التفكير الناقد في نظر الاسلام

التفكير الناقد في نظر الاسلام

الأستاذ الدكتور اكرم ياسين محمد

قسم التاريخ

كلية التربية الأساسية / حديثة -  جامعة الأنبار

 لقد تزايد الاهتمام بالتفكير الناقد تاريخيا ودولياً ومحلياً  ، إلا ان هذا المفهوم ما زال محل خلاف بين التربويين وعلماء النفس المعرفيين ، فهو يستعمل أحياناً استعمالاً دالاً على عمليات التفكير جميعا بدء من صنع القرارات وحل المشكلات الى تحليل العلاقات الجزئية والكلية وانتهاء التفسير .

يقصد بالتفكير الناقد " انه عملية تأثر وتأثير قدرات الفرد باتجاهاته وميوله ، والاتجاه نحو التساؤل والتقصي يدفع الفرد الى أنه يعايش المشكلة حتى يبحث عن حلٍ لها "

وكذلك يعرف  " مفهوم مركب من الاتجاهات والمعارف والمهارات التي تعتمد على قواعد المنطق بالدرجة الأساس ومهارات التقصي   وقبول الأدلة والبراهين والاستدلال الصحيح "  .

وقد عرف الإنسـان قيمته من خلال عقله الذي وهبه الله سبحانه وتعالى ، ولولا  لأصـبح الإنسـان أشبه بمادة صـماء بكماء لا يحل ولا يربط كما معروف ، فالتفكـير دليل  ذلك لأن الإنسان لا يسـاوي شـيئاً بدون فكـر ولا يعبأ به ...

ان الاسلام قد وجه خطاباته الى العقول نظراً لأهمية الفكر والتفكير حيث جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) . ( سورة آل عمران : آية 190 ) .

  وفي القران الكريم وردت على ما يزيد عن ( 10% ) من آياته ذكرت فيها مشتقات العقل ووظائفه والدعوة لاستخدامه ،  كما أوصـى الدين الإسلامي الحنيف  بالانفتاح العقلي ، إذ انه لا يهدد تكامل شخصية الانسان ، ولكنه يؤكد القيمة البشرية للإنسان مصداقاً لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : " كل أبن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون " .

 كما ان الاسلام رفع التكاليف الشرعية عن الذي لا يعقل ولا يفكر ، فقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم   " رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق " وذلك لان النائم قد تعطل عن التفكير والتصرف في الأمور ، وان الصغير لم ينضج عقله الى مستوى الإدراك الذي يميز به بين ( الخير والشر والنافع والضار ) ، والمجنون أمرّ من كليهما حيث لا عقل له ولا تفكير .. إذن هؤلاء في حكم العدم فلا يتعلق به الأحكام الشرعية التكليفية .

 فالديـن الاسلامي دين عقـل وفكـر ونظر فـلم يحـجر علـى العقـل ولا على التفكير ، ولعلماء المسلمين لهم نصيب كبير في توجيه العقول ، وذلك لأهمية الملاحظة الحية الدقيقة بالنسبة للتفكير ،  ومن ابرز هولاء أبن سينا وأبن الهيثم الذي يرى أن العقل أعلى قوى النفس المهيمن على التفكير والسلوك ، حيث ينقل الانسان من حد الى حد ومن قياس الى قياس ومن رأي الى رأي قبل أن يطمئن الى حكم في أمر من الأمور .

 ان التفكير الذي يمارسه الشخص عند الحكم على قضية ما مثلاً ، أو مناقشة موضوع ما ، أو تقييم رأي معين أو ما غير ذلك  ، وهي كثيرة ومتعددة في حياتنا اليومية المستمرة  ، ويطلق على هذا النمط بالتفكير الناقد .

 ويعد هدفا أساسياً من أهداف التربية والتعليم في كثير من دول العالم  وذلك ضمن توجه الجهود نحو تحسين عمليات التعلم والتعليم ، واصبح شعار للعديد من رجال التربية ومسعى عاما للتربية والتعليم ، إذا قام المربون بدراسات وأبحاث مختلفة لتفعيل مهارات التفكير الناقد في التدريس والمنهاج وتعلم المدرس لاستخدامه في قاعات الدرس المختلفة .