النباتات الطبية بين الماضي والحاضر

النباتات الطبية بين الماضي والحاضر

 النباتات الطبية بين الماضي والحاضر

م. م. سمير سرحان خليل – قسم علوم الحياة

eps.sameersarhan.khleel@uoanbar.edu.iq

الصفحة الرسمية الألكترونية للكاتب

اكتشفت النباتات الطبية منذ عصور ما قبل التاريخ واستخدمت في الطب التقليدي. أمكن اصطناع مئات المكونات الكيميائية من النباتات لتستخدم في مكافحة الحشرات والفطريات والأمراض. اعتمد البحث الدوائي على علم النباتات الشعبي لاكتشاف النباتات الفعالة دوائيًا، وهذا أدى للكشف عن مئات المكونات المفيدة التي شملت كلًا من الأسبرين والديجوكسين والكوينين والأفيون. وُجدت هذه المكونات في أنواع مختلفة من النباتات، لكن أغلبها ينتمي إلى أربع فئات كيميائية حيوية رئيسة: شبه القلويات والغليكوسيد ومتعدد الفينول والتربينات. تطبق العديد من البلدان نوعًا من اللوائح التنظيمية على الطب التقليدي، لكن منظمة الصحة العالمية تنظم شبكة تشجع على الاستخدام الآمن والمنطقي لهذه النباتات. تواجه النباتات الطبية عوامل الخطر العالمية المتمثلة في تغيرات المناخ وتدمير البئية، والعوامل النوعية مثل الجمع المفرط لتلبية احتياجات السوق.

حقبة ما قبل التاريخ 

استُخدمت العديد من النباتات في المداواة في حقبة ما قبل التاريخ، ومنها العديد من الأعشاب والتوابل المستخدمة حاليًا دون أن تثبت فعاليتها بالضرورة. استخدمت التوابل لمكافحة البكتيريا المفسدة للأغذية خصوصًا في المناخ الحار وأطباق اللحوم سريعة الفساد. مثلت كاسيات البذور (النباتات المزهرة) المصدر الأصلي لأغلب النباتات الطبية، واستقرت المستوطنات البشرية غالبًا بجانب أماكن نمو الأعشاب الطبية مثل القراص وحشيشة القزاز.

الحقبة القديمة

في سومر القديمة، اكتشفت مئات النباتات الطبية مثل المر والأفيون مذكورةً في الألواح الطينية منذ نحو 3,000 سنة قبل الميلاد. أُدرج أكثر من 800 نبات طبي في بردية إبيرس في مصر القديمة شملت كلًا من الصبر والقنب الهندي والخروع والثوم والعرعر. في القرن الرابع قبل الميلاد، كتب ثاوفرسطس تلميذ أرسطو أول نص منهجي في علم النباتات البحث في النباتات، ونحو عام 60 بعد الميلاد، وثق الطبيب اليوناني ديسقوريدوس التابع للجيش الروماني أكثر من 1000 وصفة طبية تعتمد على ما يزيد من 600 نبات طبي في كتاب المقالات الخمس الذي بقي المرجع المعتمد في الأعشاب الطبية لأكثر من 1,500 عام، أي حتى القرن السابع عشر الميلادي.

العصور الوسطى

في بداية العصور الوسطى ازدهر علم الأعشاب في العالم الإسلامي خاصةً في بغداد والأندلس. ألف الطبيب القرطبي الزهراوي (936-1013) كتاب المركبات البسيطة, بينما ذكر ابن البيطار  (1197-1248) مئات الأعشاب الطبية مثل الآقونيطن (تاج الملوك) والجوز المقيء والتمر الهندي في مجموعة البسطاء. شمل كتاب القانون في الطب لابن سينا عام 1025 بعد الميلاد العديد من النباتات الطبية، وألف أبو الريحان البيروني وابن زهر وبطرس من إسبانيا ­­وجون من سان أماند المزيد من الدساتير الدوائية.

بداية العصور الحديثة

شهدت بداية العصور الحديثة ازدهارًا في تصوير النباتات العشبية على امتداد أوروبا بدءًا من «كتاب الأعشاب الكبير» عام 1526. ألف جون جيرارد كتاب الأعشاب أو التاريخ العام للنباتات عام 1597 استنادًا إلى معلومات الطبيب رمبيرت دودوينز، بينما نشر نيكولاس كلبيبر مؤلفه الأدوية الإنجليزية الموسعة.

القرن التاسع عشر والقرن العشرون

تغيرت أهمية النباتات في الطب جذريًا في القرن التاسع عشر بعد تطبيق تقنيات التحليل الكيميائي. عُزلت أشباه القلويات من سلالات النباتات الطبية بدايةً من المورفين المستخلص من الخشخاش عام 1806 الذي تلاه عرق الذهب والإسطركن عام 1817، وأُنتج الكوينين من شجرة الكينا ثم من العديد من النباتات الأخرى لاحقًا. اكتشفت أصناف جديدة من المواد الفعالة دوائيًا في النباتات الطبية مع تطور علم الكيمياء، وبدأ استخلاص أشباه القلويات (ومنها المورفين) تجاريًا في شركة ميرك جروب عام 1826. بدأ اصطناع المادة الدوائية التي اكتشفت في النباتات الطبية من حمض السالسيليك لأول مرة عام 1853. مع نهاية القرن التاسع عشر، بدأ علم الأدوية بمعارضة استخدام النباتات الطبية لأن الإنزيمات غالبًا ما تعدل نشاط المكونات الدوائية عند تجفيفها، واتجه نحو استخدام القلويات والغليكوسيدات المستخلصة من المادة النباتية. حافظت الأدوية المكتشفة من النباتات الطبية على أهميتها خلال القرن العشرين والحادي والعشرين، واكتشفت أدوية مهمة مضادة للسرطان من شجرة الطقسوس وونكة مدغشقر.