دور الغطاء النباتي وأثره في التغير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري في العراق

دور الغطاء النباتي وأثره في التغير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري في العراق

 أ.د. عمر إسماعيل محسن الدليمي

 

  

يعاني العراق ارتفاع في درجات الحرارة وتأثير الرياح الجافة وتكرار العواصف الغبارية في المنطقتين الوسطى والجنوبية بوجه خاص ويتطلب ذلك العديد من الدراسات و فهم اثارها البيئية والاقتصادية والاجتماعية في الوقت الحاضر والمستقبل، للوصول الى الوسائل الناجحة لتقليل الاثار السلبية وتحقيق النتائج الملموسة في خفض تزايد ارتفاع درجات الحرارة المتزايدة (الاحتباس الحراري) والغبار والعواصف الترابية التي لها اثرا سلبيا على جميع مفاصل الحياة البيئية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية في العراق و بين دول الجوار من جهة والنهوض بالبيئة وتشغيل الانسان واستثمار النتائج المتحققة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً من جهة أخرى.

اصبح التغير المناخي وآثاره الشغل الشاغل للعالم هذه الأيام، فالكوارث الطبيعية كالجفاف الشديد والعواصف الترابية التي تضرب العالم عامتا والعراق خاصة وموجة الحر الشديدة في الولايات المتحدة الامريكية والعراق ، وغيرها من المظاهر كلها مؤشرات على حدوث التغير المناخي ، لذلك يعد الغطاء النباتي من العوامل المهمة للحفاظ على توازن الغازات في الجو واهمها غاز الاوكسجين ، كما له اثر ايجابي في تخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري. يغطي النبات ما يقرب من 20 من كوكب الأرض وهي نسبة قليلة جدا مقارنة بنسب الماء واليابسة.

يوضح هذا المقال مختصرا لدور الغطاء النباتي واهمية الاستزراع وانشاء الغابات والمحميات النباتية وما تعكسه من فوائد مختلفة للإنسان والبيئة لجعل محافظات العراق التي تقع على حواف الصحاري عموماً، والانبار خاصةً نموذجا بيئياً، ولكي يتم خفض درجة الحرارة وتحقيق تقليل اثار العواصف الغبارية وتلطيف المناخ كان لابد من التوصل الى الحلول السريعة والجوهرية لتقليل هذه الظواهر الطبيعية والحد منها.

ومن اهم هذه الحلول واقلها كلفة من الناحية الاقتصادية هي تقويم ودعم الاستزراع للأشجار والنباتات المعمرة والعمل على انشاء غابات كثيفة والتوسع بزراعة النخيل والحمضيات للحد من تلك الظواهر المدمرة للبيئة والانسان خاصة, تساهم الاشجار والشجيرات والنباتات العشبية المعمرة بتلطيف الجو من خلال عملية النتح وانبعاث بخار الماء وزيادة انطلاق غاز الاوكسجين وتقليل غاز ثاني أوكسيد الكاربون الضار بشكل مباشر او غير مباشر على البيئة المحيطة بالكائنات الحية والمسبب الرئيسي للاحتباس الحراري كمتوالية هندسية للزيادة والنقصان في الغازات .

كما يزيد الكساء الخضري من موارد الانتاج النباتي وتحفظ التربة من التعرية الريحية والانجراف وتساعد في زيادة المادة العضوية وتحسين خواص التربة الفيزيائية والكيميائية وتحفظ قدرة الاراضي الانتاجية وتقلل خطر الملوحة والجفاف من خلال التظليل الكبير لسطح التربة وانعكاسه على تقليل التبخر/ النتح وبالتالي تقليل شدة الحرارة الناجمة عن اشعة الشمس او المنعكسة من سطح الارض، كما تؤثر في حركة الرياح وتزيد سقوط الامطار.

يساهم وجود وتزايد الغطاء النباتي والغابات بشكل خاص من دون ادنى شك في نشوء النظم البيئية المناخية الموضعية التي تؤثر في مناخ العراق ايجابا، لما تشكله من دور مهم في بناء الكتلة الحيوية والكساء الخضري واتساع نطاقها وكثافتها وانشطتها في العمليات الحيوية ومنها البناء الضوئي وما ينجم عنها من امتصاص غاز ثاني اوكسيد الكاربون والتبخر والنتح، فالغطاء النباتي ليس صديقاً للبيئة فحسب، بل يمثل حجر الزاوية في بنائها.

ان خير مثال ودليل على ذلك هي التأثيرات السلبية الناتجة عن تجفيف الاهوار وازالة الغابات وقطع الاشجار وانعكاسها على ارتفاع درجة الحرارة والرياح الجافة المصحوبة بهبوب العواصف الغبارية وقلة سقوط الامطار في مناطق مختلفة في العراق. فالدونم الواحد من اشجار الغابات يمتص 140 كغم من ثاني اوكسيد الكاربون، الذي يعد المساهم الاول في ظاهرة الاحتباس الحراري.

 فكم بالأحرى من الغاز الممتص للملايين من الدونمات للغابات، وما يقابله من انتاج للأوكسجين وبخار الماء، الى جانب امتصاص 3-5 طن/ دونم من الغبار سنويا، وتنقية الهواء وتلطيف الجو وتقليل إثر الملوثات وخفض درجات الحرارة، وينعكس بالنتيجة على حياة الانسان وصحته وجميع المكونات الحية. وبالتالي دورها الايجابي الكبير في تغيير المناخ.