The significance of researching the Prophet's life

      د. عبدالله حنفش حمد

ان دراسة السيرة النبوية امر في غاية الاهمية لكل مسلم  , ففيها ما ينشده المسلم ويطلبه من دين  ودنيا وايمان واعتقاد  وعلم وعمل وآداب واخلاق , وسياسة وكياسة  وامامة وقيادة وعدل ورحمة , وبطولة وكفاح , وجهاد  واستشهاد في سبيل العقيدة والشريعة والمثل الانسانية الرفيعة والقيم الخلقية الفاضلة  .

والسيرة النبوية  كما لا يخفى من اهل الاختصاص مليئة بالذخائر  والكنوز والدرر الثمينة ولكي يستفيد المسلم من هذا الثروة العظيمة لابد له من ان يقرأها  قراءة تفحص وتدبر ويعايشها  قلبة  وروحة  فكلما عاشها المسلم عن قرب عرفها اكثر , وادركها اعمق , واقترب من مضامينها واسرارها بشمول , واستفاد منها في واقع حياته المعاصرة بصورة ادق , لان من شأن السيرة النبوية  ان تكون واقعا عمليا يمكن تطبيقه على ارض الواقع , سواء أكان ذلك على مستوى الفرد او المجتمع .

يقول الدكتور البوطي  رحمه الله ( ليس الغرض من دراسة السيرة النبوية وفقهها مجرد الوقوف على الوقائع التاريخية , ولا سرد ما طرف او جمل من القصص والاحداث , ولذا فلا ينبغي ان نعتبر دراسة فقه السيرة النبوية من جملة  الدراسة التاريخية , شأنها كشأن الاطلاع على سيرة خليفة من الخلفاء او عهد من العهود التاريخية الغابرة , وانما الغرض منها ان يتصور المسلم الحقيقة الاسلامية في مجموعها متجسدة في حياته ( عليه الصلاة والسلام )  بعد ان فهمها مبادئ و قواعد واحكام مجردة في الذهن , اي ان دراسة السيرة النبوية ليست سوى عمل تطبيقي يراد تجسيد الحقيقة الاسلامية كاملة في مثلها الاعلى محمد ( صلى الله عليه وسلم )

ان  الذين كتبوا في السيرة النبوية وعموم التاريخ  الاسلامي  كانوا يرون ذلك واجبا اسلاميا , وهو عليهم فريضة ووسيلة إبلاغ , وكانوا يبتغون  بذلك الاجر والقربى عند الله تعالى وهي عبادة

ومن اجل ذلك فقد اعتنى السلف رضوان الله تعالى عليهم بالسيرة النبوية اعتناء محبة بالرسول علية الصلاة والسلام وطاعة وعبادة لله سبحانه وتعالى , وكانوا يتدارسون السيرة ويحفظونها , ويعلمونها الغلمان  كما يعلمونهم  السورة من القران , فقد ورد عن زين العابدين علي بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم قال : ( كنا نعلم مغازي رسول الله صلى الله علية وسلم كما نعلم السورة من القران ) ويقول الامام الزهري عالم الحجاز والشام , وهو اوائل من عنوا  بجمع السيرة , بل قيل ان سيرته اول سيرة ألفت في الاسلام , يقول ( في علم السيرة علم الدنيا والاخرة )  وروي عن اسماعيل بن محمد بن سعد  بن ابي وقاص رضي الله عنه انه قال : ( كان ابي يعلمنا المغازي والسرايا , ويقول يا بني , هذه شرف ابائكم فلا تضيعوا ذكرها ) .

وقال ابن كثير :  (انه لا يجمل بأولى العلم إهمال  معرفة الايام النبوية والتواريخ الاسلامية وهي مشتملة على علوم جمة وفوائد مهمة , لا يستغني عالم عنها )

وعد الحاكم النيسابوري في كتابة معرفة علوم الحديث ان النوع الثامن والاربعين من علوم الحديث هو معرفة مغازي رسول الله صلى الله وعليه وسلم واورد فيه ما لا يسع المحدث جهلة سيرة رسول الله عليه الصلاة وسلام ومغازي وبعوثه وسراياه وسننه في ذلك كله .

وقال ابن القيم  : (  ..... فيجب على كل من نصح نفسة واحب نجاتها وسعادتها ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ).

من كل ما تقدم يتضح لكل مسلم ان معرفة السيرة النبوية يعد مهمة اساسية لأنها ترتبط بعقيدة المسلم وهي جزاء من اسلامه , وعلى هذا النحو  يجب ان تكون دراستها وتوعية الناس بها بصورة تتناسب مع هذا المكانة والاهمية , لاسيما في هذا العصر الذي انشغل فيه الناس بكل ما استجد  من علوم ومعارف في مجالات الحياة المختلفة حتى اصبح يسمى عصر المعلوماتية , واصبح الانسان امام كم هائل من الاخبار والمعلومات  والثقافات والمعارف واصبح بمقدور كل واحد منا الاطلاع على ذلك وبكل سهولة  ويسر عن طريق الحاسوب  وشبكة المعلومات الدولية ( الانترنيت)