الفرق في أفعال الصلاة في فرضها ونفلها

الفرق في أفعال الصلاة في فرضها ونفلها

 من فقه الصلاة   

الفرق في أفعال الصلاة في فرضها ونفلها

أ.م.د. مجاهد محمود إسماعيل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين.

فما من عمل دخل في مسمى الايمان بل وفي مسمى الإسلام كالصلاة [1] حتى عدت عند الصحابة تركها كفر ( كان أصحابُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ لا يرونَ شيئًا من الأعمالِ تركُه كفرٌ ، غيرَ الصَّلاةِ ) [2] فهي – أي الصلاة – فرضت فوق السموات السبع دون غيرها من الاعمال وهي ثاني الأركان من الإسلام ، ولم يشرع تركها في حال من الأحوال ، ولم يحكم لها ببدل ، فخبرها عظيم وامرها عميم وهذا ما شهدت له نصوص الشرع الحكيم .

والصلاة تعرف بانها أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة. واشتملت الصلاة على مسميان فرض ونفل، ولا يسع مسلم الا يعلم ما هي فروضها منها ، وفي النفل الامر اخف وايسر ، والفرض فيها صلاة ( الفجر ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء، والجمعة ) ، أما النفل فهو كل ماعدا الفريضة من سنن او تطوع .

ولما اختلف الحكم في الأداء ببن الفريضة والنفل كذلك اختلف الأفعال في وجوبها بينهما ، وفي ما يلي بيان لاختلف هذه الاحكام في وجوبها في الفرض وجواز تركها في النفل ، وسأذكر ما ترجح عندي بين اقوال الفقهاء رحمهم الله غير اني سأنقل الحكم مجردا عن الأدلة ومناقشتها مراعاة للاختصار :

1-  الفريضة مؤقَّتةٌ بوقت معيَّن، بخلاف النافلة، فمنها المؤقَّتُ وغير المؤقَّت ، وهذا معلوم لكل مسلم ان فرائض الصلاة لها أوقات معلومة تعلقت بها ، والنوافل منها ما تعلق بوقت الفرض واخرى تتعلق بالوقت بصفتها كالضحى  والوتر ، ومما لا تتعلق بالوقت كسنة الوضوء وتحية المسجد .

2-  فتشرع صلاةِ الجماعة في الفرائض، دون النوافلِ في حق الرجال دون النساء وهي فرض عين على من جاور المسجد ومن سمع النداء لحديث عبدالله بن ام مكتوم ، وهي فرض كفاية على الباقين ولو تركت بالكلية اثم الجميع .

3-  جواز صلاة النافلة على الراحلة بلا ضرورة، بخلاف الفريضة إلا لضرورة ، والضرورة تقدر بحسب حال الراكب والمركوب ، فان شق على الراكب النزول لمرض أو خوف صلى على مركوبه - دابة او وسيلة نقل حديثة – وان كان المركوب طائرة او سفينه تعذر النزول عنها وخيف فوات الوقت صلى فيها ، ويشترط استقبال القبلة في الصلاة فأن تعذر استقبلها في تكبيرة الاحرام .

4-  لا يُشرع الأذان والإقامة في النَّفل مطلقا، بخلاف الفَرْض ، ففي الفرض هو سنة مؤكدة في الحضر دون السفر ،  ولم يشرع الاذان لصلاة النافلة والعيدين والاستسقاء والتراويح والكسوف والخسوف والجنائز , فصلاة النافلة منها ما هو تبع لفرض والمناداة لفرضها يكفي اذ هي داخلة مع الفرض في النداء , ونفل ليس له وقت محدد لم يشرع له لنداء لان النداء يكون لصلاة ذات وقت ثابت.  اما العيدين والاستسقاء والخسوف والكسوف فقد شرع ان ينادى لها بغير الاذان بأن ينادى الصلاة جامعة .

5-  القيام ركنٌ في الفريضة، بخلاف النَّافلة ، فالقيام [3] في الفريضة ركن ان ترك عمدا او سهوا بطلت الركعة ووجبت الإعادة ، وان تعذر القيام لمرض ونحوه سقط القيام وصلى جالسا ، اما في النفل فللمصلي ان يترك القيام مع الاستطاعة غير ان ذلك ينقص من اجره .

6-  التسليم في فرض الصلاة أثنين وفي نفلها تجزئ الواحدة ، شُرع التسليم للانصراف من الصلاة حتى لا تكون كأي فعل مجرد تركه انصراف عنه , ولا نها عبادة كان الدخول بها بنية مع تكبيرة الاحرام وجعل الانصراف منها بنية مع التسليم ، وتعيين التسليمتين في الفرض و واحدة في النفل يعلم من فعله عليه الصلاة والسلام بما اخرجه مسلم في صحيحة  (إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه، وشماله ) [4] ، وفي تعيين التسليمة الواحدة في النفل قالت عائشة رضي الله عنها في وصفها لصلاته عليه الصلاة والسلام في اليل : (ويسلم تسليمة واحدة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه )[5] .

 

هذا ما تيسر ايراده وبيانه بفضل منه سبحانه وتعالى في بيان لبعض الفروق المهمة بين فرض الصلاة ونفلها حتى يراعي المكلف هذا الامر لشديد أهميته ولعظيم ما كلف به .



[1] - وكل عمل بعد الشهادة يدخل في مسمى الإسلام غير ان منه تركه كفر وغيره تركه نقصان في الدين .

[2] سنن الترمذي برقم 2622، 5/14

[3] - والقيام هو استطاعة الانتقال من حال الجلوس حال  الوقوف  .

[4] صحيح مسلم برقم 120 ، 1 /322

[5] - سنن ابي داود برقم 1346، 2/42 .