الدجاج العضوي واهميته في تغذية وصحة المجتمع

الدجاج العضوي واهميته في تغذية وصحة المجتمع

  

أ.د. حسام حكمت نافع

قسم الانتاج الحيواني

    تعد لحوم الدجاج من اكثر البروتينات الحيوانية استهلاكا في العالم لكونها ارخص ثمنا ولا تسبب مشاكل صحية للمستهلكين مقارنة باللحوم الحمراء ، اذ تم تهجين سلالات سريعة النمو لتلبية حاجة الاسواق وتحقيق عائد ربحي اكبر بالنسبة لمالكي مشاريع تربية الدجاج وتم ادخال وجبات الدجاج بشكل مكثف مع توفير الاضاءة الصناعية والاعلاف المركزة والمضادات الحيوية كمحفزات نمو والأخيرة باتت تسبب مشاكل مرضية منها توليد بكتريا مقاومة علاوة عن مشاكل التربية المكثفة الاخرى كارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة والامونيا وظهور الاصابات التنفسية الحادة ، لقد اصبحت معظم الدول النامية ساحة لكل الاسواق الكاسدة من ادوية كيميائية ومضادات حيوية ومواد علفية لشركات لا اصل لها في عالم تربية وانتاج الدواجـن والتي عادت بمردودها السـلبي على تحقيق الامن الصحي والغذائي للدواجـن مما دعت الحـاجة الى استنباط صنف تجاري يعرف بالدجاج العضوي (Organic Poultry) والذي يعد عنصرا مهما من عناصر التنمية المستدامة التي يسعى اليها الجميع في وقتنا الحاضر اذ بدأت تتحول الكثير من مشاريع الدواجن الى وحدات انتاجية مستدامة تعتمد على تطبيق وتوظيف الاساليب والتقنيات التي تكفل حماية البيئة وتقدم في نفس الوقت منتجات عضوية امينة لصحة المستهلك، اصبحت منتجات الدواجن العضوية ضمن المنتجات التنافسية التجارية لكثير من دول العالم ، ان الاعتقاد السائد عن تعريف الدجاج العضوي هو الدجاج الخالي من المواد الكيميائية والمضادات الحياتية والهورمونات فقط ، بل ان مفهوم الدجاج العضوي اوسع من هذا الاعتقاد فهو عملية مبرمجة يتم فيها تربية الدجاج بنظام حيوي مشتق من الطبيعة لا يعتمد على اضافات كيميائية وهورمونات ويحرص منتجيها على توفير الرفاهية والرعاية الصحية والادارة الجيدة واستعمال موارد طبيعية متجددة والابقاءعلى التنوع الحيوي وسلامة الغذاء والمحافظة على البيئة في المستقبل ، كما انها تناسب بيئتنا ومناخنا وعاداتنا الاجتماعية وخبراتنا الطويلة في التعامل مع دجاج التربية المنزلية. وقد اكدت الابحاث العلمية الحديثة ان لهذا المنتوج فوائد صحية وبيئية متعلقة بصحة الانسان والطيور ذاتها. إن تربية الدواجن بطريقة عضوية تعني احلال الرعاية محل التكنولوجيا (Substituting Husbandry for Technologyبتوفير الاضاءة الطبيعية والهواء النقي والمساحات المفتوحة والرفاهية التي تتيح للطيور ان تترجم قابليتها الوراثية كما يتطلب ذلك المتابعة المستمرة للظروف الجوية السائدة اذا ماتغيرت يمكن ان تتسبب بارتفاع نسبة الهلاكات لصعوبة تطبيق هذا النوع من التربية للدجاج في موسم الشتاء البارد . على الرغم من ملائمة هذا النوع من الانتاج للظروف المناخية السائدة في بلدنا العزيز العراق وخاصة لصغار المربين والمزارعين في المناطق الريفية والقرى الصغيرة التي من الممكن ان تكون مصدرا للدخل الوطني. الا ان صناعة الدواجن العضوية لا زالت غير منتشرة بين المنتجن والمستهلكين ولاتتوفر معلومات كافية عنها. يمكن انتاج الدجاج العضوي من افراخ بعمر يوم واحد وليس بالضرورة من امهات تمت تربيتها بصورة عضوية ، ويجب معاملتها عضوياً بدايةً من اليوم الاول وعلى ان يتم تركيب علائقها من مواد علفية غير معاملة باسمدة كيميائية ومبيدات حشرية وليس بالضرورة ان يتم تربيتها على الحشائش باستمرار كما يجب ان لا تستعمل أي مادة غذائية معدلة وراثياً ويجب ان تتوفر اماكن خارج القاعة تستطيع تلك الطيور ان تصل اليها بحرية ، كما لا يسمح باستخدام الهورمونات والمضادات الحيوية والمنتجات ذات الاصل الحيواني في انتاج الدجاج العضوي ويمكن استعمال اللقاحات الوقائية لحمايتها من الامراض الشائعة كالنيوكاسل والكمبورو والكوكسيدا والمايكوبلازما وتطبيق اجراءات الامن الحيوي ، ويجب احاطة مشاريع تربية الدجاج العضوي بمسيج محكم لمنع دخول الحيوانات المقترسة وان تكون قاعات التربية متسعة أي تسمح للطيور بالحركة بحرية وتقلل من الاجهاد مع مراعاة اتزان العليقة المقدمة من حيث الطاقة والبروتين واحتوائها على العناصر الغذائية لمنع ظهور حالات الافتراس ويجب ان تكون الفرشة عبارة عن تبن او نشارة خشب ، كما يجب ان توضع كلمة عضوي على المنتوج بعد جزرة وتعبئته ولايسمح باستخدام الألوان الصناعية او مواد حافظة اثناء تعليب الدجاج العضوي . ومن ابرز فوائد تربية الدجاج العضوي هي المحافظة على نقاوة البيئة عن طريق نشر مخلفات الدواجن على مساحات واسعة من المراعي وعدم تراكمها داخل قاعات الدواجن والحفاظ على التربة ومصادر المياه من خلال تقليل تلوثها بالنترات والمسببات المرضية والمعادن الثقيلة والمضادات الحياتية والمبيدات الحشرية كما انها تحتاج الى رأس مال قليل مقارنة بالمشاريع التجارية ويمكن انتاجها موسميا حسب احتياج السوق وتوفر السعر التنافسي والعائد الربحي الجيد للمنتج وتزايد اقبال المستهلكين على هذه المنتجات. ان الكثير من دول العالم المتقدمة تؤيد وتدعم العودة الى الطبيعة في توفير احتياجاتهم من الغذاء من منطلق «غذاؤك دواؤك» وايمانا منهم بأهمية الغذاء لصحة الانسان ودوره الكبير في الوقاية من الامراض اذ بدأ الناس يدركون ان الامراض والسرطانات ناتجة عن تناول الاطعمة المعالجة بالكيمياويات والهورمونات ، لذا فان الهدف الرئيسي من تربية الدواجن العضوية هو توفير اللحم والبيض الخالي من الملوثات الضارة وذو قيمة غذائية عالية، ان القيمة الغذائية والصحية للدجاج والبيض المنتج بطريقة عضوية اعلى من الدجاج المربى بطرائق الانتاج التجاري المكثف فالدجاج العضوي يمد الجسم بالأحماض الدهنية المفيدة ومضادات الاكسدة ويتميز باحتوائه على نسبة وزن اكبر لعضلتي الصدر والفخذ ومحتوى اقل من دهن البطن ويرجع هذا التميز الى نوعية المراعي والاعشاب التي تتغذى عليها الطيور ودرجة نشاط الطائر اثناء فترة التربية ومن اهم محتويات لحوم الدجاج العضوي والمفيدة لصحة الانسان هي الاحماض الدهنية غير المشبعة التي تسمى بالأوميجا 3 والاوميكا 6 مثل الالفالينولينك والالفالينوليك والاركدونك وتعرف هذه الاحماض الدهنية بانها صديقة القلب لكونها تقلل من الكمية الكلية للدهن بالدم وبذلك تقلل من امراض القلب والشرايين التاجية والموت المفاجئ وتفيد في حالات الالتهاب ورفع مناعة الجسم وتساعد في الوقاية من السرطانات والتخفيف من مشكلة الاعتلال العصبي الذي يصيب مرضى السكري. وتحتوي لحوم الدجاج العضوي على الاحماض الدهنية غير المشبعة المذكورة اكثر مما تحتويه لحوم الدجاج التجاري ، ويتميز البيض المنتج عضوياُ بامتلاكه نسبة اكبر من الاحماض الدهنية الاوميكا 3 والبيتاكاروتين وفيتامين D وفيتامين E وانخفاض محتواه من الاحماض الدهنية المشبعة والكولستيرول مقارنة بالبيض المنتج من الدجاج التجاري. وبناءً على ذلك فقد رأيت من الاهمية ان اقوم باعداد هذه المقالة كون الانتاج العضوي للدواجن يعد من المشاريع الواعده في بلدنا العزيز العراق.