شبه منكري حجية السنة والرد عليها (1)

شبه منكري حجية السنة والرد عليها (1)

       شبه منكري حجية السنة والرد عليها (1)

ا. د ادريس عسكر حسن

كلية العلوم الاسلامية /جامعة الانبار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وافضل الصلاة واتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد الأمين ،وعلى اله الطيبين وصحابته الغر الميامين.

اما بعد:

 فمن الشبه التي اثارها منكرو حجية السنة النبوية قديماً وحديثا وبجميع الوانهم ، التعلق ببعض الآيات القرآنية منها قوله تعالى : { ما فرطنا في الكتاب من شيء} سورة الأنعام آية ??، وقوله تعالى : { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} سورة النحل آية ??، وهذا بزعمهم يدل على ان الكتاب قد احاط بكل ما يتعلق بامور الدين من احكام وغيرها احاطة تامة ووضحها توضيحا شافيا ، بحيث لا يحتاج الى السنة النبوية او الى اي شيء اخر ، اذ لو احتاج الكتاب الى السنة النبوية لكان مفرطا فيه ، ولما كان تبيانا لكل شيء ، فيلزم الخلف في خبره تعالى وهو محال.

هذا ملخص الشبهة التي بثوها في مقالاتهم ، ونشروها في صحفهم ، واعادوها في محافلهم وما فتئوا يكررونها في الصباح وفي المساء ...وللإجابة على هذه الشبهة لابد من تقرير اصحابها : اذا كانوا يؤمنون بالقران الكريم ام ياخذون منه ما يتناسب وهواهم فقط؟ فان كانوا يؤمنون بالكتاب كله ،ففيه من الايات الكريمة التي تبين بوضوح  ان السنة النبوية  :هي حصنه الحصين ، ودرعه المتين ، وحارسه الامين ، وشارحه المبين ، تفصل مجمله ، وتفسر مشكله وتوضح مبهمة وتقيد مطلقه وتبسط مختصره كما بين ذلك الدكتور عبد الغني عبدالخالق في كتابه :حجية السنة...بل جعلت السنة النبوية لها الاستقلالية في التشريع كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} سورة الحشر آية، ?وقوله تعالى : ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ? سورة الأحزاب آية ??، وقوله تعالى: ? وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ? سورة النحل آية ??، والايات في هذا الخصوص كثيرة جدا، وواضحة الدلالة.

واما الآيات التي استدلوا بها، فالكتاب في الآية الاولى: ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) ليس المراد به القران بل اللوح المحفوظ الذي حوى كل شيء واشتمل على جميع احوال المخلوقات من رزق وحياة وممات وغيرها وهذا هو المناسب من خلال سياق الآية فإنها جاءت بعد قوله تعالى: ( وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم) فالمثلية على اظهر الاقوال : احوال الدواب من العمر والرزق والاجل...موجودة في الكتاب المحفوظ مثل احوال البشر، فعلى هذا التفسير فلا حجة لهم بها البتة.

اما من ذهب من المفسرين على ان الكتاب في الآية الثانية : القران فللعلماء في توجيه ذلك مذاهب:

المذهب الاول : قالوا بانه لم يفرط في شيء من امور الدين واحكامه ، وانه بينها جميعا الا ان هذا البيان على نوعين: بيان بطريق النص : مثل اصول الدين ووجوب الصلاة ، والزكاة والصوم ، والحج ،وحل البيع والنكاح ، وحرمة الربا والفواحش وغيرها مما جاء الكتاب بها .

وبيان بطريق الاحالة على دليل

 من الادلة الاخرى التي اعتبرها الشارع في كتابه ادلة وحججا على الخلق مثل : السنة او الاجماع او القياس فالقران مبين له ووجهنا نحوه وارشدنا اليه، واجب علينا العمل به فالقران هو الذي احالنا الى السنة النبوية وعلى وجوب اتباعها.

المذهب الثاني : ان الكتاب لم يفرط في شيء من امور الدين على سبيل الاجمال ،وبين جميع القواعد الكلية وترك بيان تفصيلاتها على السنة النبوية لذلك قال الخطابي رحمه الله تعالى في معنى هذه الآية : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) فاخبر سبحانه انه لم يغادر شيئا من امر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب الا ان البيان على ضربين : بيان جلي تناوله الذكر نصا ، وبيان خفي كان تفصيل بيانه موكولا الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معنى قوله تعالى : ( لتبين للناس ما نزل اليهم..) فسقط استدلالهم ، وبان عوار شبههم لذا ان كانوا ممن يؤمن بالقران الكريم ان يسلموا بالسنة هاديا ودليلا وحجة. والحمد لله رب العالمين