الواقعية الساذجة واثرها على لغة الأرقام

الواقعية الساذجة واثرها على لغة الأرقام

الواقعية الساذجة واثرها على لغة الأرقام

م.م ادريس سمير دلي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه...

لقد أصبحت لغة الأرقام او الاحصائيات هي اللغة الطاغية على واقعنا لاسيما ونحن في عالم التكنولوجيا الرقمي اذ ينطلق الحديث عن الواقع الذي نراه وندركه في مخيلتنا وهذا يندرج تحت مسمى الواقعية الساذجة التي تعرف بإدراك الانسان للأشياء واعتقاده انها موجودة في الواقع  مثل ما يدركها في الواقعية الساذجة. سميت بالساذجة لأنها تنظر الى الأمور بسطحية وسذاجة وترى ان الواقع الخارجي مستقل عن الذهن. إذاً الواقعية الساذجة هي مثل المرآة تعكس كل ما هو موجود في عالمنا الخارجي بوضوح . أما الواقعية البسيطة تنسجم مع الآراء التي يتبناها الناس العاديون الذين يقبلون الاستسلام دون نقد أو نقاش. أي أن العالم الخارجي موجود دون أي تغيير أو تغير في الإدراك، وبالتالي فإن الأشياء التي تدركها سمات الأشياء تمثل واقعهم. لذلك فإن دور الإنسان في المعرفة يشبه دور “الكاميرا” الذي يقتصر على نقل الأشياء والتأكيد عليها دون تفكير أو نقد. هذا الشكل الساذج من الواقعية، أو كما أطلق عليه هوسرل "واقعية الظروف الطبيعية أو العادية"، تقلص تحت ضغط النقد المثالي. اختلاف الشيء في مظهره وشكله ناتج عن المسافة بينه وبين العين التي تراه، أو الزاوية التي يرى منها. مما يعني أن هناك فرقًا بين الأشياء في الواقع والأفكار التي تمثل الأشياء .فعالم الواقع ذو وجود مستقل عن مخيلتنا ومعرفتي له هو تصوير لا اكثر ولا اقل.

هناك الكثير من الظواهر والتقلبات في حياتنا الاجتماعية او الاقتصادية وهذه الظروف والظواهر تتغير وتتبدل مع الزمن لذلك يجب علينا ان نكون مستعدين لتغيير افكارنا بتغير حقائق واقعنا وان ننظر الى مثل هذه الأمور او الاحداث بذهنية منفتحة لا ان تكون مغلقة على الدوام، لذلك الواقعية الساذجة تعطي  للإنسان معرفة سطحية صورية عما موجود عليه الواقع وقد تعطي معرفة اكثر دقة وفهما عند الغوص في معرفة الواقع من خلال تحليله . مثال على ذلك القمر نراه كصورة ومعرفتنا به عن طريق هذه الصورة التي فوقنا لكن لو نظرنا له بالمنظار لرأينا القمر شبه الأرض لما عليه من سطح مستوي اذن ستكون المعرفة هنا ادق وتختلف عن الصورة السابقة , اذن الانسان العادي قد يرى واقعنا بصورة عادية وهذا يسمى بالإنسان العادي وهناك من يحلل ويدقق قد يرى الواقع بصورة أخرى تختلف . وهناك معظم الناس قد نرى عليهم  سيطرة المشاعر والعواطف تقودنا على انهم  يبتعدون بل قد لا يتقبلون الحقائق او لا تعجبهم فتراهم  يهربون من المشكلة او الواقع وذلك بالتشكيك بصحة الخبر او المعلومات او ربما بالأرقام الإحصائية التي تنتج من المراكز الدراسية وخصوصا اننا نعيش عصر المعلومات والإحصاءات اذ اصبحنا نتعامل بلغة الأرقام من حيث التفاصيل والنتائج  في عصرنا هذا. وخير مثال على ذلك جائحة كورونا ( كوفيد 19) حيث النتائج والدراسات كانت تقدم عن طريق الأرقام والإحصاءات لذلك نرى ارقام من الإصابات تنهال كل يوم ولا يزال قسم من الناس يشكك في الحقيقة او يهرب من قبول ما نحن عليه  وهذا ما يسمى (أثر النعامة) حيث يقوم بعض الناس بتجنب المعلومات  او الاخبار التي يرون انها غير مهمة  وعلى العكس عند وجود اخبار او معلومات إيجابية او مهمة. ( ان النعام يدفن رأسه في الرمال عند الشعور بالخطر ). لذلك يجب ان ننظر للواقع او الاحداث والتقلبات نظرة شاملة مع عدم اهمال التفاصيل لتكون لدينا فكرة الجمع بين الشمول والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والحقيقية للموضوع  حيث ان اخطر ما نعيشه اليوم هو التظليل او التشكيك وهذا ما استخدمته شركات التبغ بالتشكيك في الأرقام التي كانت تعطى عن المدخنين لإصابتهم بسرطان الرئة  بسبب السكائر في الخمسينات.وأخيرا عند السماع او الاطلاع على أية إحصائية او معلومات رقمية يجب ان نفكر قليلا ونتأمل بعدم التسرع في اصدار الحكم  او الرأي على ان  لانهمل التفاصيل وقراءتها . وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم