الشرطة النسائية.. هل ممكن ان تكون المراة شريكة في حفظ الامن والسلام

الشرطة النسائية.. هل ممكن ان تكون المراة شريكة في حفظ الامن والسلام

 الشرطة النسائية.. هل ممكن ان تكون المراة شريكة في حفظ الامن والسلام

بقلم: ا.م. د. نضال علي حسين الرشيد

    لعبت المرأة دوراً جلياً عبر تاريخ الأمم، في السلم والحرب، وهناك الكثير من النساء اللائي قد رسم التاريخ اسمائهن بحروف من نور، قد ساهمن في الإستقرار الإجتماعي والإثراء الثقافي والانساني.

    إنّ الاقرار بالفهم لدور النساء وخبراتهن وإمكانياتهن كعوامل فاعلة في عمليات إحلال الامن والسلام وحفظه، ودمجهن للعمل جنبا مع الرجال في جميع مؤسساته وجوانبه...

للاسف الشديد .. لم يعترف به بشكل كافي في بلدنا العراق.. إلى الان.

    علينا ان نعمل معا على مواجهة  تلك العوائق الاجتماعية والثقافية والمورث العرفي الذي يحدُّ من المشاركة الكاملة للمرأة بالمهن غير التقليدية،  كعملها في سلك الشرطة والامن العسكري  والتي تتطلب تشجيعا وتعاونا من المجتمع لمنحها الثقة والفرصة، فضلا عما يتطلبه من شجاعة المرأة ذاتها لإثبات شخصيتها وقدرتها على التكيف لعمل جديد بالنسبة لثقافة المجتمع والتقاليد والاعراف السائدة  فيه ، فغالبا ما يتم توكيل معظم النساء بوظائف مكتبية أو إدارية  أو تربوية، ونادرا ما نجد نساء يعملن في اجهزة الأمن والشرطة، وبشكل دائم يدا بيد مع الرجال، رغم الحاجة الضرورية لتواجد العنصر النسوي في تلك الأجهزة ، وضمن شروط معينة وتدريبات تأهلهن بالمهام الموكلة إليهن على أكمل وجه .

 

مشروعية عمل النساء في اجهزة الشرطة والأمن...

يتمسك العديد من افراد المجتمع بوجهات نظر تقليدية نحو عدم مقدرة ونجاح المرأة  في العمل ضمن اجهزة وادارات الشرطة والأمن  باعتبارها لا تمتلك استقرارا وثباتا عاطفيا وكونها أقل عدوانية وعنفًا لطبيعتها الجسمية الضعيفة فهي ليست بنفس القوة البدنية التي يتمتع بها الرجل، لذلك فانها تميل أكثر للتفاهم والتواصل شفهيًا في حل النزاعات والاعتداءات.

   وفي هذا يقول المفوض ( محمد صالح محمد) الذي يعمل في الشرطة المجتمعية- وزارة الداخلية : "  لا توجد اي مشكلة بخصوص طبيعتها البدنية ، فكما ان هناك رجلا قوي ، هناك ايضا رجلا ضعيف، وكذا بخصوص المرأة  فهناك امرأة قوية ، وأخرى ضعيفة، وان للمرأة قدرة وامكانية للعمل في ادارات اجهزة الشرطة،  ولها ايضا المقدرات على تولي المناصب القيادية في باقي مفاصل واجهزة الدولة".

    ولعل ما يؤده ذلك الدور الذي لعبته الصحابية "الشفاء العدوية"  أول امرأة قد ولاها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) أمر السوق من النساء، ولم يكن له ذلك لولا ادراكه لقدرات ومهارات هذه المرأة وقوة شخصيتها ، مما أهلها لتولي هذا المنصب الصعب، وتفضيلها على العديد من الرجال لتصبح رمزاً قيادياً للنساء...

الدوافع الرئيسية لأختيار المرأة العمل في المجال الشرطي..

للتعرف على الدوافع الرئيسية في مشاركة المرأة في العمل في المجال الشرطة على وجه الخصوص وتأثير دخولها على الرجل ومدى الاندماج معه ، والتعرف على المصاعب والاجتماعية التي تنتج عن عمل المرأة في هذا .

اشارت الرائد بسمة مزعل هشام- مسؤول الشعبة النسوية- بغداد/ قطاع الرصافة بأن المجتمع ينظر بصورة دونــــــية للمرأة العاملة في مجال الأمن والشرطة،  وأن أفراده غالبا ما لا يتقبلون سلطة المرأة من خلال عملها باجهزة الشرطة،والأمن  رغم ان طبيعة عمل المراة الشرطية قد حقق نوعاً من الأمان النفسي للمرأة المواطنة كونها تتفهم خصوصياتها وتتطلع على تفاصيل ومعلومات يصعب على الرجل الوصول اليها والألمام بحيثياتها الضرورية.

   واشارت الرائد بسمة إلى عدم وجود تأثير سلبي من دخول المرأة على الرجل داخل تلك المؤسسات لكونها لم تأخذ مكانه في العمل فلكل منهما دورا محددا يقوما به، وبما يتناسب مع طبيعتهما الجسمانية والنفسية والاجتماعية، بل في اوقات كثيرة قد أوجد نوعا من التنافس الشريف بينهما، فضلا عن ان مشاركتها الرجل سيساعده في التخفيف من أعباء العمل وخصوصياته المتشعبة،  ولكن بالرغم من نجاح المرأة كشرطية استطاعت اداء واجبها على الوجه المقبول، فلا يجب عليها ان تتخلى عن انوثتها فهي الام المربية، والاخت المساندة، والزوجة الودود، والحبيبة الوفية.

   وأفادت إلى أن أول رتبة(نقيب في الشرطة) قد حصلت عليها السيدة:( لارا فاضل عبد الله) التي تعمل حاليا في بغداد/ قطاع الكرخ  بعد ان زودت بالمهارات المهنية  وتلقت تدريبات كافية  في القدرة على التحمل والصبر، وقوة الإرادة، وكيفية اتخاذ القرار، ثم ازداد اقبال النساء المهتمات للعمل معها في هذا المجال ليصبح عددهن (11) منتسيبة في الشرطة المجتمعية في العاصمة - بغداد، وبواقع منتسبتين فقط في بقية محافظات العراق ، وهذا العدد يعد قليلا جدا اذا ما قورن بالحاجة الضرورية لوجود المراة في هذا القطاع الهام.

   لقد ادرك الأردن- الجار الشقيق- الدور الكبير للمرأة في بناء السلام ، وجهودها في الدفاع عن الأمن الوطني، فعمل ومنذ سبعينيات القرن الماضي على اشراكها في جميع مجالات الشرطة والعمل الأمني جنبا الى جنب مع الرجل حتى بلغ عدد النساء الشرطيات في عام 2012 إلى أكثر من(3500) ضابط وفرد ، وعدد النساء الاردنيات المهتمات بهذا الشأن يزداد باطراد كل يوم.

    يمكننا القول... إن النساء يتمتعن بنفس المؤهلات والقدرات التي يتمتع بها الرجال، فمن الناحية المهنية اثبتت التجربة العملية بأن المرأة تتمتع بنفس الكفاءة والامكانية التي يتمتع بها الرجل  وان أدائها عند توليها للوظائف التنفيذية في اجهزة ومؤسسات الشرطة،  والتي تتطلب مهارات القيادة وقوة الشخصية يكافيء أداء الرجال العاملين في تلك الإدارات، اذا ما تلقت التدريبات الكافية وزودت بالمهارات المهنية المناسبة، وإن المرأة تتمتع بقدرة عالية للحصول على المعلومات من الجهات المعنية أو الأفراد بل قد تفوق قدرتها في ذلك على الرجل، لما تتمتع به من خاصية كونها لا تثير الشكوك أو الشبهات خلال ما تقوم به من عمليات الرصد والمراقبة .

 

   ومن أجل بناء الثقة بين مؤسسات الشرطة والامن والمجتمعات المحلية، هناك حاجة ضرورية وماسة لتوسيع مساحة مشاركة المراة  للعمل في تلك الاجهزة  ، وتعزيز أكثر لدورها الفعال في في بناء السلام وحماية حقوق المرأة والطفل، فلا يمكن انشاء شرطة نسوية وفرضها بين عشية وضحها ...

 الامر يحتاج الى قبول وشراكة متوازنة مع قيادات المجتمعات المحلية والمجتمع المحلي المدني والقطاع الامني.