لفظة ( مولىً) بين التأصيل اللغوي والخطاب القرآني

لفظة ( مولىً) بين التأصيل اللغوي والخطاب القرآني

أ.د. حليم حماد سليمان

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية / حديثة - جامعة الأنبار .

جاء في المعجمات أنّ لفظة المولى تأتي لمعانٍ ، منها : الرّب ، والمالك ، وكلّ من وَلِيَ أمراً أو أقام به ، والصاحب ، ، والنزيل ، والشريك ، والصّهْر ، والجار كقول الكلابي :

جزى الله خيراً والجزاء بكفّه      كُليبَ بنَ يربوعٍ وزادهم حمداً

هم خلطونا بالنفوسِ وألجموا     إلى نصرِ مولاهم مسوّمةً جردا

وتأتي أيضاً بمعنى الحليف ، كقول النابغة الجعدي :

مواليَ حِلفٍ لا موالي قَرابةٍ         ولكن قطيناً يأخذون الأتاويا

ومن معاني المولى في اللغة ، المنعِم والمنعَم عليه ، والمعتِق والمعتَق ، ويكون بمعنى ابن العمّ ، كقول الشاعر :

 مهلاً بني عمّنا مهلاً موالينا       لاتنبشوا بيننا ماكان مدفونا

ومن  معانيها : الولي ، كقول الشاعر :

كانوا مواليَ حقٍّ يطلبونَ به    فأدركوه وما ملّوا وما غلبوا

ولم تبتعد الدلالة القرآنية كثيراً عن الدلالة اللغوية ، فقد جاءت لفظة المولى في القرآن الكريم مقاربة للدلالة اللغوية ، فمن الدلات القرآنية للفظة المولى : الناصر ، كقوله تعالى (( فاعلموا أنَ الله مولاكم نِعمَ المولى و نِعمَ النّصير )) الأنفال : 40 ، أي ، ناصركم ومعينكم فثقوا بولايته ونصره، وتكون بمعنى الناصر في قوله تعالى : (( لَمَن ضرّه أقربُ من نفعِه لَبئسَ المولى ولَبِئسَ العشير)) الحج : 13 ، أي في يوم القيامة يقول هذا الكافر بدعاء وصراخ حين يرى استضراره بالأصنام ودخول النار بعبادتها ، ولا يرى أثر الشفاعة التي ادَعاها لها : (( لمن ضرّه أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير)) ، ومن معانيها أيضاً : الأولى ، كقوله تعالى : (( مأواكم النّارُ هيَ مولاكم وبِئسَ المصير)) الحديد :15 ، وحقيقة مولاكم: مكانكم الذي يقال فيه : هو أولى بكم , ويجوز هي ناصركم ، أي لا ناصر لكم غيرها.

ومن معاني مولى في القرآن الكريم : السيّد ، كقوله تعالى : (( أنتَ مولانا فَانْصُرْنا على القَومِ الكَافِرينَ )) البقرة : 288 ، بمعنى سيدنا، وقد تأتي بمعنى الناصر, وتكون كذلك بمعنى الولي الذي يعول ، كقوله تعالى : (( وهو كَلًّ على مَوْلاه )) النحل :76 ، بمعنى أنّ الأخرس لا يفهم ويكون ثقيلاً وعالاً على من يلي أمره ويعوله ، وأينما يرسله ويصرفه في مطلب حاجة أو كفاية مهم لم ينفع ولم يأت بنجاح , وقد تأتي بمعنى : الورّاث أو النصيب كما في قوله تعالى : (( ولِكُلٍّ جعلنا مواليَ ممّا تركَ الوالدانِ والأقربونَ )) النساء : 33 ومعنى الآية الكريمة : من المال جعلنا موالي ورّاثاً يلونه ويحرزونه أو لكل قوم ٍ جعلنا موالي نصيبٍ مما ترك الوالدان والأقربون ، وتكون بمعنى العصبة كقوله تعالى : (( وإنّي خِفتُ المواليَ من ورآءِي )) مريم : 5 يعني العصبة ، فطلب من الله الولد يخلفه فيهم ، ويسوسهم بما أمر إليه.