إشكاليات المعرفة في التحول الاقتصاد الإسلامي

إشكاليات المعرفة في التحول الاقتصاد الإسلامي

إشكاليات المعرفة في التحول الاقتصاد الإسلامي

Knowledge issues in the transition to an Islamic economy

بقلم : أ.د.قيصر عبد الكريم الهيتي

أستاذ الدراسات الاقتصادية الاسلامية في جامعة الانبار

بالرغم من وفرة المهارات والكفاءات الجامعية في العراق ، إلا أنها لا زالت  تعاني من نقوصات  تخصصية متنوعة تشكل بمجموعها إشكاليات معرفية معاصرة تقف بوجه التمكين من مواكبة الثورة العلمية التي يشهدها العالم اليوم , وتعد إشكالية المعرفة في التحول نحو الاقتصاد الاسلامي في العراق من أوائل إشكاليات هذا التحول , ولعل العلاقة بين العلوم الاسلامية والاقتصادية والمصرفية شهدت ترابطا كبيرا عبر التاريخ  بدءا من عصر الرسالة ونشأة بيت المال وصولا الى عصر النهضة المصرفية الاسلامية وإعلان مدينة دبي أول عاصمة للاقتصاد الاسلامي مطلع عام 2016م , إذن يعد هذا التحول مشروعا حضاريا ومطلبا شرعيا يستوجب أن يقف الجميع معه .

         وفي هذا السياق ، تعاقبت الحكومات التي غيبت الكفاءات العلمية والخبرات الفنية في العراق وتجاهلتها  لتقف هذه الإشكالية مع أخواتها من الإشكاليات التي ساهمت في الحد من مقاصد الشريعة نحو توأمة العلوم الشرعية والاقتصادية على الصعيدين الأكاديمي العلمي ( ونعني به تنظير المنهج الاقتصادي الاسلامي في الجامعات العراقية ) والمؤسسي المصرفي  (ونعني به أن المصارف الإسلامية تمثل أحد أهم الجوانب التطبيقية لهذا المنهج ) ومن هنا بات من الضروري التنسيق مع صناع القرار  في إدارة الجامعات وإدارة المصارف الإسلامية وذلك لاختصار الجهود المبذولة وتقليل التكاليف من أجل الإسهام في تحقيق نهضة متكاملة الأبعاد في إطار بناء منظومة الاقتصاد الإسلامي وتحويلها الى واقع خدمي يساهم في حماية الاموال وتنويع الاستثمارات والحصول على الارباح المعقولة وفق صيغ التمويل الإسلامي التي أصبح  توظيف الإبداع  بكل مجالاته في الفعاليات الاقتصادية والمصرفية مطلبا شرعيا ومشروعا حضاريا ، يتطلب تظافر جميع الجهود الممكنة وتوظيف جميع الطاقات والموارد الطبيعية والبشرية في سبيل الوصول لمقومات التنمية الاقتصادية والمستدامة في إطار ما يتفق مع معطيات القران الكريم والسنة النبوية ومقاصد الشريعة الاسلامية وأولوياتها .

     وفي ضوء ما تقدم لابد من القول بأن : التحول نحو الاقتصاد الاسلامي تقف بوجهه مجموعة من الإشكاليات المعرفية تقف في مقدمتها إشكالية ضعف الإدراك بأهمية الاقتصاد الاسلامي قلة توفر أقسام علمية متخصصة في الاقتصاد الاسلامي في الجامعات والكليات والمعاهد العراقية , بالمقابل عدم توفر منهج للتدريب وفرص للتوظيف للطلبة المتخرجين من الأقسام العلمية .

     كما أن نصيب الجامعات والكليات العراقية من الاقتصاد الاسلامي قليل ومحدود جدا لا يمثل الطموح المعرفي الذي ندركه ونسعى اليه , إذن فنحن أمام إشكالية أساسية تمثل تحديا كبيرا لمشروع التحول نحو الاقتصاد الاسلامي على الصعيد العلمي والاكاديمي والمؤسسي والمصرفي .

     وعليه فإن تبني صناع القرار لهذا المشروع القائم على التغيير الجذري يتطلب نهضة معرفية اقتصادية تشمل التعريف بهذا التحول وأهميته وامكانياته وأبعاده على الواقع المعيشي داخل المجتمع العراقي المتعدد الاطياف والمذاهب , ولابد لهذا التحول أن يحصل على الدعم الحكومي والتسهيلات والموافقات الأصولية والإدارية والقانونية .

      إن توظيف الحكومة المركزية (كونها الادارة المسؤولة عن صناعة القرار ) لجميع امكانياتها وطاقاتها عندما يكون نابعا عن قناعات معرفية وادراك لأهمية القضية التي تتبناها سيختصر الكثير من الجهود التي يمكن أن تبذل في سبيل اجراء هذا التحول نحو الاقتصاد الاسلامي وقد يكون هذا أول مؤشر لنجاحه , كونه النظام الذي يدير أهم المؤسسات المهتمة بالدراسات الشرعية والاقتصادية عن طريق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجهة المراقبة لنتاج جميع الجامعات العراقية ,  الامر الذي يعنينا من الناحية العلمية فتح أقسام متخصصة تدرس علوم الاقتصاد والتسويق والمصارف الاسلامية وفق مبادئ الاسلام ومقاصده .

      وفي خضم ما ذكرناه يبدو لي أن المصارف الاسلامية في العراق تمثل النوع الثالث من المصارف التابعة للبنك المركزي العراقي تسبقها المصارف الحكومية والمصارف الأهلية وتليها المصارف الأجنبية وهي بذلك تحتل مكانة مهمة بين باقي المصارف العراقية , إلا أنها تتمتع بصلاحيات محدودة وليست لديها الاستقلالية الكاملة في تعاملاتها وفي كثير من الأحيان تحتاج الى استحصال الموافقات الأصولية من البنك المركزي العراقي .