صحة التربة

صحة التربة

 

ا.د. وقاص محمود عبداللطيف

لقد عُرِّفت صحة التربة بأنها:” قدرة التربة على أن تعمل كنظام حي. فالتربة الصحية تحتفظ بمجموعة متنوعة من احياء التربة التي تساعد على مكافحة أمراض النباتات، والآفات الحشرية والأعشاب الضارة، وتشكل اتحادات تكافلية مفيدة مع جذور النباتات، وتعيد تدوير المغذيات النباتية الأساسية، وتحسِّن بنية التربة بما يحقق نتائج إيجابية بالنسبة لقدرة التربة على حفظ المياه والمغذيات فيها، وتحسن في نهاية الأمر الإنتاج ، ويمكن أن يضاف إلى ذلك التعريف منظور نظام إيكولوجي: التربة الصحية لا تلوِّث بيئتها بل تساهم بالأحرى، في التخفيف من آثار تغير المناخ بالحفاظ على محتواها الكربوني أو بزيادته.

وأحد المتطلبات الرئيسة للإنتاج المستدام إيكولوجياً هو أن تكون التربة صحية، مما يهيئ بيئة في منطقة الجذور تجعل نشاط النباتات والحيوانات الموجودة في التربة يبلغ حده الأمثل وتتيح جعل أداء الجذور يبلغ أقصى حد ممكن. فباستطاعة الجذور أن تمتص المغذيات النباتية والماء وأن تتفاعل مع طائفة من الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة والتي تعود بالفائدة على صحة التربة وعلى الأداء المحصولي.

ينظر الى الانسان والبيئة على انهما نظام واحد ذو هدف أساسي يسعى لتطوير الجانب الصحي والانتاجي للتجمعات الحياتية المستقلة والتي تشمل كل من التربة والنبات والحيوان والانسان، ومن اجل تحقيق هذا الهدف ينبغي انتقاء وسائل وفعاليات الإدارة المزرعية بعناية وذلك بقصد اصلاح التوازن البيئي للحقل والحفاظ عليه وبالتالي البيئة المحيطة به وصولا الى حماية النظام البيئي للكوكب برمته. ان شعار (قم بتغذية التربة وليس النبات) مبدا أساسي في فعاليات إدارة التربة الجيدة من الناحية البيئية وتشمل هذه الفعاليات اتباع الدورة الزراعية المناسبة والزراعة المتداخلة واستخدام السماد الأخضر ومخلفات النبات وفضلات حيوانات المزرعة واتباع أساليب الحراثة الصحيحة والتطبيقات العقلانية للعناصر الغذائية المعدنية.

تعد صحة التربة حالة التربة التي تلبي مجموعة وظائف النظام الإيكولوجي الخاصة بها بما يتناسب مع بيئتها. بعبارات عامية أكثر، تنشأ صحة التربة من التفاعلات المواتية لجميع مكونات التربة (الحية وغير الحية) التي تنتمي معًا، كما هو الحال في الكائنات الحية الدقيقة والنباتات والحيوانات. من الممكن أن تكون التربة صحية من حيث أداء النظام البيئي ولكن لا تخدم بالضرورة إنتاج المحاصيل أو التغذية البشرية بشكل مباشر، المبدأ الأساسي في استخدام مصطلح "صحة التربة" هو أن التربة ليست مجرد وسط نمو خامل وبلا حياة ، والذي تميل الزراعة المكثفة الحديثة إلى تمثيله ، بل هي بيئة كاملة حية وديناميكية ومتغيرة باستمرار. . اتضح أن التربة شديدة الخصوبة من وجهة نظر إنتاجية المحاصيل هي أيضًا حيوية من وجهة نظر بيولوجية. من المعروف الآن أن الكتلة الحيوية الميكروبية للتربة كبيرة في تربة الأراضي العشبية المعتدلة يعتقد بعض علماء الأحياء الدقيقة الآن أن 80? من وظائف المغذيات في التربة يتم التحكم فيها بشكل أساسي بواسطة الميكروبات باستخدام تشبيه صحة الإنسان، يمكن تصنيف التربة السليمة على أنها ذات الخصائص البيولوجية والكيميائية والفيزيائية؛ ليست مريضة أي غير متدهورة وتقاوم التدهور من النوع الذي يحافظ على هذه القدرة في المستقبل.

سيكون للتربة معايير مختلفة للصحة اعتمادًا على الصفات "الموروثة" والظروف الجغرافية للتربة. ومن العوامل التي تحدد صحة التربة الإنتاجية الواسعة، تنوع الحياة، الامتصاصية والتخزين وإعادة التدوير، لا ضرر أو ضياع للمكونات الأساسية. والذي ينتج عنها غطاء نباتي شامل، تسرب ضئيل للمغذيات من النظام البيئي، مستويات الكربون عالية، الإنتاجية البيولوجية والزراعية العالية، لا تراكم للملوثات وبالتالي فإن التربة غير الصحية هي العكس البسيط لما سبق.