كيف نخوض في سيرة الأشخاص عبر التاريخ

كيف نخوض في سيرة الأشخاص عبر التاريخ

د عيد جاسم سليم الدليمي

قسم التاريخ

كلية التربية الأساسية/حديثة – جامعة الانبار 

ابدأ كلامي بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الامين خاتم الانبياء والمرسلين عليه وعلى اله افضل الصلاة والتسليم

      حين نخوض في سيرة الاشخاص عبر التاريخ لابد أن نعرف الفرق بين الحق والباطل لكي تكتمل الصورة، فكل شخصيات التاريخ تمثل لنا صفراً إن لم تقدم لنا درساً، فالأبطال والشجعان خدموا أنفسهم واموالهم وزمنهم للتضحية في سبيل الجميع.

     فعندما ندرس تأريخ الخلفاء الراشدين مثلاً نستشعر بالمبادئ الاجتماعية التي ثبتوا عليها من خلال استعصامهم بالحق والثبوت عليه ومقدار تضحيتهم، وهذا عكس الفاسدين المستفيدين ، فالدرس هنا عكسيا والضرر واقعياً.

      فكلما استبد الشخص في انسانيته وطغيانه فقد يوصلنا الى الانحطاط، فالعادات والتقاليد الاجتماعية تتغير بتغير الزمان والمكان، فهناك من يتباها بنفسه عندما يكون حاكماً وعندما يكون جاهلاً أو متجاهلاً لغيره فنجده يسرق في سبيل الاستبداد والظلم فهو يتحالف احياناً مع اخرين لسن تشريعات فيمررها على معيته.

   فالدين الإسلامي نبذ العنصرية القبلية ودعوات الجاهلية وطبقها المسلمون الاوائل على انفسهم قبل غيرهم علواً وسلوكاً.

      فالعادات تغيرت بالقران الكريم وتطورت في عصر النبوة وعصر الخلفاء ولم تجعل للطائفية مكانة بين المسلمين ، ولم يجعل القران الكريم مكانة للتكبر والظلم ، وقد بني الاسلام على اظهار كلمة الحق واطق كلمة المنافقين على من يتكلمون بالدين والحق ويخفون الحقيقة في صدورهم. غير ان اكثر الناس للحق كارهون كما ورد في قوله تعالى(بل جاءهم بالحق واكثرهم للحق كارهون) المؤمنون 70،

     فالتاريخ يسير على منوال الصحابة والشريعة التي جاء بها الاسلام وليس على رغبات الناس.

      وقد ورد في فلسفة التاريخ وفي مختلف القصص إن الحق ينقض الباطل ، فالتاريخ قائم على مبادئ معنوية تستهدف فهم الحقيقة والفصل بين الباطل والحق، فالسرد التاريخي هو وسيلة لاستنتاج الحقائق المعنوية والحقيقية وقد ورد في قوله تعالى (وَقُل جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطل ان الباط كان زهوقا ) الإسراء 81.

     وبما إن الباطل لا يساوي الحياة العامة حسب ما جاء في القران الكريم والسنة النبوية وأفعال الخلفاء فقد أحق الله الحق لقوله تعالى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)الأنبياء 18، وقوله تعالى (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور)الشورى 24.

وقد ذكر القران الكريم اهل الباطل وخص منهم ( قارون و فرعون وهامان و السامري و ابو لهب) الذين كانوا يجادلون بالباطل ليدحضوا الحق، فهذا فرعون الذي عاش عزيزاً في قومه ووصل إلى منزلة عاليه فقد أصبح جسده يعرض امام الناس لتنحني من وراءها الأموال.

    وأما أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام عن الباطل في حديثه الشريف (من نصر باطلا وهو يعلمه، فلا يزال في سخط الله حتى يدع ما قاله).

   وان التاريخ فن يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم وحضاراتهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم حتى تتم فائدة الاقتداء في أحوال الدين والدنيا وقد قال الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه (دولة الباطل ساعة، ودولة الحق حتى قيام الساعة)

    تقول الكاتبة أسماء سعيد (إن تخطيء في طريق خاص افضل من ان تسير بشكل صحو في طريق آخر) وقال ديستوفسكي احد أعلام الأدب الروسي (ان الاستمرار بوجود خطأ يقوم به المدير بشكل يتناسب مع الاستمرارية فهو صحيح في الداخل ولكنه بتلاعب بمشار الاخرين.

    وان السيرة الذاتية للإنسان لم تكن منذ وقت الطفولة بل هي تبدأ بتاريخ العمل وقد قال بعض العلماء الافضل ان افشل قبل أن اندم في الاستمرار في عمل خاطئ لاسيما في مجال القيادة.

    لقد وضع الفيلسوف جرينليت (Greenleat) عنوان لمقولته عن القيادة، فقد قال (القائد الخادم) ويقصد إن القائد هو خادم اولاً لجماعته أو مؤسسته أو مجتمعه، فهو مفتاح عصمته وسيد الاعتراف به قائد.

  واختم كلامي  بالحمد لله الذي انزل كتابه حيُ على العالمين فاظهر الحق وازهق الباطل

والصلاة والسلام على رسوله الامين المبعوث رحمة للعالمين