الوقف والابتداء في القرآن الكريم

الوقف والابتداء في القرآن الكريم

أ. م. د محمود عبد اللطيف حمد

قسم اللغة العربية

كلية التربية الأساسية/ حديثة – جامعة الانبار

كثير ممن يقرأ كتاب الله لا يعرف أن هناك علما من علوم القرآن اسمه (الوقف والابتداء)، وعد العلماء هذا العلم بعد معرفة علم اسباب النزول في تفسير القرآن الكريم ,وذلك لمعرفة تفسير الآيات القرآنية ومعرفة معانيها واحكامها ,قال الامام ابن الأنباري رحمه الله: "ومن تمام معرفة الوقف والابتداء أن لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن إلا بمعرفة الفواصل، فهذا أول دليل على وجوب تعلمه وتعليمه " وهذا يساعد على تدبر كتاب الله تعالى, حيث  قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) ولمَا ُسئل الأمام علي رضي الله عنه عن تفسير قوله تعالى (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) قال : "الترتيل تجويد الحرف ومعرفة الوقف " ومن هنا لا بد أن نعرف الوقف والابتداء لغة واصطلاحا , قال علماء اللغة الوقف :هو الحبس ومنه كما قال الجوهري :أوقفت عن الأمر الذي كنت فيه أي :اقلعت ، وهي تدل على الحبس ، قال تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) واصطلاحا : هو فن جليل يُعرف به كيفية أداء القراءة بالوقف على المواضع التي نص عليها القراء لإتمام المعاني, والابتداء بمواضع محددة لا تختل فيها المعاني والوقف والسكن بمعنى واحد ,والابتداء : هو استئناف القراءة بعد الوقف, فإما أن يستأنف القراءة بما يلي الكلمة التي وقف عندها ،أو بما قبلها او بها هي نفسها ، وقسَم العلماء الوقف الى أربعة  اقسام, القسم الاول :الوقف التام : وهو الذي يُحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لأنه لا يتعلق بشيء مما بعده وذلك عند تمام القصص وانقضائهن اي اتمام المعنى كقوله تعالى ( وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والابتداء بقوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وكقوله تعالى (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا)ويبدأ بقوله (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) ، والقسم الثاني: هو الوقف الكافي : وهو الذي يحسن الوقف عليه ايضا والابتداء بما بعده غير أن الذي بعده متعلق به من جهة المعنى دون اللفظ ,نحو الوقف على قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) والابتداء بما بعد ذلك بقوله (وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ) ونحو الوقف على قوله (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)، والابتداء بما بعدها (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) لأن كل ذلك معطوف على ما قبله  ، والقسم الثالث : الوقف الحسن : هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه  به من جهة اللفظ والمعنى جميعا نحو قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) و (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وكونها رأس آية فاذا قرأت (الْحَمْدُ لِلَّهِ) كلام تام لكن تكمل (رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهنا (رَبِّ الْعَالَمِينَ) اتمت المعنى فالوقف على (الْحَمْدُ لِلَّهِ ) وقف حسن ولا يحسن الابتداء بما بعده (رَبِّ الْعَالَمِينَ) اما اذا كان  رأس آية اي تقرا كل آية على حدة ,أما القسم الرابع وهو الوقف القبيح : وهو الذي لا يعرف المراد منه وذلك نحو الوقف على قوله (بِسْمِ ) و تكمل بعدها (اللَّهِ)او (مَالِكِ) وتقرا بعدها (يَوْمِ الدِّينِ) لأن الوقف هنا لم يعلم أي شيء أضيف وحكمه وجوب الوصل وعدم جواز الوقف عليه إلا لضرورة ويلزم الابتداء بالكلمة التي وقف عليها أو بالكلمة التي قبل الوقف نحو وقوفه في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي) وهنا وقف على كلمة توهم معنى ولا تليق به تعالى ، وهو اشد انواع قبحا وكوقوفه على قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)إنما الصواب أن يكملها (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ , الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) واخيرا نسال الله ان يجعلنا ممن يتدبر القران فيزداد ايمانا  وعلما .