مقال للدكتور خلدون نوري

مقال للدكتور خلدون نوري

 المدارس الحديثية من حيث الدلالة  والمضمون

In terms of importance and content, Hadith schools are unique.

أ.م.د. خلدون نوري إسماعيل الهيتي - كلية العلوم الإسلامية - قسم الحديث وعلومه

 

إنَّ الحمدَ لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أرسله الله رحمة للعالمين، وداعياً إلى الله بإذنه، صلى الله عليه ، وعلى آله الطيبين وأصحابه المنتخبين ، الذين قاموا بنشر سنة نبيهم r في الأمصار، وعنهم تلقاها التابعون الأخيار، فوصلت إلينا صافية سالمة من تضليل المضلين ، مصداقاً لقول الله تعالى:  { إنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذّكر وإنَّا لهُ لحَافِظون} [1] ، وقيّض الله سبحانه جهابذة علماء من بعدهم للقيام على جمع سنته، ونشرها، وصيانتها، في الأمصار المختلفة ، فكان لكل بلد منها " دار الحديث " وامتازت بخصائص تتعلق بالتبليغ والصيانة، وبرزت اتجاهات مختلفة في ذلك مما أدى إلى نشوء ما يسمى " بالمدارس الحديثية " .

وتعلق الأمر بتلك المدارس من حيث " الدلالة والمضمون " .

تكمن أهمية المدارس الحديثية أنها من المواد المهمة التي يدرسها طالب العلم سيما المختص بعلوم الحديث وهي من أساسيات المادة الحديثية وتحديدا في مفهوم المدرسة التي يستطيع الطالب من خلالها الطالب أن يتعرف على أساتذة المدارس على اختلاف مدنها واتجاهاتها وآراءها وهي مهمة جدا لاسيما فيما يتعلق بعلم الاسانيد والذي يجب الانتباه من قبل الطالب حينما يتعامل مع الرواة وإلى أي مدرسة ينتمي .

وتكمن أهمية ذلك أن يعرف الطالب أوطان الرواة، والوقوف على النشاط الحديثي فيها، وهو علم قائم برأسه ، وقد حرص العلماء عليه ونبَّهوا إلى أهميته، وصنَّفوا فيه ، وقد بيَّن الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري " رحمه الله " فقال : ( هذا النوع من معرفة هذه العلوم معرفة بلدان رواة الحديث وأوطانهم، وهو علم زلق فيه جماعة كبار العلماء بما يشتبه عليهم، فأول ما يلزمنا من ذلك أن نذكر تفرق الصحابة من المدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانجلاءهم عنها، ووقوع كل منهم إلى نواحي متفرقة، وصبر جماعة من الصحابة بالمدينة لما حثهم المصطفى صلى الله عليه وسلم على المقام بها) ثم عدد الإمام الحاكم من سكن البلدان من الصحابة في مكة، والكوفة، ومصر، والشام وغيرها .

ليعلم طلابنا الأعزاء أن هذه المادة " المدارس الحديثية " لم يؤلف فيها ولا توجد مصنفات ممكن الرجوع إليها وإنما هو جهود الباحثين الذين استخرجوا هذه المادة الدسمة والمهمة من بطون الكتب وأخرجوها كما هي بين ايديكم .

ولما استقر الحال واستقر الحكم في البلاد واستتباب الأمن المجتمعي أخذت العلوم تتطور من حيث التصنيف والرواية ، وفيما يتعلق بعلم الحديث فقد اهتم العلماء بجمع الحديث النبوي وروايته ودراسته وتدريسه ، فعقدوا مجالس إملاء الحديث في المساجد وفي البيوتات وحتى في الطرقات، فحدث العلماء من حفظهم ومن كتبهم التي صانوها ووثقوها، ورحل من رحل من طلبة العلم للسماع من الشيوخ والتحقوا بحلقات العلم والذكر، وهذا ما ساهم على بلورة إنشاء المدارس الحديثية ، وكذلك أصبح لكل بلد إسناد خاص به ، فتقول : هذا اسناد مصري ، وهذا اسناد كوفي ، وهذا اسناد شامي وهكذا .

من هذا يجدر بنا أن نعرّف بالمدرسة والمقصود بها حتى يكون لنا تصور كامل عن كيفية خروج هذه المدارس وأصبحت نبراساً في كل مصر ويرحل اليها طلاب الحديث ، والمدرسة ليست فقط تخص الحديث بل توجد هناك مدارس نحوية وفقهية وعقائدية ، ولكن ما يهمنا هنا وتحديداً هي المدارس الحديثية .

 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

                                                          

                                    

 

 



[1] - سورة الحجر: الآية : 9 .