مقال للدكتور حازم عبد الوهاب

مقال للدكتور حازم عبد الوهاب

 الامام عبد الله بن المبارك (رحمه الله) وبعضاً من عباراته في الحكم على الرواة

Some of the expressions used by Imam Abdullah bin Al-Mubarak (may God have mercy on him) in assessing the narrators.

 

 

اعداد : الاستاذ المساعد الدكتور حازم عبد الوهاب التدريسي في قسم الحديث وعلومه في كلية العلوم الاسلامية .

   

هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي الخراساني ، ابو عبد الرحمن المروزي .

    ولد سنة ثمان عشرة ومائة وطلب العلم بعد بلوغه سن العشرين ، وكانت له رحلات كثيرة لطلب العلم  لمختلف الامصار وكان اول خروجه من بلده سنة احدى واربعين ومائة فلقي التابعين واخذ العلم عنهم ، وقد اثنى عليه كثير من العلماء منهم  الامام ابو حاتم الرازي اذ قال : (كان ابن المبارك ربع الدنيا بالرحلة في طلب الحديث لم يدع اليمن ولا مصر ولا الشام ولا الجزيرة ولا البصرة ولا الكوفة) ، وقال الامام اسماعيل بن عياش : (ما على وجه الارض مثل عبد الله بن المبارك ، ولا اعلم ان الله خلق خصلة من خصال الخير الا وقد جعلها في عبد الله بن المبارك) ، وقال سفيان بن عيينة فيه : ( لقد كان فقيها عالما عابدا زاهدا سخيا شاعرا شجاعا) ،  والثناء عليه كثير رحمه الله تعالى .

وكانت لعبد الله بن المبارك اقوالا مهمة لا يزال عليها الاعتماد في علوم الحديث منها في اهمية الاسناد فقد قال : (الاسناد من الدين ولولا الاسناد لقال من شاء ما شاء) وقال في ذم التدليس بيتا من الشعر :

دلس للناس أحاديثه                              والله لا يقبل تدليسا

وللامام عبد الله بن المبارك (رحمه الله تعالى ) اقوالا وعبارات في الحكم على الرواة منها على سبيل المثال لا الحصر (الياقوتة بين العلماء) وهي من العبارات النادرة التي وصف بها الامام عبد الله بن المبارك الراوي محمد بن عجلان ، وكذلك عبارة : ( عروس الزهاد) فقد اطلقها على محمد بن يوسف وتعد هذه اللفظة من العبارات النادرة ، وسبب اطلاق عبد الله بن المبارك لهذه العبارة ان ابن المبارك اراد الجهاد في سبيل الله فطلب من ابن ادريس ان يدله على افضل رجل ، فأرشده الى محمد بن يوسف الاصبهاني الزاهد وكان من افضل الناس ، وكذلك عبارة (أتق حيات سلم لا تلسعك) وهي من عبارات التجريح النادرة والتي استعملها ابن المبارك (رحمه الله) فجرح بها سلم بن سالم البلخي ، وقوله هذا يدل على اتهام سلم بن سالم بالكذب ويوضح ذلك ما قاله الامام ابن حبان : (كان ابن المبارك يكذبه) وعندما ذكر لابن المبارك حديث من احاديث سلم قال : (هذا من عقارب سلم) وغيرها كثير .

وكان ابن المبارك (رحمه الله) من المعتدلين المنصفين في الجرح والتعديل وقد وافقت احكامه في الرواة احكام جمهور نقاد الحديث ، وهذا ان دل على شيء فيدل على انصافه واعتداله وعدم تعصبه ، وقد انتقل الى رحمة الله تعالى في سنة احدى وثمانين ومائة في مدينة هيت غرب العراق ولازال قبره هناك فرحمه الله تعالى برحمته الواسعة وادخله الجنان العلى وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا