سنة الله في الخلق

سنة الله في الخلق

سنة الله في الخلق

                                                                               أ.م.د. خليل نوري العاني

   ان كثيرا من المسلمين لا يعيرون مفهوم السنن ما يستحقه من اهتمام , وكثير منهم لا يدركون اصلا مفهوم( سنة الله في الخلق ) ادراكا صحيحا , فتراهم يرفضون عن وعي او غير وعي علاقة وارتباط النتائج بأسبابها لانهم يظنون ان القول بارتباط النتائج بأسبابها ارتباطها ضروريا يعني اقرار الحتمية على الله تعالى ومن ثم تعطيل الارادة الالهية !

   والصواب انه لا حتمية بحق الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء وهو خالق الكون وخالق السنن وهو رب الاسباب والمسببات , ولكن الله عز وجل اخبرنا بان هذا السنن والقوانين قد وضعت بمشيئته فمن اخذ بها واتعظ واعتبر فقد فاز في الدنيا والاخرة. قال تعالى: (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) فاطر :43.

   ومن هنا تنبع اهمية البحث في السنن التي وضعها الله تعالى لكي تحكم حركة الحياة والكون والانسان , فمعرفة هذه السنن والايمان بها والعمل بمقتضاها تجعلنا اكثر قدرة على تسخير الكون بما فيه من حولنا , وتجعلنا ايضا على بينة وبصيرة من تحديد نقاط الضعف والقوة فينا –نحن المسلمين- وبالتالي النهوض بالحضارة الاسلامية والعودة بها الى سابقة مجدها وعزها .

    ولقد خصص القران الكريم جانبا كبيرا من سوره ركز فيها على اهمية النظر في السنن التي يخضع لها هذا الكون وايضا ليلفت نظرنا الى ان المجتمعات البشرية محكومة بنوع من السنن التي تضبط حركتها وتطورها وتحدد في نفس الوقت مصيرها وقد كان للنظر والتبصر والعمل في هذه السنن اثر كبير في نشأة الحضارة الاسلامية ونموها وازدهارها .

     فموضوع النظر في السنن والنواميس الالهية التي يخضع لها هذا الكون بما فيه والاعتبار والاتعاظ بها هو من الاهمية بمكان وخاصة ما يتعلق منها بالإنسان اذ انه المقصود من هذا الوجود والمسخر له ما في هذا الكون كله قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية 12-13

 

    فالانسان هو المخلوق الذي اختاره الله تعالى ليكون خليفته في ارضه وقد وصف الله عز وجل وهذا الاستخلاف بانه امانة وامانة ثقيلة جدا وتبعاتها كثيرة وانها عرضت على غيره من مخلوقات الله تعالى فرفضوها ورضي الانسان بها فوضع نفسه في موضع الاختبار والامتحان, فحري به بعد هذا ان يكون على قدر المسؤولية التي اخذها على عاتقه وان يتتبع سنن الله تعالى في كونه وارضه وخلقه ليعمر الارض ويحقق معنى الاستخلاف الذي كلفه به سبحانه وتعالى .