مقال للدكتور علاء كامل

مقال للدكتور علاء كامل

" استراتيجية التربية الإسلامية في ذم الغدر "

The Islamic teaching technique for combating betrayal

أ.م.د. علاء كامل عبد الرزاق 

جامعة الأنبار / كلية العلوم الإسلامية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد:

إن الناظر إلى حال الأمم والشعوب وما فيها من اختلافات ومشاحنات قديماً وحديثاً يجد أن الغدر والخيانة هما السبب الرئيس في خلقِ مشاكِلهم في الأعم الأغلب، وقد يدخل في مشاكل الأخوة أنفسهم، لهذا وغيره لا بد من وضع النقاط على الحروف، في معالج هذه المشكلة.

-      هل الغدر خطره كبير ؟

-      هل من الضروري دراسة أسباب الغدر وكيفية معالجته ؟

-      لماذا يعد الغدر من كبائر الذنوب ؟

-      ما استراتيجية التربية الإسلامية في معالجة الغدر ، وذم الغادرين ؟

تكمن أهمية الدراسة من خلال معالجة مشكلة تفاقمت بين الشعوب حتى نخرت بُناه التحتية. فنجد اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية في ذم الغدر والغادرين من خلال التعرض له في أكثر من موضع. وقديماً قالوا: الزيادة في المبنى تعدُّ زيادةً في المعنى، وهنا نجد أن للغدر مرادفات كثيرة.

إن الوفاء بالعهود – وهو نقيض الغدر – والمواثيق من أهم أسباب السعادة والرقي وانتشار الأمن والأمان في البلدان والمجتمعات والأسر.

ومما جاء في التحذير منه في القرآن الكريم، قوله تعالى : " وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ " ( النحل: ?? ) قال الماوردي في تفسير قوله تعالى: " ولا تنقضوا الأيمان بَعْدَ توكيدها" يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: لا تنقضوها بالامتناع بعد توكيدها بالالتزام. والثاني: لا تنقضوها بالغدر بعد توكيدها بالوفاء. والثالث: لا تنقضوها بالحنث بعد توكيدها بالِبّر".

وأما في السنة النبوية، فعن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما، عنِ النَّبِيِّ r قال: " إِنَّ الغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ " أخرجه البخاري قال ابن بطال: " وهذه مبالغة فى العقوبة وشدة الشهرة والفضيحة".

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " أخرجه البخاري، قال العظيم آبادي: " وإذا عاهد غدر: أي نقض العهد وترك الوفاء بما عاهد عليه ".

وكذا في حديث هرقل الطويل مع أبي سفيان عندما سأله عن النبي: " فهل يغدر؟ قال: لا، ثم قال هرقل: وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون " رواه البخاري ومسلم.

إن من أهم خطط الوقاية من الغدر والخيانة هي: التعريف به والتحذير منه، وبيان خطورته، وأنه لا يقل خطراً عن الحروب التي تفتك بالبلاد والعباد، بل إن أغلب الحروب والمعارك ناجمة عنه.

ومن استراتيجية التربية الإسلامية في ذم الغادرين:   

·       بيان عقوبتهم الأخروية.

·       التصدي له وفضح أمره وكشف سوءته، ومحاربته لئلا ينتشر في المجتمع كانتشار النار في الهشيم، وعندها يصعب إزالته.

·       الاهتمام بنشر فضيلة الوفاء بالعهد وأن ذلك من خلق الأنبياء والصالحين والمصلحين، والحث على توعية المجتمع لهذا الخُلُق الفضيل.