المفهوم البيئي وجذوره التاريخية في الفلسفة الإسلامية

المفهوم البيئي وجذوره التاريخية في الفلسفة الإسلامية

المفهوم البيئي وجذوره التاريخية في الفلسفة الإسلامية

ا.م.د محمد طارق حمودي الجبوري

الحمد لله الذي خلق الكون والحياة والإنسان, وجعل ما في الكون من أشياء وأشخاص أمماً, وأشهد أنَّ لا إله ألاَّ الله، جعل للأشياء قيمة ذاتية، وجعلها بقدر منسجم مع مكونات هذا العالم الذي سخره للإنسان، عندما فضله على سائر خلقه وكرمه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، خاتم الأنبياء والرسل وسيد الخلق، الذي اختاره جل وعلا لهذا الدين رحمة للعالمين. أما بعد:-

تنظر الفلسفة الاسلامية إلى البيئة على أساس" فكرة، احترام، والقيمة الذاتية" لعناصر الكون (الطبيعة) المختلفة وحقها في الوجود، والديمومة، والاستمرار في الحياة في معزل عن حاجات الإنسان ورغباته المتجددة اللامتناهية؛ وذلك باستخدام العلوم المعاصرة، ومنها علم الأخلاق، وعلم الاقتصاد، والفقه والمنطق والسلطان، والوحي أو الدين، ولا سيما المؤثرات البيولوجية، وعلم البيئة ذاته وغير ذلك، لإيجاد فكر عالمي، واهتمام إنساني، منظراً ويتعامل مع التنوع الحيوي بوصفه كل لا يتجزأ, كل متكامل وأن الإضرار ببعض أجزائه يؤدي لا محاله إلى الخلل بالتوازن العام لهذا الكون الذي استغرق سنين طويلة من التطور والإبداع والرقي حتى وصل إلى ما نحن فيه الآن، وإنَّ إشاعة معرفة كوننا جزءً من النظام البيئي، وأننا جزءٌ من كل, وبينا وبين هذه الأجزاء تأثيرٌ وتأثرْ يجعلنا نلامس روح الفلسفة الإسلامية في إشاعة فكرة السلام مع البيئة، ونبذ كل شكل من أشكال التعسف أو العنف أو الاعتداء عليها، وبذلك تضع قاعدة" لا ضرر ولا ضرار" او "الضرر يزال" موضع التطبيق العملي، ويبقى للإسلام الدور الرائد وفلسفته في إصلاح البيئة والمحافظة عليها والتعامل معها باحترام بلا تفريط، ولا أفراط وقد عد الإسلام أي اعتداء عليها أو تهاون في أمرها باباً من أبواب الفساد أو الإفساد الذي وصف القاضي به أو عليه بالطغيان أو الظلم وهو حرام قطعا يستحق فاعله العقاب وبالمقابل فإنَّ التراب جزيل لمن حافظ على البيئة واحترامها.