الجذر ( هدم ) بين الاستعمال القرآني والتأصيل اللغوي

الجذر ( هدم ) بين الاستعمال القرآني والتأصيل اللغوي

أ.د. حليم حماد سليمان

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية /حديثة - جامعة الأنبار

الدلالة اللغوية للجذر ( هدم ) : الهَدْمُ: نَقِيضُ الْبِنَاءِ، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمَه فانْهَدَمَ وتَهَدَّمَ وهَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الهَدْمُ قَلْعُ المَدَرِ، يَعْنِي الْبُيُوتَ، وَهُوَ فِعْلٌ مُجاوزٌ، والفِعلُ اللَّازِمُ مِنْهُ الانْهِدامُ. وَيُقَالُ: هَدَمَه ودَهْدَمَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛

والهَدَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا تَهدَّم مِنْ نَوَاحِي الْبِئْرِ فَسَقَطَ فِي جَوْفِها ، والأَهْدَمَانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ فِي بئرٍ أَو أُهْوِيَّة. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ((اللَّهُمَّ إِني أَعوذُ بِكَ منَ الأَهْدَمَيْنِ )) قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ أَن يَنْهَدِمَ عَلَى الرَّجُلِ بناءٌ أَو يقعَ فِي بئرٍ.

الهَدَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: البناءُ المَهْدُومُ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَبِالسُّكُونِ الفِعْلُ نفْسُه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ : ((مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فَهُوَ مَلْعونٌ)) أَي مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ وتَرْكِيبُه، الهَدَم، بِالتَّحْرِيكِ: القَبْرُ يَعْنِي أُقْبَرُ حَيْثُ تُقْبَرون، وَقِيلَ: هُوَ المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي.

والهَدْم، بِالسُّكُونِ وَبِالْفَتْحِ أَيضاً: هُوَ إِهدارُ دَمِ القتيلِ؛ يُقَالُ: دِماؤهم بَيْنَهُمْ هَدْمٌ أَي مُهْدَرةٌ، وَالْمَعْنَى إِن طُلِب دَمُكم فَقَدْ طُلِبَ دَمي، وإِن أُهْدِرَ دَمُكم فَقَدْ أُهْدِرَ دَمي لاستِحكام الأُلْفة بَيْنَنَا، وَهُوَ قولٌ مَعْرُوفٌ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: دَمي دَمُك وهَدَمِي هَدَمُك، وَذَلِكَ عِنْدَ المُعاهَدةِ والنُّصْرة. وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العربُ تَقُولُ دَمي دمُك وهَدَمِي هَدَمُك؛ هَكَذَا رَوَاهُ بِالْفَتْحِ، وأَصل الهَدَم مَا انْهَدَم. يُقَالُ: هَدَمْت هَدْماً، والمَهْدومُ هَدَمٌ، وَسُمِّيَ منزلُ الرَّجُلِ هَدَماً لانْهِدامِه، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَن يُسمَّى القبرُ هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثُمَّ يُرَدُّ، تُرابه فِيهِ، فَهُوَ هَدَمٌ، فكأَنه قَالَ: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لَا أَزالُ مَعَكُمْ حَتَّى أَموتَ عِنْدَكُمْ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ فِي الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كَمَا تَطْلُبُ بدَمِ ولِيِّك أَي ابْنِ عَمِّك وأَخِيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لِي عِزّاً وشَرَفاً فَقَدْ هَدَمه مِنْكَ. وكلُّ مَنْ قَتل ولِيِّي، فَقَدْ قَتل ولِيَّك، ومَنْ أَراد هَدْمَك فَقَدْ قصَدني بِذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: وَمَنْ رَوَاهُ الدَّمُ الدَّمُ والهَدْمُ الهَدْمُ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الحَلِيف تَطْلُب بدَمي وأَنا أَطلبُ بدَمِك. وَمَا هَدَمْتَ مِنَ الدِّماء هَدَمْتُ أَي مَا عَفَوْتَ عَنْهُ وأَهْدَرْتَه فَقَدْ عفوتُ عَنْهُ وتركتُه. وَيُقَالُ: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قَالُوا هَدَمي هَدَمُك ودَمي دَمُك وتَرِثُني وأَرِثُك، ثُمَّ نسَخ اللَّهُ بِآيَاتِ المَواريثِ مَا كَانُوا يَشْترِطونه مِنَ المِيراث فِي الحِلْف والهِدْمُ، بِالْكَسْرِ: الثوبُ الخلَقُ المُرَقَّعُ، وَقِيلَ: هُوَ الكِساءُ الَّذِي ضُوعِفت رِقاعُه، وخصَّ ابنُ الأَعرابي بِهِ الكِساءَ الباليَ مِنَ الصوفِ دُونَ الثوبِ، وَالْجَمْعُ أَهْدَامٌ وهِدَمٌ، الأَهْدامُ: الأَخْلاقُ مِنَ الثِّيَابِ. وهَدَمْتُ الثَّوْبَ إِذا رَقَعته. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ : (( لبِسْنا أَهْدَام البِلى)). وشيخٌ هِدْمٌ: عَلَى التَّشْبِيهِ بِالثَّوْبِ. أَبو عُبَيْدٍ: الهِدْمُ الشَّيْخُ الَّذِي قَدِ انْحَطَم مِثْلَ الهِمِّ. والعجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة. وتَهَدَّم عَلَيْهِ مِنَ الْغَضَبِ إِذا اشتدَّ غضبُه. وخُفٌّ هِدْمٌ ومُهَدَّمٌ: مِثْلَ الثَّوْبِ؛ قَالَ:

عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ، ... مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ

هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه ورَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رَوَاهُ ابنُ الفَرج عَنْهُ. وَعَجُوزٌ مُتَهَدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، ونابٌ مُتَهَدِّمَة كَذَلِكَ. والهَدَمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نباتِ عامِ أَوّلَ، وَذَلِكَ لِقِدَمِه. وهَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ هَدَماً وهَدَمةً، فَهِيَ هَدِمَةٌ مِنْ إِبلٍ هَدَامَى وهَدِمَةٍ، وتَهَدَّمَت وأَهْدَمت وَهِيَ مُهْدِم، كِلَاهُمَا، إِذَا اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ وَلَمْ تُعاسِرْه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهَدِمةُ النَّاقَةُ الَّتِي تَقَعُ مِنْ شِدَّةِ الضَّبَعةِ وفلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بِذَلِكَ. وتَهَدَّمَ عَلَيْهِ: تَوَعَّدَه. ودِماؤهم هَدْمٌ بَيْنَهُمْ، بِالتَّسْكِينِ، وهَدَمٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي هدَرٌ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَوَدُّوا قاتلَه  هَدْمٌ، بِسُكُونِ الدَّالِ. وتَهَادَمَ القومُ: تهادَرُوا. والهُدَامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان فِي الْبَحْرِ؛ وهُدِم الرجلُ: أَصابه ذَلِكَ. والهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ: ((مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَدَمَه وسَدَمَه)). أَي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه

. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمَحْفُوظُ هَمَّه وسَدَمَه، وَاللَّهُ أَعلم. ورجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث. وَذُو مَهْدَمٍ ومِهْدَمٍ: قَيْلٌ مِنْ أَقيال حِمْير. والمَهْدُومُ مِنَ اللبَن: الرَّثِيئةُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المَهْدُومَةُ الرَّثيئة مِنَ اللَّبَنِ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:

شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ مِنْ داءِ بَطْنِه ... بمَهْدُومَةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف

قَالَ: المَهْدُومَةُ هِيَ الرثيئةُ. والهَدْمةُ: الدُّفْعةُ مِنَ الْمَالِ. ويقال: هذا شيءٌ مُهَنْدَمٌ أَي مُصْلَح عَلَى مِقْدَارٍ، وَهُوَ معرَّب، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ أَنْدام، مِثْلَ مُهَنْدِس وأَصله انْدازه. وَفِي الْحَدِيثِ: ((كلْ مِمَّا يَليك وإِياك والهَذْمَ)). والهَدْمَةُ: المَطرةُ الْخَفِيفَةُ وأَرض مَهْدُومَةٌ أَي مَمْطورةٌ.