الفروق الفردية

الفروق الفردية

قال تعالى في محكم التنزيل بعد اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ *)) سورة المائدة الآيتين (27-28)

اذا كان هذا التباين والاختلاف بين فردين اثنين (( هابيل وقابيل )) في مستوى القدرات العقلية والنفسية وفي مستويات الفهم والادراك والانفعال والتسامح والايمان والتحكم وما الى ذلك من قدرات , فكيف هو الحال اليوم وهناك الملاين بل المليارات من البشر المختلفين في البيئة والعلاقات الاجتماعية والمفاهيم والألوان واللغات وما الى ذلك . الى يستحق ذلك الدراسة والتمحيص في التعرف على هذه الفروقات والتباينات وتسخير هذه الاختلافات خدمة للفرد والمجتمع في تحقيق قدرات الضبط والتحكم وصولا الى الهدف الاسمى الا وهو "العلم" فاذا كانت الاجابة بنعم فلا بد من البحث والتقصي في ذلك والتعرف على العلاقات والاسباب والنتائج .

فالفروق الفردية كلمة يدل لفظها على معناها ومحتوها والتي تعني بأبسط  صورها التباينات والاختلافات بين الافراد والجماعات وفي الفرد نفسه , ففي المجال الرياضي تعني تباين اللاعبين واختلافهم في توفر القدرات البدنية والحركية والعقلية وغيرها , ويظهر ذلك جلياً عند ملاحظة الافراد في تعلمهم مهارة رياضية او حركية في ضوء ما يحققونه من درجات متباينة في النجاح والفشل , فتعليم مهارة رياضية او لعبة رياضية قد يستغرق وقتا طويلا عند البعض وزمنا قد يكون اقل نسبياً عند البعض الاخر . ويعزى ذلك الى نتاج تفاعل عدد من العوامل الداخلية كالذكاء والميل والدافعية والخارجية والتي لا يقع تأثيرها على الافراد بدرجة واحدة مما يظهر استجابات متباينة ومختلفة .

فقد تتشابه الافراد في الكثير من الحالات كالتفكير والتعلم والقدرات البدنية والعقلية وقد يشترك فيها الكثير. الا ان هذا التشابه والاشتراك لا يعني التساوي والتطابق المطلق ,لان توفر هذه الصفات والقدرات يختلف زيادة ونقصاناً بين الافراد اختلافا كمياً ونوعياً يمكن الاستدلال عليه وقياسه كالطول والوزن والنمط الجسمي وكل ما هو ظاهرياً . ومنها ما لأيمكن قياسه والاستدلال عليه الا من خلال الاداء والفعل الحركي ومن خلال اختبار وقياس كما في مستوى الذكاء والقدرات البدنية والحركية والعقلية والتعلم بأنواعه واشكاله . ومن خلال المنافسة بين الافراد , مما يحتم وضع مبدا تكافؤ الفرص والعمل به ليوجه كل فرد الى المجال الذي يتوافق وقدراته واستعداداته, لان انفعال هذه الفروق وتجاهلها تعني الإساءة الى الفرد والمجتمع في التحفيز والمعاملة – حل المشكلات – والتوجيه والثواب والعقاب , نوع التعليم والعدالة في وضع الافراد المناسبين فيما يناسبهم من الواقع والتكليفات وبالتالي سنصل حماً الى اعداد وهبوط في مستويات التعليم والعمل والاداء والاتجاه, وضياع في المال والجهد والوقت ,عليه وفي ضوء ما تقدم فان الفروق الفردية تعطي للحياة فهما ومعنى حقيقيين من خلال حصول الافراد على حقوقهم وواجباتهم وبتوزيع اعتدالي طبيعي يتوافق مع قدراتهم وامكاناتهم وعلى المستويات كافة .

 فالفروق الفردية اذا هي الانحرافات عن متوسط الجماعة في الصفات المختلفة يضيق ويتسع هذا الانحراف او الفارق بحسب عوامل منها المرحلة العمرية , التدريبية , الممارسة , الغذاء , والتعلم , ولكن ما يتعلق عليه الجميع هو ان عاملي الوراثة والبيئة هما اللذان يظهران تلك الفروق الفردية بين الافراد والجماعات.