الاسمدة العضوية- الحيوية  واهميتها في مكافحة التلوث الغذائي

الاسمدة العضوية- الحيوية واهميتها في مكافحة التلوث الغذائي

 

 الأستاذ الدكتور ادهام علي عبد

 

  

يُعد الكشف العلمي لتقانة اعداد وتحضير وتصنيع الأسمدة العضوية الحيوية واحدا من أهم الهبات الكثيرة التي وهبها الله للبشرية، فمنذ منتصف القرن العشرين توجهت انظار الباحثين والمهتمين بالجانب الزراعي والبيئي نحو أهمية استخدام المخصبات الحيوية لحماية البيئة والحفاظ على صحة الإنسان والحيوان و العودة إلى ما يطلق عليه الزراعة الآمنة بعيدا عن استخدام الكيماويات والعمل على أنتاج أغذية خالية من الملوثات.  إذ تُعد هذه المصادر من الأسمدة او المخصبات الحيوية مصادر غذائية للنبات رخيصة الثمن وبديلة كلياً أو جزئيا عن استخدام الأسمدة المعدنية ذات الاثر السيء على تلوث البيئة سواء كان للتربة أو المياه عند الاستخدام المفرط ، فضلاً عن كونها توفر نحو 75% من كمية الأسمدة المستخدمة خلال زراعة المحاصيل، كما تُعد من مقومات التربة للحفاظ على نمو النبات بشكل طبيعي دون تأثير سلبى. ومن خلال تطبيق استعمالها يمكن الوصول إلي نموذج بيئي متكامل في اطار قانون البيئة وبالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية ودون تعارض مع اختصاصاتها بل وبتفاهم وتعاون مع جميع الجهات ذات العلاقة والاختصاص.

إن الإنتاج الزراعي منذ بدء الخليقة يعتمد أساساً على العناصر الغذائية الطبيعية المتوفرة في التربة والماء والهواء والتي تتبادل في دورات ديناميكية طبيعية مع مخلفات جميع الكائنات الحية وذلك نتيجة للعوامل البيولوجية المتكاملة حتى تظل في حالة اتزان طبيعي. والنداء إلى العودة إلى الطبيعية ــ امر لا يعتبر رده أو تخاذلاً عن السير في موكب التقدم العلمي في وقتنا الحاضر ــ بل هو دعوة إلى المزيد من استخدام التقنيات الحديثة. في تطوير واستخدام أساليب وآليات علمية حديثة لتطويع امكانيات الطبيعة واستخدامها كمصادر غذائية طبيعية للنبات  وفي ذلك استجابة للمطلب العالمي المتزايد من حيث الحد من مصادر التلوث البيئي والارتفاع بالمستوى الصحي عن طريق الحصول على غذاء غير ملوث.

 

 

  

تعتبر الأسمدة الكيماوية النتروجينية والفوسفاتية والبوتاسية العامل المحدد في الإنتاج الزراعي وهو ما يعبر عنه بحزمة العناصر الغذائية الكبرى بالإضافة إلى العناصر الدقيقة الا  ان  استعمالها  المتزايدى أدى إلى زيادة الإنتاج الزراعي ــ من حيث كمية المحصول ــ لكن مع تطور تقنيات التحليل الكيماوي ــ قد ظهرت آثار جانبية ضارة ــ نتيجة لتراكم متبقياتها وما بها من شوائب للعناصر الثقيلة ــ مثل ــ الكاديوم في متبقيات الأسمدة الفوسفاتية وكذلك نتيجة تراكم فواقد الأسمدة النيتروجينية مثل النترات والنيتريت (في المياه السطحية والجوفية). وفي هذا الصدد ، تقدر فواقد الأسمدة النيتروجينية فيما بين 40% إلى 60% والمستفاد منها بواسطة النبات من 30-40% والمتبقي بالتربة في حدود 10%. وتقدر نسبة الاستفادة من الأسمدة الفوسفاتية في الترب الكلسية 15% فقط. إن استخدام الملقحات الحيوية يوفر للنبات جزء لا بأس به من احتياجاته من النيتروجين وتعمل على زيادة صلاحية فوسفات التربة للامتصاص النباتي كما تجدر الاشارة هنا أيضاً إلى أن بعض الأحياء الدقيقة لها القدرة على افراز بعض منشطات النمو ولذلك  يعبر عن الزراعة الحيوية - العضوية بالنظام الانتاجي المتكامل ، وبالرغم من انتشار الزراعة الحيوية - العضوية لا يزل في بداية خطواته الأولى إلا أنه في طريقه إلى التقدم والتطور التدريجي  نظراً لما تعانيه البشرية من الاضطراب والتوازن الحيوي والايكولوجي الطبيعي للبيئة هذا فضلاً عن الالحاح المستمر والمتزايد في الطلب على المنتجات الزراعية الغذائية الصحية وغير الملوثة. إن الدعوة إلى نشر الزراعة العضوية والحيوية أسوة بما تم في هذا الشأن بالبلاد المتقدمة امر بالغ الاهمية وذلك للحد من التلوث البيئي والحصول على غذاء صحي. 

إن اختيار تكنولوجيا إنتاج لقاحات الأسمدة الحيوية ونوعية المواد الحاملة لها هو المفتاح لنجاح تطبيق الأسمدة الحيوية. علاوة على ذلك، فإن دراسة التفاعلات المشتركة بين النبات والتربة والكائنات الحية الدقيقة المختلفة وتسليط الضوء على علاقاتهم يحدد أفضل الطرق الممكنة لاستغلالها للأغراض الزراعية.الامر يتطلب الإيمان بالفكرة والدعوة المستمرة إلى نشرها مع التلاحم مع تطورات العلم الحديث حتى يمكن التغلب على المعوقات إلى أن يتحقق هدف التحول تدريجياً وربما يتم ذلك خلال هذا القرن إن شاء الله.

ختاما نقول بأن الشرط الأساسي لازدهارنا الحقيقي واستمرارية وجودنا يكمن، الى حد كبير، في مدى حمايتنا لتربتنا فضلا عن تلبية احتياجاتنا الذاتية من مصادرنا المحلية.  الأمر الذي يتطلب تعزيز مبدأ تدوير استخدام المصادر المحلية.  لأن كل المخرجات "الضائعة" أو النفايات التي لا يعاد إدخالها الى نفس النظام الانتاجي أو الاستهلاكي واستعمالها ثانية كمدخلات فإنها سوف تتحول الى تلوث.