جولة في تاريخ الوسائل التعليمية

جولة في تاريخ الوسائل التعليمية

د.علي ربيع حسين الهاشمي

قسم العلوم العامة

كلية التربية الاساسية / حديثة - جامعة الانبار

الوسائل التعليمية قديمة قدم الإنسان نفسه، وحديثه حداثة الساعة، فقد ضرب الله للنـاس الأمثال ليوضح لهم سبل الخير وسبل الشر ويقرب إليهم الصورة بأمثلة محسوسة من حياتهم. إن القرآن الكريم حافل بالأمثلة التي تقرب المعاني البعيدة إلى أذهان المتلقـي بصـورة محسوسـة يشاهدها أو يلمسها المتلقي، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى قصة هابيل وقابيل وكيـف أرسـل الله سبحانه غراباً يقتل غراباً آخر ويدفنه ليعلم هابيل كيف يواري سوءة أخيه. وفي اقدم الحضارات الانسانية نجد ان ذلك الانسان سجل تلك الرسومات الرائعة لبعض الحيوانات التي كانت تعيش في زمنه , على جدران الكهوف التي كان يعيش فيها في مناطق متعددة من العالم.

ولما جاء الدين المسيحي سخر رجال الكنيسة لحكم الفن سواء التشكيلي من رسم ونحت , او فن مسرحي او موسيقي .... الخ كوسائل لنشر تعاليم الدين المسيحي وما ورد في الانجيل.

ولو رجعنا للتاريخ لوجدنا الانسان فكر بوسيلة يتعامل بها للتعبير عما يريد , وللتعبير عن افكاره فحاول تجريد المخطوطات فاهتدى الى الرسوم والرموز واخذ يبسط هذه الرموز والرسوم الى ان اصبحت الحروف والكلمات التي نتعامل بها في عصرنا الحاضر هي رموز للتعامل والتعبير.

وجاء الدين الاسلامي الحنيف فكان الرسول (ص) يقول للمسلمين ( صلوا كما رأيتموني أصلي) ,(خذوا عني مناسككم) واتبع وسائل  مناسبة لنشر تعاليم الدين منها الاقناع والترغيب .. الخ.

وتطور استخدام الانسان لوسائل تخدم اغراضه ولما كان الانسان يولد طفلاً لا حول له ولا قوة فانه لابد ان يمر بتجارب عديدة سواء عن طريق الخبرة الشخصية المباشرة بهدف او بغير هدف , او الخبرات الخارجية.

بان هذا الطفل يبدا باكتساب الخيارات الشخصية من تجاربه الذاتية, اما الخارجية فانه يكتسبها عن طريق مشاهدته للأخرين كوالديه واخوانه واصدقائه واقاربه او بشرحهم للخبرة له سواء ممن مروا بالتجربة او ممن شاهدوها.

وخلال عملية اكتساب الخبرات , لابد وان الرجل قد استخدم عدة طرق لتبسيط الخبرة لابنه, بل وانه مرره بخبرة عملية ليتعلم تلك المهارة, فعندما كان يشتد عود ابنه الصغير كان ياخذه معه بل انه كان يلازمه خلال تجواله بالغابة بحثاً وراء القنص فشاهد عملية الصيد التي كان يقوم بها والده او والدته او اخوه الكبير وهكذا دوليك.

من كل مما سبق نخلص الى القول بان الوسائل التعليمية كانت موجودة منذ القدم ولكن الانسان كان يستخدمها دون برمجة , وعلى بساطتها متروكة للفروق الفردية من شخص لاخر, وعندما بدأ العقل الانساني بالتحضر, ووجد المعلم والمتعلم بدأت العملية تنظم شيئاً فشيئاً بل بدأ بالنداء بها.

وهنالك الكثير من العلماء العرب الذين اكدوا على دور واهمية الوسيلة في التعليم ومنهم الحسن بن الهيثم عالم البصريات العربي المشهور, يخرج تلاميذه الى بركة ماء الوضوء في صحن المسجد او المدرسة , ويشرح لهم نظرية الانكسار مستخدماً عصا في بركة ماء.

الادريسي قام بنقش كرة من الفضة ويرسم عليها خارطة العالم المعروفة لديه في تلك الايام للدوق روجر الثاني ملك صقليه, ويرسم سبعين خارطة في كتابه ( المشتاق) وهو من اهم الكتب الجغرافية المصورة.

الواسطي الذي استخدم الصور المرسومة في كتاب ( مقامات الحريري – وكليلة ودمنه) .

ابن خلدون الذي اكد في مقدمته على استخدام الامثلة الحية في عملية التعليم, بل لقد اعتبرها افضل الوسائل التعليمية لتسهيل الادراك واكتساب الخبرات.

ابن سينا استخدم الصور والنماذج في تعليم التلاميذ.

الرازي ابتكر اجهزة وطرق تستند الى المنهج العلمي في التعليم.

كما استخدم العلماء والمربين الاوربيين مفاهيم دالة على ضرورة استخدام الوسائل التعليمية

مثل:

المطران (كومنيوس) صمم كتاب مدرسي مزود بالرسوم لتعليم اللاتينية للاطفال باسم ( عالم المصورات) واكثر ما نجده يكرر ما قاله ابن خلدون فيطالب المعلم باحضار نماذج حية الى غرفة الصف. وان يرسم الرسوم التوضيحية على لوح الطباشير, ليتعرف الاطفال الى المحسوس بالمجرد , ويعرفوا المجرد بواسطة المحسوس.

•        جان جاك روسو الذي اكد على اثر البيئة والطبيعة في التعليم والتعلم من خلال كتبه (اميل) ( وتربية الاطفال)

بستالوزي ترك المجال للتعلم في عملية اكتساب المهارات للحواس والخبرات الشخصية والتجارب العملية فاستخدم الحجارة والخرز والبندق لتعليم الحساب والرحلات المدرسية الى الاماكن الاثرية والطبيعية, حيث كان يطلب منهم رسم الاماكن التي زاروها, او عمل نماذج من الطين لها, تاركاً لهم حرية التعبير واكتشاف العلاقات بين الاشياء.

•        ايراسموس اكد على استخدام وسائل الايضاح في التعليم للاطفال خاصة واشار الى صناعة المعلمين الحروف من الحلوى لترغيب الاطفال.

•        مونتيني حث على استعمال الزيارات الميدانية في التعليم.

•        كومينوس ويعتبر الاب الحقيقي للوسائل التعليمية والذي اكد على استخدام الحواس في التعلم مع الاشياء الحقيقية والصور ودعا الى مدرسة مجهزة بالمواد الواقعية والصور يستخدمها المدرسون والف كتاب (العالم في صور) الذي اختص بتقديم مفاهيم وموضوعات مختلفة معززة بالصور وهو اول مقرر دراسي قام على استخدام الوسائل التعليمية.