شخصية الأدب الأندلسي في الأدب العربي

شخصية الأدب الأندلسي في الأدب العربي

الأستاذ الدكتور محمد عويد محمد الساير

قسم اللغة العربية، كلية التربية الأساسية / حديثة، جامعة الأنبار.

لا أغالي إن قلت إنّه الأدب الوحيد الذي حافظ على شخصيته مع أخيه الأدب المشرقي في الشام وبغداد ونجد والحجاز إلى يومنا هذا في الدرس الجامعي في أقسام اللغة العربية في الجامعات العراقية المختلفة ، وحتى في خارج الجامعات العراقية كما عُرفت ويعرف الجميع بذلك ، فأين الأدب العربي في أقليم خوارزم ؟! أو الأدب العربي في أقليم أصفهان؟! أو الأدب العربي في أقليم الرّي؟! ... وغيرها من أماكن الحضارة الإسلامية التي انتشر فيها الأدب العربي في عصر السلطة وانتهى بنهايتها ، وقد تكون كُتبت فيه دراسات وأبحاث وحتماً كان أدباً مميزاً ويستحق الدراسة والطلب ولكنه لم يكتسب صفة الخلود وديمومة الاستمرار .

شخصية الأدب الأندلسي كمنت في بنية النص الشعري الأندلسي ولدينا اليوم مئات الدواوين المحققة والمجموعات الشعرية المصنوعة في الشعر الأندلسي في عصور الأدب الأندلسي من الفتح إلى نهاية عصر سلطنة غرناطة ، نلحظ في بنية النص الشعري الأندلسي التغير المستمر نحو التجديد في المقدمة النص الشعري من الطبيعة إلى الغربة إلى مدح المكان ولاسيما المكان الطبيعي ومن ثم رثاء المكان أو حتى ذمّه . وجسد البينة في الغرض الشعري يحوي النص الشعري الأندلسي أغراضاً متنوعة ولربما يحوي أكثر من غرض شعري واحد حتى في المقطوعة وهذا إبداع وتجديد في النص الشعري العربي في الأندلس. تغير الشعور من الانتماء إلى الغربة في بينة النص الشعري الأندلسي كانت من سمات شخصية الأدب الأندلسي وابتكارات شعرائه.

الغزل في جسد النص الشعري عند الأندلسيين امتزج بالطبيعة والخمرة هذا الثالوث الأدبي وجدناه حتى في النص الشعري الرثائي للمكان على وجه الخصوص ، فرح سابق وبكاء دائم قلب في المشاعر ، إبداعات لشخصية الأدب الأندلسي في النص الشعري على مرّ عصوره ، لما نلحظ أغلبه في الشعر المشرقي.

شخصية الأدب الأندلسي ظاهرة في اتمام معانيه وأفكاره عند الشاعر الأندلسي ، ولقد ترك الشاعر الأندلسي الباب مفتوحاً للناقد والقارئ في تأمل هذه الأفكار والمعاني في شعره واتساقه مع البنية العامة لهذا النص في المقدمة والغرض والخاتمة ، الخاتمة التي برزت بأشكال متنوعة تثير فضول المتلقي والناقد وتلقي بظلالها العريضة الدافئة على القارئ في اطار التأمل للنص الشعري الأندلسي وما تثيره تجربته الشعرية والشعورية في آنٍ معاً.

شخصية الأدب الأندلسي في النثر الأندلسي في فنونه وابتكاراته من الرسائل إلى الخطب إلى المقامات إلى المناظرات إلى المفاخرات حتى في المفاخرات بين المدن الأندلسية ، وفي الطبيعة ولاسيما في الطبيعة الصناعية والأدوات وحُق لنا دراسة شعرية الأشياء في النثر الأندلسي.

شخصية الأدب في تلكم الأراجيز العلمية الطبية والتاريخية والجغرافية ، شخصية الأدب الأندلسي تتضح في كتب التراجم وأسلوبها الرائق الذي كُتبت في تراجم مطمح الأنفس، وقلائد العقيان ، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ، وجنى الأزاهر النظيرة ، والإحاطة في أخبار غرناطة...

لن أتكلّم عن الموشح أو الزجل ، لن أتكلّم عن شعر الطبيعة أو رثاء المدن والممالك أو الغربة والحنين ... فمَن منّا لا يعرفها أو قرأ عنها وعشقها ، مثلما قرأت وعرفت وعشقت.