مقال للدكتور تكليف لطيف

مقال للدكتور تكليف لطيف

 مضامين البركة في المسجد الأقصى

Blessings in the Al-Aqsa Mosque

 

الأستاذ الدكتور: تكليف لطيف رزج

 

قد جمعت بركة المسجد الأقصى جميع البركات من النعم الدنيوية بالخصب، والأنهار، والسعة، والثمار، والأشجار، والنعم الدينية؛ حيث فيها المسجد الأقصى، ومكان أكثر الأنبياء، وخاتم الأنبياء قد شُرف المكانُ به، وتشرف بذلك المكان هو سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم -في إسرائه إليه ومعراجه منه إلى السموات العلى، فالبركة حول المسجد الأقصى بالثمار، ومجاري الأنهار، أو مَنْ دُفن حوله من الأنبياء والصالحين، ومهبط الملائكة والوحي من لدن موسى عليه السلام ([1]).

    وهذا التشريف والتفضيل للمسجد الأقصى جاء ليُختم بزيارة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الخاتمُ لمَنْ سبقه من الأنبياء - عليهم السلام -؛ وليتشرف المسجد الأقصى بنبوةٍ تكون مهيمنةً على ما سبقها من النبوات، ولتكتمل  البركة بجانبها العقدي بغض النظر عن  البعد الزمني بين الأنبياء السابقين، وبعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولذلك قال المفسرون عن بيت المقدس والمسجد الاقصى الذي كان محطة أكثر الانبياء - عليهم السلام -:( انتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادئ الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية، ولم يقل التي باركناها للمبالغة بجعلها بالبركة )([2])، وخلاصة ما سبق ذكره، يمكن القول: أنّه توالت أسباب البركة على المسجد الأقصى، وهذا ما أشارت إليه كلمة? حوله ?، منها: ما لحقه من البركة بمن صلى به من الأنبياء من داود وسليمان عليهما السلام، ومن بعدهما من أنبياء بني إسرائيل، ثم بحلول الرسول عيسى -عليه السلام -، وإعلانه الدعوة إلى الله فيه وفيما حوله، وأعظم تلك البركات حلول النبي -صلى الله عليه وسلم – فيه، ذلك الحلول الخارق للعادة وصلاته فيه بالأنبياء كلهم ([3]).

يتبين مما سبق أنّ البركة التي حلَّت بالمسجد الأقصى تكمن بالجانب العقدي منها؛ كونه محطة نزول الوحي، والرسالات الربانية على مدى العصور السابقة، والمتمثلة بالأنبياء الذين استقروا فيه، أو عاشوا وماتوا فيه، أو مَنْ مرَّ فيه. وبفضل تلك الرسالات جُلبتْ الخيرات من الثمار، والزروع التي خرجت من أرضه، أو الأراضي التي حولها.



([1]) ينظر: القرطبي 10/180، وفتح القدير 3/295.

([2]) ينظر: روح المعاني، 17/70، والبيضاوي، 1/101.

([3]) ينظر : التحرير والتنوير ، 1 /2425 .