المحاصيل المحورة وراثياً

المحاصيل المحورة وراثياً

 

أ.م.د. فائز تحسين فاضل

 قسم المحاصيل الحقلية

خلال سنوات التكوين كان البشر قديماً يعدلون جينات المحاصيل والنباتات باستخدام الطريقة البطيئة للتزاوج بين المحاصيل من خلال أنتاج الهجن والأصناف التي تجمع بين الصفات المرغوبة في الفرد الناتج بعد أن كانت متفرقة بين تراكيب وراثية مختلفة لنفس النوع، أو بأستخدام المطفرات كأحد الطرق الحديثة قبل السبعينات من القرن الماضي وأن الغرض الأساسي من إنشاء مثل هذه المحاصيل هو دمج خاصية أو صفة جديدة في المحصول لا تحدث بشكل طبيعي في الأنواع. وهي عملية تحتاج الى الكثير من الوقت يتجاوز عدد من السنين عند أتباع الطرق القديمة في التهجين والأنتخاب.

بعد سنوات ليست بالطويلة من التطور السريع في علم الوراثة أصبح من الممكن اليوم دمج عدد من الصفات في المحصول من دون الحاجة الى التزاوج وذلك بأستخدام ما يعرف بالهندسة الوراثية حيث حصل على أول كائن حي (فأر) محور وراثياً (Transgenic Organism) وذلك في عام 1973 من قبل كل من هيربرت بويرز وستانلي كوهين وذلك عن طريق التلاعب مباشرة بالمادة الوراثية DNA للكائن الحي والتي يمكن اليوم بواسطتها أنتاج محاصيل يطلق عليها المحاصيل المعدلة وراثياً (Genetically Modified Crops) أو تسمى غالباً بالمحاصيل المعدلة وراثياً وهي تلك المحاصيل التي تم تحوير حمضها النووي ليكون لها خصائص محددة بأستخدام طرق الهندسة الوراثية. مع بداية الثمانينات بدأت اول المحاولات في أنتاج نباتات محورة وراثياً وذلك في الولايات المتحدة وفرنسا وكانت على محصول التبغ، في عام 1994 وافق الاتحاد الأوربي على محصول التبغ المحور وراثياً ليكون الأول في أورباً وفي عام 1995 أعلنت أميركا أن بطاطا Bt أول محصول محور مقاوم للمبيدات الحشرية و Bt هي تشير لجينات مأخوذة من البكتريا (Bacillus thuringiensis) تعيش في التربة تعطي المقاومة لكثير من الحشرات. في عام 2009 تم زراعة 11 محصول محور وراثياً في 25 دولة لغرض تسويقها، ويتم أستخدام المحاصيل مثل البطاطس أو الذرة وفول الصويا والكوسة والطماطم والكانولا وغيرها في برامج التحوير لزيادة كمية أنتاجها، وتستخدم المحاصيل المحورة وراثياً بشكل رئيسي في الزراعة وتمتلك أميركا والبرازيل والأرجنتين والهند وكندا والصين وجنوب أفريقيا أكبر مساحات مزروعة بالمحاصيل المحورة وراثياً.

أن عملية الحصول على المحاصيل المحورة وراثياً هي عملية معقدة وصعبة يمكن ذكرها بشيء من التبسيط إذ تتطلب العملية اولاً تحديد نبات أو كائن حي أخر له خاصية معينة مرغوبة يلي ذلك نسخ جيناته في المختبربعدها يتم إدخال الجينات المرغوبة الى الحمض النووي لخلية النبات الآخر المطلوب تحويره وهي ألية معقدة لاحاجة لذكرها هنا. لنقل الحمض النووي ، يتم استخدام تقنيات مختلفة لنقل الجينات أكثرها شيوعاً هي استخدام الفيروسات أو البكتيريا أذ أن هناك العديد من البكتيريا والفيروسات تستخدم لنقل الحمض النووي إلى خلية النبات ، ولكن بالنسبة للمحاصيل يتم استخدام بكتيريا تسمى Agrobacterium tumefaciens. تُستخدم هذه الخلايا التي تم تعديلها الآن لزراعة نباتات جديدة بهذه الخاصية المحددة. ستخضع هذه المصانع الجديدة ، قبل بيعها للمزارعين لاختبارات ومراجعات مختلفة.

 

 

مزايا المحاصيل المحورة وراثيا

يختار العلماء أفضل الخصائص لتضمينها في المحاصيل المحورة وراثيًا، وبالتالي هناك العديد من المزايا لها ومن بين تلك المزايا تم تصميم المحاصيل المحورة وراثيًا لتكون سريعة النمو ومقاومة للآفات وبالتالي استخدام قليل جداً للمبيدات أن لم يكن معدوم وهذا ينعكس بالتالي على صحة المستهلك والبيئة. تعتبر هذه المحاصيل رخيصة الثمن وذلك نتيجة لانخفاض تكاليف خدمة المحصول والإنتاج مقارنة بالمحاصيل التقليدية الأخرى أضافة الى زيادة الغلة أفقياً وعمودياً لكونها محاصيل أكثر تحمل للظروف البيئية القاسية.

كما لا تخلو المحاصيل المحورة وراثياً من المخاطر والعيوب أذ تعد مصدر لردود فعل تحسسية لدى الناس نظراً لكونها تحتوي ربما على حمض نووي لكائنات أخرى لذا فمن المرجح أن ينشط الحمض النووي الجديد تفاعلات التحسس لدى أشخاص لا يعانون عادة من الحساسية تجاه نفس الطعام أو حالات من الحساسية لم تكن معروفة سابقاً. قد تكون المحاصيل المحورة وراثيًا قد زادت من إنتاج السموم بمستويات ضارة بالفعل للإنسان يتم إنتاج هذه السموم إما بسبب تلف الجين أثناء إدخاله في الحمض النووي لنبات آخر أو عندما لا يقبل الكائن المتلقي الجين المُدخل. وبالتالي ، فإن تناول هذه الأطعمة قد يضر بصحة الفرد. انخفاض القيمة الغذائية، هناك تقارير تفيد بأن بعض الأطعمة المنتجة من المحاصيل المحورة وراثيًا خالية من القيمة الغذائية. نظرًا لأن الهندسة الوراثية تركز أكثر على تحسين الإنتاج وزيادته كماً، وإطالة عمر هذه المحاصيل ، ومنع الآفات فغالبًا ما يتم التغاضي عن القيمة الغذائية وبالتالي تتعرض نوعية الغذاء للخطر. أثناء جعل المحصول أكثر مقاومة للآفات ، لوحظ أيضًا أن هناك انخفاض في المواد الكيميائية النباتية المضادة للأكسدة.

تعد تجربة التحوير الوراثي عموماً من أخطر التجارب وأكثرها خروجاً عن السيطرة والتحكم وأن الأغذية المنتجة من المحاصيل المحورة وراثياً لم تخضع بعد للبحث في أثرها على صحة الفرد والبيئة على المدى البعيد. أن التحوير الوراثي للمحاصيل قد يهدد ويحطم التنوع والتجانس الجيني للمصادر المختلفة والتي تمنح الديمومة والثبات للبيئة، أن مثل هذه التقنية تخدم فئات محددة من المنتجين ممن يسعون للقوة والمال وتلبية رغباتهم على حساب تلبية احتياجات البشرية بشكل عام.

وأخيراً أنت كمستهلك هل تعتقد بأن المحاصيل المحورة وراثياً أمنة للاستهلاك البشري؟ وهل تعلم أي المنتجات الغذائية التي تتناولها هي مصنعة من محاصيل محورة وراثياً ؟ شاركنا رأيك.