تفنيد موقع الزكاة من الضريبة في الاقتصاد الاسلامي

تفنيد موقع الزكاة من الضريبة في الاقتصاد الاسلامي

تفنيد موقع الزكاة من الضريبة في الاقتصاد الاسلامي

الدكتور زياد طارق حمودي

الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا المصطفى

وبعد :

يصف البعض من المفكرين المعاصرين الزكاة كضريبة او انها نوع من انواع الضرائب الحكومية

وقد استند القائلون بوحدة المفهوم بين الضريبة , والزكاة الى وحدة , وتشابه او اشتراك عناصرهما , ومكوناتهما في التعريف , والاصطلاح , فالفكر الاقتصادي الوضعي يعرف الضريبة بانها فريضة نقدية تقطعها الدولة . او من ينوب عنها من الاشخاص العامة قسراً, وبصفة نهائية ودون ان يقابلها نفع معين , وطبقا للمقدرة التكليفية للأفراد الممولين , وتستخدمها لتغطية النفقات العامة , والوفاء بمقتضيات السياسة المالية العامة للدولة , واستنادا الى هذا التعريف يرى مفكرو الاقتصاد الوضعي توافق عناصر الضريبة مع الزكاة وان هذا التعريف يمكن اطلاقه على الزكاة حيث تتوافق مع الضريبة من حيث عناصرها وهي الفرضية المالية لكل منهما و اقتطاع الدولة لهما , وبصفة قسرية ونهائية , وبلا مقابل , وطبقا للمقدرة التكليفية للأفراد وان كلا منهما يستخدمان للوفاء بمقتضيات السياسة المالية العامة للدولة , ومن هنا يرون انه لا مانع من تصنيف الزكاة على انها ضريبة , وانها من بين الضرائب ومن جهتنا نؤكد ان التوافق بين عناصر الضريبة والزكاة هو شكلي فقط , وليس توافقا حقيقياً , وبتحليل عناصر الضريبة نجد انها على درجة قوية من  الاختلاف عن  عناصر الزكاة , بحيث يبقى هذا الاختلاف الزكاة دائماً في منأى عن الضرائب فان الضريبة فريضة مالية ملزمة من الدولة لجميع القاطنين فيها سواء كانوا من اهلها او من الواردين للإقامة فيها , مسلمين كانوا او كفاراً ,الا ان المسلم يتوجب عليه شرعاً دفع فريضة الزكاة ايضاً , وهو الامر الذي تسبب في اثارة هذه المسالة , لا سيما مع انتشار الضرائب في بلاد الاسلام وتقنينها , ورغم اختلاف اهل العلم من الفقهاء في هذه المسالة والتي تهم جميع المسلمين وبعد بيان ادلتهم التي استدلوا بها ومنهم من قال بجواز احتساب الضريبة من الزكاة لغرض التيسير على الناس , ودفع المشقة عنهم , وذلك اذا كانت الضرائب ظالمة واما اذا كانت الضرائب مما يراعى فيها العدل فهو تحقيق لمقصد الزكاة من سد خلة الفقراء , واستصلاح حالهم ,

وقد يجاب على ذلك , بان الزكاة عبادة مفروضة لها اركانها وشروطها , فلا يقوم غيرها مقامها بقصد التيسير , وما اخذ من المال ظلما من مالكه , فانه يرجى له الاجر عليه , وان يخلفه الله له , كما ان هذا القدر يخصم من الوعاء الزكوي الذي تجب فيه الزكاة , وهو نوع من التيسير , واما التعليل بان الضرائب اذا كانت عادلة فأنها تحتسب من الزكاة , لتحقيقها لمقصد الزكاة من سد خلة الفقراء , فانه لا يسلم لما بيانه في اختصاص الزكاة بشرائط واركان لا تجتمع مع الضريبة . بحال , مع اختلاف النية في كل منهما وعدم صرف الضريبة كلها في مصارف الزكاة

واما من قال بعدم جواز احتساب الضريبة من الزكاة , وهو قول اكثر اهل العلم , وهو ما عليه عامة الفقهاء المعاصرين والفتاوى المعاصرة لقضايا الزكاة , لان فريضة الزكاة عبادة يشترط فيها نية التقرب الى الله تعالى , وذلك متعذر في الضريبة وان الضريبة تؤخذ من الناس بغير اسم الزكاة , فلا يشرع عندئذ لدافعها احتسابها من الزكاة , واختلاف الزكاة عن الضريبة من وجوه كثيرة , كمصدر التشريع . وسبب الايجاب , واهداف كل منهما , ومصارفها , وثبوت الزكاة في كل زمان ومكان , بخلاف الضريبة التي يرتبط ثبوتها وعدمه باجتهاد الحاكم في الحاجة اليها من عدم ذلك ,

وهذا ما يترجح القول بعدم مشروعية احتساب الضرائب المعاصرة من الزكاة, وانما تخصم الضريبة من الوعاء الزكوي بعد استحقاقها , مع عدم جواز تأخير الزكاة لأجل ذلك لان الزكاة عبادة مفروضة , لها صفات وشروط تختلف كثيراً عن صفات الضرائب وشروطها , مما يمتنع معه اعطاء الضريبة حكم الزكاة , وان الضرائب قديماُ وحديثاً , لا تصرف في مصارف الزكاة , بل  تصرف في نفقات الدولة ومتطلباتها , هذا ان سلمت من الظلم والجور , واننا لو سلمنا بإيقاف الضرائب على الفقراء في زمان او مكان معين , فات احتساب الضرائب من الزكاة عندئذٍ مؤداه انحسارها عن مصارفها الاخرى, وهذا ما لا يتفق مع الادلة والمقاصد الشرعية القاضية بصرف الزكاة في مصارفها المنصوصة ما امكن , لما في ذلك من منافع عظيمة للإسلام والمسلمين , بل ربما ادى ذلك الى انحسار الزكاة برمتها , كما هو الحال في كثير من بلاد الاسلام التي زاحمت الضريبة فيها الزكاة , وان المسلم مأجور على ما يصيبه من مشقة اثر اجتماع الضريبة مع الزكاة , ان هو احتسب ذلك عند الله , كما ان المال لا تنقصه الزكاة والصدقة , بل تطهره ويبارك فيه ,

ويكفينا القول , بان الزكاة عبادة مالية , وفريضة الهية شرعية , وليست ضريبة نقدية , وهي ركن من اركان الاسلام الخمسة لا يكتمل اسلام المسلم الا بها , وحكمها حكم الفرائض , والعبادات الاخرى , كالصلاة , والصوم , والحج , يستحق مؤديها الاجر والثواب , ومانعها الاثم , والعقاب 

وصل الله تعالى على سيدنا محمد واله وصحبه اجمعين