مخاطر قناني المياه البلاستيكية على صحتنا

مخاطر قناني المياه البلاستيكية على صحتنا

م. نعمان فاروق نعمان

قسم العلوم العامة

كلية التربية الأساسية / حديثة – جامعة الأنبار

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

في هذه المقالة سأتطرق على بعض أضرار قناني المياه البلاستيكية على صحة الإنسان، لكي يكون المسلم على بينة من أمره فيما يتناول من شراب.

يعدُّ الغذاء المتضمن المطعومات والمشروبات من متطلبات الجسد الأساسية التي لا غنى له عنها، وهو يمثل الشق الأول لضرورة حفظ النفس من جانب الوجود؛ حيث إنه المصدر الأساسي للطاقة والحيوية والنمو، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في باب الامتنان على الإنسان فقال على لسان إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء:79].

وكما أن على الإنسان العناية بتغذية جسده، كذلك على الإنسان أن يتجنب كل مطعوم أو مشروب يؤدي تناوله إلى الإضرار به.

يُعد شرب المياه من القناني البلاستيكية عملية إسراف وتبذير لا لزوم لها. ما نريده من القناني هو المياه وليس البلاستيك؛ ولكن عندما نشرب من تلك القناني فإننا عمليا ندخل إلى أجسامنا كليهما أحيانا، أي المياه والمواد الكيميائية السامة المكونة للقناني.

المكون الكيميائي الأخطر في قناني المياه البلاستيكية هي مركبات "الفثالات" وتعمل على اضطراب الهرمونات بالجسم وزيادة هرمون الذكورة ونمو الأعضاء الذكورية بشكل مبالغ فيه، كما أنها تزيد من فرصة الإصابة بمرض السرطان والإصابة بالسمنة المفرطة وأمراض القلب والأوعية الدموية، والعديد من الأمراض الخطيرة، وتوجد في العلب البلاستيكية وطلاء الأظافر والعطور؛ ويمكن أن تحوي تركيبة القناني على مركبات كيميائية خطرة مثل (bisphenol A) والذي يعمل على اضطراب الجهاز المناعي والجهاز العصبي.

الإشكالية القانونية، أن الأنظمة والقوانين المعمول بها لا تفرض على مصنعي المواد البلاستيكية المستخدمة في تعبئة المياه وتغليف الأغذية، بأن يذكروا المواد الكيميائية الموجودة في عبواتهم أو أغلفة منتجاتهم. وفي المحصلة، يخفي المنتجون عن المستهلكين المواد الكيميائية التي يمكن أن تتسرب إلى المياه التي يشربونها من العبوات البلاستيكية مثل الفورمالديهايد (formaldehyde) حيث أطلق عليه البرنامج العالمي لعلم السموم في عام 2011 اسم "مادة مسرطنة بشرية". وكذلك مركب "الأسيتالديهيد" (acetaldehyde) الذي يعتبر مادة مسرطنة، ويضر بالحمض النووي.

ولتقليل المخاطر المحتملة, يفضل عدم استخدام عبوات المشروبات أكثر من مرة واحدة؛ لأن هناك بعض الدراسات العلمية التي أجريت في الولايات المتحدة الأميركية على إعادة استخدام هذه القناني لأكثر من مرة أو لحفظ مواد مختلفة بها، بسبب احتواء المادة المصنوعة منها هذه العبوات على عنصر محتمل مسبب للسرطان يسمى (ثنائي إثيل هيدروكسيل أمين)، وأن غسل وشطف هذه القناني أكثر من مرة يمكن أن يؤدي إلى تحلل مادة البلاستيك ودخول هذه المادة المسرطنة إلى الماء أو المادة المحفوظة بها، ويساعد على ذلك ارتفاع درجة الحرارة، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة مخاطر دخول هذه المواد المسرطنة في جسم الإنسان.

وهذه الدراسات كانت مثار جدل بين الباحثين العلميين وأنصار البيئة والصحة من جهة، وبين الاتحاد العالمي للمياه المعبأة (Ibwa) والشركات المصنعة للبلاستيك من جهة أخرى، إلا أنه ينصح باتخاذ الحيطة والحذر في التعامل مع هذه العبوات بعدم إعادة استخدامها.

والأهم من ذلك التأكد من اشتراطات حفظها في مكان بارد وعدم تعرضها للشمس والحرارة؛ إذ إن تعرضها للحرارة يؤدي إلى تفاعل المادة البلاستيكية المصنوع منها العبوات البلاستيكية القابلة للتحلل، التي قد ينتج عنها مواد مضرة بالصحة، وينصح بعدم شرب هذه المياه إذا كانت قد تعرضت للشمس، ولزيادة الحيطة عدم شرائها إذا كان عمرها أكثر من ستة أشهر؛ لذا إن فتحت الزجاجة وحفظت في مكان بارد وبعيد عن الحرارة فلا بأس في ذلك، وكذلك بالنسبة للزجاجات الكبيرة فيجب أن تنقل أيضاً في سيارات لا تتعرض فيها لدرجة حرارة عالية.

كما ننصح بإستخدام الأجهزة المنزلية للتصفية والتعقيم، فهي أفضل بكثير من شرب المياه المعبأة بقناني بلاستيكية.

والله الموفق