عيون القير في هيت.. ظاهرة جيولوجية فريدة ومصدر قلق بيئي

عيون القير في هيت.. ظاهرة جيولوجية فريدة ومصدر قلق بيئي

تنتشر في أرجاء مدينة هيت غرب العراق الواقعة على ضفاف نهر الفرات عيون طبيعية من القير الأسود، والتي تشمل عدة عيون مختلفة الحجم بين الكبيرة والصغيرة. تشكّل هذه العيون معلماً جغرافياً بارزاً في المنطقة، كما تمثل ظاهرة جيولوجية فريدة تستحق الدراسة والاهتمام.

غير أن وجود هذه العيون القيرية بكثرة داخل المناطق السكنية، بات يشكل مصدر قلق بيئي متزايد لسكان المدينة، حيث تنبعث منها غازات سامة ناتجة عن فعل البكتيريا التي تتغذى على مكونات النفط والمياه الجوفية.

يعود أصل هذه العيون جيولوجياً الى وقوع المنطقة ضمن نطاق صدع أبو الجير الممتد من جنوب الى شمال غرب العراق بشكل نطاق كسور عميقة في الطبقات الصخرية مما سمح بتسرب النفط إلى السطح. كما يأتي جزء من المياه المصاحبة للقير من الصحراء الغربية عبر الطبقات الجوفية من المناطق المرتفعة، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن مصدر النفط المتسرب من هذه العيون يعود لحقبة العصر الكريتاسي والجوراسي، ومن البيئات الترسيبية البحرية من عدة مكامن.

يندفع القير من بعض العيون بكثافة شديدة، في حين تنخفض كمياته في عيون أخرى. ويتميز القير الخام بلونه الأسود الداكن، وكثافته العالية بفعل فقدانه للمكونات الطيارة الخفيفة (C1-C20).

لا يقتصر الأمر على القير فحسب، بل إن الغازات الناتجة عن تفككه تمثل مشكلة بيئية حقيقية، وخصوصاً غاز كبريتيد الهيدروجين السام. هذا بالإضافة إلى تسرب مياه محملة بالكبريت وترسبه على طول مجرى العيون، ما يؤدي إلى تلوث التربة.

تزداد خطورة الوضع كلما اقتربنا من العيون الواقعة داخل المناطق السكنية وسط المدينة، حيث ترتفع نسب التلوث ويتعرض السكان بشكل مباشر لمخاطر صحية. لذا، تستدعي هذه المعضلة البيئية إجراء دراسات واسعة بغرض وضع الحلول المناسبة للتخفيف من حدتها والحد من مخاطرها على البيئة والإنسان.