العنوان الموحّد لمجموعاته القصصية القصيرة جداً ، (سندباب) ، فشملت قصصها كثيراً من تشظي المكان بأنواعه وانماطه ودلالاته، وبأسلوب ساخر مشوّق ساعد القاص في البوح عن ما يريد إلى المتلقي. ومن بين تلكم القصص القصيرة جداً التي حملت تشظيّاً للمكان بأسلوب ساخر قصته ( محطة خلف منضدة ). إذ تطرح هذه الغرفة ... أقصد هذه القصة القصيرة جداً قضية العنوسة وتأخر الزواج عند النساء . والغرفة المكان الضيق المغلق يتشظى إلى أحلام هؤلاء النسوة وواقعهن، وتبدو الأخيرة الأكثر بؤساً وشقاءً بينهن بسبب فوات قطار العمر من محطته الأخيرة، ومثلها اليوم كثير وكثير مفرط في المجتمع العراقي والعربي . بل ويكثرن ويكثرن بلا رقيب أو مهتم؟!؟!

والتشظي للمكان في هذه القصة عرّج على الشخوص في مبنى حكائي مزدهر بالجمال وبأسلوب القاص نفسه ، فيا لها من أهداف حققته القصة والمكان والأسلوب.

(في الغرفة خمس نساء ..الأولى متزوجة ولها طفلان.. الثانية متزوجة فقط.. الثالثة مخطوبة حديثا .. الرابعة تعيش قصة حب رومانسية جدا.. الخامسة أكبرهم سنا .. تنتظر قطارا ما منذ أربعين عاما .. لعله يمر بالغرفة .. ). أشعث .. أغبر : ص 110.

ومن تلكم القصص القصيرة جداً مما تشظى المكان بأسلوب ساخر يهدف مضامين القاص أحمد جار الله ياسين في مجموعته هذه :

-        عصفورة : ص114.

-        غابة : ص118.

-        تبن : ص119 .

-        غرق : ص122 .

-        اسفنج : ص124.

-        آخر البيوت : ص126.

-        بائع الوطن : ص133.

-        حشيش : ص136.

-        مطر : ص139.

-        الناي والقطيع : ص141.

إذا فتشتُ عن هذه البراعة والدعابة في جسد القصة القصيرة جداً عند القاص أحمد جار الله ياسين ، بأسلوبه الساخر واستعمالاته للمكان متشظياً ، أميل إلى قصته القصيرة جداً (طائر). هذه القصة تتشظى بينة وجسداً مع المكان بشكلٍ ملفتٍ للنظر . النص القصصي وآليته أبت إلا استنطاق المكان بهذا الشكل وعلى النحو الآتي :

·       مظاهر الطبيعة الحية (المتحركة) ----- الطائر.

·       مظاهر الطبيعة الثابتة (الجامدة)----- الجبل .

·       مظاهر الطبيعة الزاهية ---- الربيع.

·       مظاهر الطبيعة الفلكية ---- السماء وما فيها.

(حكموا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لأنه انتقد سياسة الملك، وخصصوا له جبلاً لتكسير حجارته، وبعد أربعين عاماً من العمل اليومي الشاق، اكتشفوا أنه كان ينحت من الجبل طائراً عملاقاً ، نفض عن جناحيه الغبار في صباح ربيعيٍّ ، وحلق عالياً في السماء وعلى ظهره عجوز من سجناء حرية التعبير ). أشعث .. أغبر : ص9.

وتقرب قصته القصيرة جداً (جذور الزقزقة ) كثيراً في الدلالة للمكان وتشظيه على باقي عناصر القص ، وإلى الأسلوب الساخر في استنطاق هذا التشظي بين دالات العناصر القصصية تلك ، ولاسيما في مظاهر الطبيعة بأنواعها ومسمياتها من قصته القصيرة جداً (طائر). ينظر: أشعث .. أغبر : ص19.

وأما في قصته القصيرة جداً (بدائية)، وهي من المجموعة الثانية التي ضمتها مجموعاته القصصية الثلاث ، تتشظى القصة القصيرة جداً هذه إلى المكان من خلال الشخصيات ولاسيما الشخصيات التراثية الفكرية الكبيرة التي تركت بصمتها الثقافية في المجتمع العالمي، وليس المجتمع المحلي للكاتب أو العربي فحسب. والمنحى الاجتماعي للمكان المشظى داخل جسد القصة الحكائي عبر :

سوق الأربعاء ---- السوق الشعبي الموصلي .

البالة ------- الملابس المستعملة ومن يبتاعها .

تتمحور القصة بأسلوبها الساخر الساحر وتشظيات المكان الاجتماعي فيها إلى دلالات أوسع في وصف الفقر وشظفه الذي يعيش فيه المجتمع العراقي في الموصل وغيرها. ومن هنا حظيت القصة بتمازج التراث والمعاصرة، والشخوص والمكان، والأسلوب والنقد لتكون من القصص المهمة التي تطرح قضايا المجتمع العراقي بما فيه بأسلوب ساخر مشوق.

(غادر صديقي غوغان إلى تاهيتي ، وغادرت أنا إلى البيت ، وهكذا افترقنا. وبعد سنوات التقينا ثانية على الرصيف ، قرب سوق الأربعاء، حيث رأيته مبتسماً في إحدى مجلات الرسم القديمة، تحيط به وبلوحاته الحسناوات التاهيتيات بملابسهنّ البدائية . اشتريت المجلة مبتسماً وغادرت الرصيف مخترقاً ملابس (البالة) التي كانت عرباتها تحيطني من كل جانب).   أشعث .. أغبر : ص75.

((غوغان : فنان تشكيلي فرنسي .

سوق الأربعاء : سوق شعبي في مدينة الموصل.

البالة : الملابس المستعملة)).

قصته القصيرة جداً ( عائلة المهرج) . العنوان العتبة الفرعية الأولى للنص السردي القصصي تعالق دلالياً نصياً وتشكيلياً مع إحدى لوحات الفنان بيكاسو الشهيرة ، القصة هنا أيضاً نقلت لنا بأسلوب القاص الساخر أحمد جار الله ياسين وتشظيات المكان هدفها ومضمونها إلى القارئ ، وبقي بطلها الرسام وصاحب اللوحة الشهيرة داخل السيرك ؟! علماً إن الطفل الوردي ... بقي ضاحكاً منذ سنوات ... اللون والمكان والشخوص الوهمية ، ودلالة الضحك الحركية والنفسية أعطت للقصة ما يريده القاص .

( مات : الفيل الهرم ، والمهرج ،  وشقيق المهرج ، والطبل ، والمخرج النحيل ، وحبل الخيمة العتيد ، والبواب الأعرج ، والقط المتأمّل ، وقاطع التذاكر الأصم ، وتسعة عشر متفرجاً أحدهم يدعى (بيكاسو) وآخر ضرير. لكن الطفل الوردي البشرة البدين الذي زار السيرك قبل ثلاثة أعوام ، ما يزال يضحك في بيته بصوت عالٍ من دون توقف...).  أشعث .. أغبر : ص76.

في المجموعة الثالثة (سندباب) نحى القاص منحى المجموعتين السابقتين للأسلوب الساخر وتشظي المكان إلى دلالات ودلالات في قصص قصيرة جداً احتجنتها هذه المجموعة ، منها :

-        درس : ص 95.

-        عيد سعيد : ص95.

-        ملائكة : ص96.

-        غيوم حمر : ص98.

-        حافات : ص102.

-        مفتاح : ص102.... وغيرها وغيرها.

وباقي قصصه هذه المجموعة تتشظى والمكان أيضاً بدلالات كثر . وتتداخل معها عناصر القص وآلياته من الزمن والشخصيات والحوار وأطراف من الوصف ، فضلاً عن المكان طبعاً . ومنها :

-        سيرة مناضل : ص104.

-        أصابع : ص105.

-        الشعب يريد نمراً : ص106.

-        بقرة وثوران : ص107.

-        وجهان وفردة واحدة :ص109.

-    بين عشٍّ وقفص : ص115... وغيرها وغيرها. بأسلوب ساخر ومكان متنوع وتراث وتعالق انتهت قراءتي لقصص القاص أحمد جار الله ياسين في مجموعته (مجموعاته) هذه ، وانتهى مقالي عنها ولي آخر قريب في موضوعٍ جديد ، عسى العمر يمهلني.

 

الكلمات الافتتاحية :القصة القصيرة جداً،  القصة القصيرة جدا بوصفها جنساً أدبياً جديداً،  الشاعر أحمد جارالله .