مقال للدكتور خالد عامر

مقال للدكتور خالد عامر

 اليتيم ورعايته النفسية في الشريعة الإسلامية

Islamic law and the orphan's psychological care

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

   يتناول الدين الإسلامي الجانب النفسي للفرد منذ نموه إلى أن يصل إلى المراحل المتقدمة من عمره فهو يستشعر الضعف النفسي للفرد  ويبادر إلى تعزيز ذلك الضعف وتقويته

 

بقلم : أ..د. خالد عامر الشويخ

 

ومسألة رعاية الطفل اليتيم من أهم الأمور التي تناولها الدين الإسلامي ، فهو يستشعر الحالة النفسية التي يمر بها الطفل اليتيم  من الحرمان الذي يصيبه من فقد  حنان  الأبوة  ويحاول أن يسد ذلك الفراغ النفسي بإبداء الحب والحنان والرعاية للطفل اليتيم، فضلا عن الجوانب المادية الأخرى

وكثيرا من الناس يعتقد أن الاهتمام بالجانب المادي والاقتصادي للطفل اليتيم هو الأهم والأولى ، لكن هذا الأمر غير صحيح على إطلاقه  ، إذ الاهتمام بالجانب النفسي لا يقصر اهمية عن الجانب المادي ، والدليل على ذلك ،  أن هنالك بعض الأيتام لهم ما يكفيهم من المال لكن هذا لا يعني أنهم لا يحتاجون إلى الرعاية التربوية والنفسية

 

فالدين الإسلامي يركز على الجوانب النفسية لليتيم عن طريق دمج هؤلاء الشريحة من الناس في المجتمع ومخالطتهم وتقديم يد العون لهم  وإبداء العطف والحنان لهم وعدم ظلمهم وقهرهم قال تعالى :               ((  ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وان تخالطوهم فإخوانكم ))

 

والحكمة من  مخالطة الأيتام والتعايش معهم ،هي سد الفراغ النفسي الذي يتركه فقدان الوالدين او إحداهما ، وكي ينشأ ذلك اليتيم مع أناس يتعايش معهم بشكل طبيعي ومتوازن ، وان لا يصبح في عزلة عن المجتمع ،والتي بدورها تولد لديه  عزلة نفسية  واجتماعية 0

 

ولقد شاء الله سبحانه وتعالى  أن ينشأ النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يتيما ، ليكون مثالا وقدوة لهذه الشريحة من الناس  عن طريق  التوجيه الإلهي الذي رسمه لنا القران الكريم من تهيئة الأسباب والرعاية  اللازمة للطفل اليتيم والتي شاء الله أن يسخرها للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) قال تعالى : (( ألم يجدك يتيما فأوى ، ووجدك ضالا فهدى ، ووجدك عائلا فأغنى ، فأما اليتيم فلا تقهر ))

 

لذلك يمكن القول أن الدين الإسلامي  هو  أفضل من عنى  بالجوانب التربوية والنفسية  لليتيم فضلا عن الجوانب الأخرى . وان ما نراه من مظاهر الظلم والقهر والاضطرابات النفسية عند الكثير من الأيتام  لا علاقة لها بالطفل اليتيم  ، وإنما هي من صناعة المجتمع الذي يهمل تلك الشريحة ، أو لا يحسن  التصرف معها

فالقران الكريم عندما يتحدث عن تلك الظاهرة لا يخاطب اليتيم مباشرة لأنه لا ذنب له في ذلك  ، وإنما يخاطب المجتمع  يقول تعالى ))كلا بل لا تكرمون اليتيم ))

 

ومن اجل التركيز على الجانب النفسي والتربوي للطفل اليتيم هنالك أساليب تساعد على العناية  بهذا الجانب منها :-

1-  الابتعاد قدر الإمكان عن وضع  الأيتام في مكان خاص بهم وعزلهم عن المجتمع، وان كان لابد من ذلك ، عندها يجب مخالطتهم بالمجتمع وتوفير الأرضية المناسبة لدمجهم مع إقرانهم ، حتى لا يشعروا بأنهم شريحة غير طبيعية في المجتمع قال تعالى (( وان تخالطوهم فإخوانكم ))

 

2- عند تقديم الدعم المادي لليتيم أو لعائلته ، في حال كون اليتيم فقيرا ، يجب إن لا يتسم هذا الدعم بالمن و الأذى والتشهير عند إعطاء الصدقة ، لان هذا الأمر يعود بالضرر النفسي لليتيم ،فهو في هذه الحالة سوف  يستشعر الجانب الضعيف في حياته، وربما يبقى معه هذا الشعور حتى  كبره، هذا من جانب ،  ومن جانب آخر ربما يتعود هذا اليتيم على الاتكال على الغير، ويترك  الاعتماد على نفسه عندما يكبر عند ذلك يصبح عالة على المجتمع

3- إبداء العطف والحنان والحب الحقيقي للطفل اليتيم ، وليس الحب المصطنع أو المستأجر ، وطريق ذلك ان  يستشعر كل منا أن  القدر الذي جرى على هذا اليتيم  قد يجري بمشيئة الله على ابنه او ابن ابنه  او ابن أخيه  فالقدر  لا يفرق بين احد دون آخر

، وان يستشعر الأجر والمنزلة العظيمة لكفالة اليتيم يقول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) (( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى )) 

 

4- تغذية الجانب التربوي والنفسي لليتيم، بالاعتماد على التعاليم الإسلامية لأنها سوف تكون  درعا حصينا يمكنه من خلاله  التغلب على الكثير من الآفات والمغريات الاجتماعية التي تصيب الكثير من المراهقين    

5- الابتعاد عن مظاهر القهر والظلم عند كفالة اليتيم او مخالطته ، لان مظاهر القهر والظلم تكون أوقع أثرا وأكثر ضررا  على اليتيم دون غيره

6- عدم إهمال الأيتام والانشغال عنهم بالأبناء، سيما في المناسبات كعيد الفطر او الأضحى ،وتذكرهم واحتضانهم  لسد الفراغ الذي يتركه فقدان  الوالدان في مثل هذه المناسبات