الإصابات الصغيرة المتكررة

الإصابات الصغيرة المتكررة

الاستاذ الدكتور جمعة محمد عوض  

 أن هذه الإصابات يمكن أن تحدث لجميع الأفراد الذين يزاولون التدريب بأنواعه المختلفة وخصوصا عند تأدية حركات ذات وتيرة واحده وقد بدأ الاهتمام بها في العقدين الآخرين بصفة خاصة. والمشكلة أن هذه الإصابات غير ظاهرة للعيان رغم وجود الآلام التي يشعر بها الفرد وتبدأ في صورة الأم موضعية في منطقة من مناطق الجسم خصوصا في الاندغامات العضلية أي في منطقة الاتصال بين جسم العضلة والعظم وبالتحديد في الأوتار العضلية كالوتر الاخيلي والوتر الرضفي ووتر العضلة ذات الرأسين العضدية. أن تسمية هذه الإصابات (بالميكرو تروما) هي تسمية أجنبية حيث يعني (المايكرو) صغير و(تروما) إصابة . إن المصاب بالإصابة الصغيرة يمكن إن يشفى منها بفترة قصيرة لا تتجاوز عدة أيام أذا ما أعطى الراحة اللازمة ولكن الاستمرار في التدريب وبذل الجهد العالي يؤدي إلى تكرار هذه الإصابة في نفس المكان مع استمرار النزف وبذلك تدخل الإصابة مراحل متقدمة قد تحتاج إلى العلاج الجراحي لإزالة التكلسات والتليفات الموجودة وتحدث هذه الإصابات للرياضيين خصوصا في المعسكرات التدريبية وعند التدريب المكثف حيث يشكو الرياضي من الألم في منطقة معينة من الجسم وتزول بعد الإحماء وتعاوده مرة أخرى بعد انتهاء التدريب.

إن أسباب الرئيسية لهذه الإصابات هي:

1-    زيادة الجهد البدني أكثر من قابلية الفرد مع تكرار هذا المجهود لفترات طويلة.

2-    تصعيد التدريب بصورة مفاجئة بعد الانقطاع عنه لفترة طويلة .

3-    التكرار لحركات معينة متشابهة ومتماثلة لفترة طويلة. وقد تناولها العديد من الباحثين بالدراسة والبحث لأهميتها حيث عرفها عدد من المختصيين بأنها الإصابة التي تحدث نتيجة تأثيرات طفيفة تتعدى قابلية المقاومة الفسلجية للأنسجة مؤدية بعد تكرارها إلى تغيير وظيفة وتكوين هذه الأنسجة. وقد اوضحوا أن تكرر الإصابات الصغيرة يؤدي إلى حدوث تغيرات وظيفية مزمنة عند ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة وبخاصة الأداء الذي يتطلب الجهد العالي.

إن إعداد الرياضيين يتطلب بذل جهود كبيرة في الساعات التدريبية وأحيانا يكون مستوى الشدة في الوحدات التدريبية أعلى من قابلية الرياضيين وبذا تظهر الآلام في المناطق المعرضة للجهد وخصوصا في منطقة الساق بسب التمزقات المجهرية في أنسجة تلك المنطقة وقد بينت بعض المصادر إن الإحساس بالآلام سببه التمزقات الصغيرة في النسيج الضام للعضلة وخاصة بالقرب من أطرافها كما جاء أيضا إن سب ذلك يرجع إلى الزيادة في جرعات التدريب المكثف وأداء المجهودات العضلية العنيفة لفترات طويلة وبصورة متكررة . 

وأكدت بعض المصادر إن الاستخدام المكرر للعضو وبإفراط يؤدي إلى حدوث التهاب أندغام الأوتار نتيجة الاحتكاك الذي يحصل بين الوتر والغلاف المحيط به  .

وأكد العديد من المختصيين أن الإصابات الصغيرة المكررة تحدث من الرضفة وصفاق العضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية عند استخدامها أكثر من اللازم .

لذ يؤكد الباحثون أهمية التخطيط لعملية التدريبية البدني بحيث توضع البرامج التدريبية وتنفذ وفق نظام يضمن عملية التدرج من وحدة تدربيه لأخرى لغرض تحقيق الهدف المطلوب من الإعداد البدني وهو الوصول بالرياضيين إلى مستويات بدنية جديدة تضمن لهم أداء الواجبات المختلفة بكفاءة واضحة, ويذكر البايلوجيون أن عدم التخطيط لعمليات التدريب مع عدم إتباع التدرج في زيادة التحميل من حيث الشدة والحجم يفضي إلى حالة الحمل الزائد نتيجة لأداء تدريب ذو شدة أعلى من إمكانات الفرد العضوية ، ومن الأسباب الأخرى المؤدية إلى حدوث هذه الإصابات الأداء الفني الخاطئ, فعندما يؤدي المتدربون حركات فنية غير صحيحة تحدث الإصابة وتتكرر عند الأداء للمرة الثانية لذا يجب تعليم المتدربين الأداء الصحيح مع الوضع التشريحي الملائم وبذلك تصبح حركة الرياضي اقتصادية وموجهة وعلى أثر ذلك تقل نسبة هذه الإصابات مع التأكيد على الإحماء.

مراحل الإصابة (التغيرات المرضية):

تحصل التغيرات المرضية في النسيج المصاب على ثلاث مراحل متداخلة مع بعضها وكما يأتي:

1-     المرحلة الأولى : وبسب المجهود العالي تحدث تمزقات دقيقة في بعض الأنسجة المعرضة للجهد وهذا يعني حدوث الإصابة الصغيرة مع حدوث تغيرات التهابية في أغلفة أوتار العضلات وفي أغلفة المفاصل والعظام تؤدي إلى تجميع الخلايا الالتهابية مع نضح التهابي في الأنسجة الرابطة ونزوف دموية شعرية في المنطقة, وبعد ذلك تتجمع السوائل الالتهابية في مكان الإصابة وعند الراحة أو تقليل الجهد يقوم الدم واللمف بامتصاص هذه السوائل ولكن الاستمرار في الجهد والتحميل العالي يؤدي إلى بقاء هذه السوائل في المنطقة المصابة.

2-     المرحلة الثانية : فهي وليده المرحلة السابقة ويحصل فيها مايسمى بالتليف حيث إن لوجود النسيج الليفي غير القابل للانقباض في أنسجة المنطقة المصابة تأثيرا سلبيا في الحركة الطبيعية للطرف المصاب بسبب زوال الخاصية اللزجة لهذه الأنسجة التي لها أهميتها في الأداء الحركي.

3-     المرحلة الثالثة : فهي أصعب المراحل حيث تتحول التليفات الموجودة في النسيج المصاب إلى مادة متكلسة ومن الممكن الكشف عنها بواسطة الفحص الشعاعي وتبدأ هذه المرحلة عند ظهور ترسبات كلسيه في الأنسجة الملتهبة والليفية مع تغيرات اندثاريه في الغضروف المغلف للعظام داخل المفصل أو في الأنسجة العظمية نفسها.

مناطق الجسم المعرضة إلى الإصابات الصغيرة المتكررة:

تتعرض أغلب مناطق الجسم للإصابات الصغيرة المتكررة حسب الجهد الذي يؤديه مفصل أو عدة مفاصل ففي مفصل الركبة تحدث التغيرات الالتهابية في المناطق التالية :

1-    الوتر الرضفي وغلافه.

2-    صفاق العضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية

3-    النتوء القصبي الأمامي.

4-    النهاية السفلى لعظم الفخذ داخل مفصل الركبة وتتعرض الغدة الشحمية تحت الرضفية إلى الالتهاب وتصبح الإصابة مزمنة في بعض الحالات المتقدمة إضافة إلى التهاب الوتر الرضفي نفســــــــه .

       وما سبق أن التهاب الوتر الرضفي غالبا ما يرافقه التهاب في الغدة الشحمية تحت الرضفية بسبب الاحتكاك المستمر بين الوتر والغدة لأداء الحركات والتمرينات المطلوبة. وفي الساق تحدث الإصابة في عظم القصبة وغلافه وكذلك في الوتر الاخيلي وغلافه, وبينت المصادر إن سمحاق عظم القصبة معرض إلى الالتهاب نتيجة الإجهاد العالي للعضلات أو بسبب تكرار النشاط على أرض صلبة أو بعد الانقطاع عند التدريب والعودة إليه. كما تتعرض العضلات القصبية الأمامية والخلفية إلى الالتهابات بسبب زيادة الجهد التدريبي أكثر من الحدود الطبيعية وبذألك تصبح الإصابة مزمنة وتحتاج إلى التداخل الجراحي . كما يتعرض الوتر الاخيلي إلى هذه الإصابات في منطقة اتصاله بالعضلة  التوأمية أو عند اندغامه بعظم العقب بسبب التقلصات القوية لهذا العضلة ، ويلتهب الغلاف ألليفي لهذا الوتر نتيجة لتكرار حركات القفز أو عند أداء مجهود لم يتعود عليه حيث يحدث الم في المنطقة مع تورم أحيانا تمنع الفرد من الأداء. وفي مفصل المرفق تحدث هذه الإصابات في غلاف اللقمة الأنسية واللقمة الوحشية لعظم العضد وفي مدغم وتر العضلة ذات الثلاث رؤوس العضدية وأشارت بعض المصادر إن الالتهاب يحدث كمرحلة أولى للإصابة الصغيرة في العضلات المتصلة بالعضد وتحدث نتيجة أداء حركات الثني والمد بقوة أو بسبب أخطاء تكنيكية مع تكرار هذه الحركات  ويتعرض مفصل الكتف للإصابات الصغيرة وتحدث في غلاف المفصل أو في وتر الرأس الطويل للعضلة ذات الرأسين العضدية كما تحصل في الغدة الدهنية تحت العضلة الدالية وان وتر العضلة فوق الشوكية معرض لهذه الإصابات وقد يتليف ثم يتكلس في الحالات المزمنة بسب الاستخدام الزائد . وهناك مناطق أخرى معرضة للإصابات الصغيرة مثل الفقرات الصدرية والقطنية والأربطة الشوكية الرابطة بينهما, وكذألك الارتفاق العاني في مقدمة حزام الحوض مع التهاب غلاف العظم العاني والعضلات البطنية المستقيمة المتصلة به.

ولغرض التخلص من هذه الحالة المرضية في مراحلها الأولى لمنع حدوث المضاعفات نوصي بما يأتي:

1-    تثقيف المدربين بوجود هذه الحالة المرضية الناتجة من التدريب الذي يفوق قابلية المتدربين.

2-    التدرج في زيادة الشدة مع تقدم مراحل التدريب.

3-    من الضروري أجراء اختيارات بدنية في المعسكرات التدريبية باستخدام البطاريات التي تقيس اللياقة البدنية للوقوف على المستوى ومن ثم وضع البرامج الملائمة لذلك مع تعليم المدربين لمعرفة كيفية تنفيذ هذه الاختيارات.

4-    مراعاة العمر أثناء التدريب حيث إن القابلية تقل بتقدم العمر.