العروض معناه وأهميته وسبب تسميته

العروض معناه وأهميته وسبب تسميته

أ.د. حليم حماد سليمان

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية/حديثة - جامعة الأنبار

العروض لغة : يقال : استُعْمِلَ فُلَانٌ عَلَى العَرُوض، وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَمَا حَوْلَهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:

نُقاتِلُ مَا بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما

أَي مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ فِي عَروضٍ مَا تُعْجِبُني أَي فِي طَرِيقٍ وَنَاحِيَةٍ؛ قَالَ التَّغْلَبيّ:

لكلِّ أُناسٍ مِنْ مَعَدٍّ عَمارةٍ ... عَرُوضٌ إِليها يَلْجَؤُونَ وجانِبُ

والعَرُوضُ: المكانُ الَّذِي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ رَكُوضٌ بِلَا عَرُوضٍ أَي بِلَا حَاجَةٍ عَرَضت لَهُ. والعَرُوضُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ، مُؤَنَّثٌ. وَفِي حَدِيثِ عَاشُورَاءَ:((فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا أَهلَ العَرُوضِ   قِيلَ: أَراد مَنْ بأَكنافِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ)) وعَرَضَ الرجلُ إِذا أَتَى العَرُوضَ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَيُقَالُ: أَخَذْنا فِي عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يَعْنِي طَرِيقًا فِي هُبُوطٍ.

العروض في الاصطلاح:

العروض: "علم يُبْحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة"  أو "هو ميزان الشعر، به يعرف مكسوره من موزونه، كما أن النحو معيار الكلام به يعرف معربه من ملحونه.

واضعه:

الخليل بن أحمد بأنه أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، وأن معرفته بالإيقاع -بناء ألحان الغناء على موقعها وميزانها- هي التي أحدثت له علم العروض

أهمية علم العروض:

الرواة مختلفون بشأن الباعث الذي دعا الخليل إلى التفكير في علم العروض ووضع قواعده.

فمن قائل: إنه دعا بمكة أن يرزقه الله علمًا لم يسبقه إليه أحد ولا يؤخذ إلا عنه، فرجع من حجه، ففتح عليه بعلم العروض.

ومن قائل: إن الدافع هو إشفاقه من اتجاه بعض شعراء عصره إلى نظم الشعر على أوزان لم يعرفها العرب ولم تسمع عنهم؛ ولهذا راح يقضي الساعات والأيام يوقع بأصابعه ويحركها حتى حصر أوزان الشعر العربي وضبط أحوال قوافيه.

ومن قائل: إنه وجد نفسه وهو بمكة يعيش في بيئة يشيع فيها الغناء فدفعه ذلك إلى التفكير في الوزن الشعري وما يمكن أن يخضع له من قواعد وأصول. وقد عكف أيامًا وليالي يستعرض فيها ما روي من أشعار ذات أنغام موسيقية متعددة، ثم خرج على الناس بقواعد مضبوطة وأصول محكمة سماها: علم العروض.

وأيًّا كان الدافع فالثابت أن الخليل هو واضع أصول علم العروض وقوانينه التي لم يطرأ تغيير جوهري عليها، وأن الناس ظلوا حتى اليوم يتدارسونها ويتفهمونها من غير أن يزيد عليها أحد شيئًا.

لذلك نقول : إنّ أهمية العروض تكمن في ما يأتي:

(1) صقلُ موهبة الشاعر  وتهذيبها ، وتجنيبها الخطأَ والانحرافَ في قول الشِّعر.

(2) أمنُ قائل الشعر على شعره من التغييرِ الذي لا يجوز دخوله فيه ، أو ما يجوز وقوعه في موطن دون آخر .

(3) التأكد من معرفة أن القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف ليسا بشعر معرفةَ دراسةٍ لا تقليد ؛ إذ الشعر : ما اطردت فيه وحدته الإيقاعية التزاما . أي (كلامٌ موزون قصدا بوزن عربي) . وبذا يدرك أن ما ورد منهما على نظام الشعر وزنا لا يحكم عليه بكونه شعرا ؛ لعدم قصده ؛ يقول ابن رشيق : ((لأنه لم يقصد به الشعر ولا نيته ، فلذلك لا يعد شعرا ، وإن كان كلاما مُتَّزِنا )) .

(4) التمكينُ من المعيار الدقيق للنقد ؛ فدارس العَروض هو مالك الحكم الصائب للتقويم الشعري وهو المميز الفطن بين الشعر و النثر الذي قد يحمل بعض سمات الشعر .

(5) معرفةُ ما يرد في التراث الشعري من مصطلحات عَروضية لا يعيها إلا من له إلمام بالعَروض ومقاييسه .

(6) الوقوفُ على ما يتسم به الشعر من اتساق الوزن ، وتآلف النغم ، ولذلك أثر في غرس الذوق الفني ، وتهذيبه .

(7) التمكينُ من قراءة الشعر قراءةً سليمة ، وتوقِّي الأخطاء الممكنة بسبب عدم الإلمام بهذا العلم .

سبب تسمية هذا العلم بالعروض:

وسبب تسمية هذا العلم بها على خمسة أقوال :

(1) فقيل : هي مشتقة من العَرْض ؛ لأن الشعر يُعرضُ ويقاس على ميزانه . وإلى هذا الرأي ذهب الإمام الجوهري . ويعزِّز هذا القولَ ماجاء في اللغة العربية من قولهم : (( هذه المسألة عَروض هذه )) أي نظيرها .

(2) وقيل : إن الخليل أراد بها (مكة) ، التي من أسمائها (العَرُوض) ، تبركا ؛ لأنه وضع هذا العلم فيها .

(3) وقيل : إن  من معاني العَروض الطريق في الجبل ، والبحور طرق إلى النظم .

(4) وقيل : إنها مستعارة من العَروض بمعنى الناحية ؛ لأن الشعر ناحية من نواحي علوم العربية وآدابها .

(5) وقيل : إن التسمية جاءت تَوَسُّعًا من الجزء الأخير من صدر البيت الذي يسمى (عَروضا) .

وأقرب هذه الأقوال إلى الصواب ( والله أعلم ) الرأي الأول ، فالكلمة مشتقة من العَرْض ؛ لأن الشعر يُعرَض ويقاسُ على ميزانه .