تحقيق النص الشعري العربي على وفق الرواية الثانية

تحقيق النص الشعري العربي على وفق الرواية الثانية

الأستاذ الدكتور محمد عويد محمد الساير

قسم اللغة العربية، كلية التربية الأساسية / حديثة ، جامعة الأنبار

بسم الله الرحمن الرحيم، وعليه أتوكل وبه استعين ... وبعد،

لاشكّ في إن التحقيق أجلّ العلوم وأعلاها مرتبة في التأليف والنشر والاشهار ، وإلى ذلك اشار علماؤنا القدامى من مثل : الجاحظ ، والقاضي عياض ، وابن خُلدون ، والسيوطي وغيرهم رحمهم الله جميعاً. ومثل ذلك الحديث وصنو تلكم الإشارة إلى علم التحقيق وعلو مكانته وأهميته جاء في ثناء علمائنا المحدثين الذين عملوا في التحقيق وافنوا زهرات حياتهم الربيعية النضرة في هذا العلم بحثاً ودراسة وتحقيقاً ونشراً ، وهو ما ينطبق دلالة ومضموناً وعلماً مع كلام الأقدمين ومع نتاج هؤلاء العلماء الأجلّاء في التحقيق في العلوم المختلفة ، ومع أصعب النسخ الخطية وفرادتها أحياناً، ومن مثل هؤلاء العلماء المعاصرين في العراق أو العالم العربي: عبد السلام محمد هارون ، ومحمد أحمد شاكر ، ومحمود أحمد شاكر ، ومحمد أبو الفضل ابراهيم ، وعبد الرازق حويزي، وشكري فيصل ، وعبد السلام الساوري ، ووليد محمد السراقبي ، وهلال ناجي ، ونوري حمودي القيسي ،وسامي مكي العاني ، ويونس السامرائي ، وأحمد مطلوب ، ومحمد حسن آل ياسين ، وحاتم صالح الضامن ، ويحيى الجبوري...

 واليوم ومن أواسط القرن  الماضي تقريباً عُرف تحقيق النص الشعري العربي على وفق الرواية الثانية للشعراء العرب الذين لما تصل إلينا دواوينهم الخطية على مرّ عصور الأدب العربي الكبير ، وهم شعراء وشعراء أصحاب دواوين ربتما تكون في الغالب كبيرة ومهمة إلا إن عوادي الزمن جرت على هذه الأعلاق النفسية كما جرت على غيرها من مظان التراث العربي الكبير بسبب الظروف القاسية التي عاش في ظلّها هذا التراث ومفكروه ففقدنها كما فقدنا الكثير منه في العلوم الإنسانية والصرفة على حدِّ سواء.

ولتحقيق النص الشعري على وفق الرواية الثانية منهج وآليات ، من المنهج اختيار الشاعر الذي يستحق أن يُجمع شعره من كمية الشعر وقيمته الفنية ، وإحكام الصنعة في مفاصل النص الشعرية كافة ، فضلاً عن البحث في جوانب الإبداع الأدبي عند الشاعر الذي نروم جمع شعره وتحقيقه وتوثيقه من تواجد النثر الى جنب الشعر فضلاً عن فنون الشعر العربي المستحدثة ولاسيما بعد العصر العباسي من مثل : الموشح والزجل والبند ...

دراسة الشاعر دراسة مفصّلة من المهد إلى اللحد من الاسم إلى النسب إلى الرحلات إلى الآثار إن وجدت إلى الوفاة . ومن ثمَّ إلى دراسة الشعر المجموع دراسة موضوعية فنية شافية تُعرف للقارئ الكريم مفاتيح النص الشعري الموضوعية والفنية عند هذا الشاعر ، فدراسة النثر إن وُجد، ودراسة باقي فنون النظم كما ذكرت إن وُجدت أيضاً .

فالنصوص الشعرية المجموعة المحققة مرقمة ترقيماً تسلسلياً وترقيم الأبيات الشعرية ليسهل التعريف بما يُستغلق منها من الألفاظ والأحداث والشخصيات والأماكن . البدء بالشعر صحيح النسبة ومن ثمَّ متدافع النسبة ، فالفنون المستحدثة ، فالنثر ، فجريدة المصادر والمراجع التي رجع إليها المحقق الفاضل ونهل منها في ترجمة الشاعر وتخريج نصوصه الأدبية الإبداعية وتوثيقها.