ندوة علمية بعنوان: توظيف الأساليب الإدارية والتقنيات الحديثة في إدارة واستدامة مشاريع الموارد المائية في الانبار              مركز تنمية حوض أعالي الفرات يفتتح أولى الدورات للعام الدراسي 2023 -2024              السكان والغذاء..... وشبح المجاعة القادم              جامعة الانبار ضمن الفريق المكلف بدراسة وتحديد مسار الحزام الاخضر في المحافظة              دور وتأثير التشريعات القانونية في تحقيق اهداف التنمية المستدامة

 تفاصيل الخبر

قيمة المياه: قراءة تحليلية في تقرير الامم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية WWDR2021

2022-06-29

قيمة المياه: قراءة تحليلية في تقرير الامم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية WWDR2021


أ.د.عمار حاتم كامل

مدير مركز تنمية حوض أعالي الفرات

ندرك جميعا بحكم موروثنا الحضاري والعلمي والعقائدي اهمية الماء لكل مناحي الحياة بما في ذلك البشر، يقول تعالى: } وجعلنا من الماء كل شيء حي { (الانبياء: 30). وهو كثيرا ما يتم اعتباره أمراً مفروغاً منه، على الأقل من قبل الجهات والافراد الذين لديهم وصول سهل وبأسعار معقولة إلى إمدادات مياه آمنة وفيرة كما تشير الى ذلك نائبة رئيس لجنة الأمم المتحدة للمياه، والمديرة المساعد لبرنامج توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية للجميع  (WASH)واخرون. وهو مايؤدي بالنتيجة في كثير من الاحيان الى إساءة استخدامها أو تلويثها أو إهدارها. وللاسف في بلد مثل العراق بات يعاني مؤخرا من الشحة المائية وقلة الواردات المائية كون اغلب منابع الانهار خارج حدود العراق وقلة الامطار والتساقط نتيجة التغيرات المناخية لكن سوء الاستخدام والهدر وتاثر نوعية المياه سلبيا مازال مستمرا وعلى نطاق واسع. إن حل مشكلة المياه بأبعادها المتعددة على ضوء هذه الشحة في الموارد المائية يعد من اكبر التحديات التي تواجه العراق خصوصا بعد تقارير جهات عديدة انه بعد عام 2040 قد لايكون هنالك انهار في العراق وهو مايعتبر تحدي وجودي للبلد بسبب ارتفاع مستوى الطلب على المياه نتيجة الزيادة السكانية ومايرتبط به من تحقيق الامن الغذائي والنشاطات البشرية الاخرى من جهة، وعدم اعتماد الاساليب الفاعلة والكفؤة والحديثة التي تعتمد الحوكمة ومبادئ الادارة الرشيدة للمياه، وهو ما بشكل تاثيرا خطيرا على الحياة اليومية للبشر سيما الفقراء وزيادة المعاناة بسبب الأمراض المتصلة بالمياه والعيش في بيئات غير صحية ومحفوفة بالمخاطر في أحيان كثيرة.

لذلك اصبح ترشيد الاستهلاك المائي والادارة المتكاملة للمياه ضرورة وليس خيارا بالنسبة للعراق، ومن خلال تجارب العديد من البلدان التي سبقتنا وايضا هنالك العديد من المختصين بما فيهم خبراء في لجنة الامم المتحدة للمياه يرون ((انه لابد من التعامل مع الماء كسلعة اقتصادية له قيمة))، ممكن من خلالها تلبية الحاجات الإنسانية، وتسعى لتحقق الأمن الغذائي وتحافظ على البيئة، وهو مايؤدي في النهاية تحقيق درجة مقبولة من درجات الإدارة المتكاملة التي تسعى للمحافظة على توازن النسق الايكولوجي وبالتالي تحقيق اهداف التنمية المستدامة والتي يرتبط اكثر من هدف فيها بالمياه سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة. فحل أزمة المياه بجميع ابعادها يتطلب اعتماد خطة شاملة لحل المشكلات، فالقضاء على الفقر وتغيير أنماط الإنتاج سواء الزراعي او غيره والاستهلاك المائي خاصة،والامن الغذائي وكذلك حماية وإدارة قواعد الموارد الطبيعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من اهم اهداف التنمية المستدامة واولياتها بل ومتطلبات أساسية لها. سنحاول في هذه المقالة البسيطة توضيح مفاهيم الادارة المتكاملة للمياه وعلاقتها بالتنمية المستدامة في ظل الشحة المائية والتغيرات المناخية من خلال تقرير للامم المتحدة عن تنمية الموارد المائية والتوضيح الذي قدمه عدد من المسؤوليين في لجنة الامم المتحدة للمياه.

ما معنى ان نعطي للمياه ((قيمة))؟:

الأسئلة الرئيسية التي تحدث عنها تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية  (WWDR 2021)هي:

1- ماذا تعني "القيمة" ؟

2- ما هي "القيمة" التي تمثلها المياه؟

ان الوضع الحالي للموارد المائية في العراق يتطلب التركيز على موضوع الادارة المثلى للموارد المائية او تحسين هذه الادارة لان طرق الري التقليدية المستخدمة في العراق وماتمثله من هدر واضح بسبب عدم تقبل اغلب الفلاحين للطرق الحديثة وعدم تفعيل التشريعات الخاصة بمنظومة ادارة وتشغيل الموارد المائية في العراق واضحة للعيان والتي تتطلب أمراً أساسياً لابد منه لتحقيق إدارة مستدامة وعادلة للموارد المائية وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المستدامة هذا الامر كما اشارت اليه لجنة الامم المتحدة للمياه ممثلة بنائب رئيس اللجنة هو تحديد  (قيمة للمياه) وقياسها والتعبير عنها، وجعلها جزءا من عملية صنع القرار. إن إعطاء "قيمة" للمياه يمثل الوسيلة الافضل للتعرف على أهميتها – سواء للافراد او المجتمعات وكذلك البيئة التي تأتي منها وتعود إليها حسب القوانين الطبيعية.

يشير التقرير (تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية (WWDR 2021 )) الى السؤال هو ما تعنيه القيمة على وجه التحديد للمستخدمين وأصحاب المصلحة وهو أمر بالغ الأهمية. فحساب القيمة شيء والتعبير عن هذه القيمة شي مختلف وله مقاييس خاصة للتعبير عنها. على سبيل المثال مصطلحات "السعر" و"التكلفة" و"القيمة" ليست مترادفة فاعضاء لجنة الامم المتحدة للمياه يؤكدون ان مصطلحين الأولين يمكن قياسهما بسهولة من وجهة النظر القائمة على القيمة النقدية في المقام الأول، لكن مصطلح  القيمة يشمل مجموعة أوسع بكثير من الفوائد غير الملموسة في كثير من الأحيان. بينما يمكن القول إن التقييم النقدي أسهل من معظم الأساليب الأخرى، وله ميزة استخدام مقياس مشترك يمكن من خلاله مقارنة قيم الاستخدامات المختلفة من الناحية الكمية، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى التقليل من قيمة أو استبعاد الفوائد التي يصعب تقييمها نقدياً. بالنسبة لبعض المستخدمين انه طالما يدفع اجور الماء وباي تكلفة فهذا يكفي بالنسبة له ولكن هو يهمل جانب مهم جدا وهو قيمة الماء وان الهدر في الاستخدام ممكن ان يؤثر بصورة سلبية وكبيرة لقطاعات ومستخدميين اخرين مثلا عدم الكفاءة في استخدام المياه ممكن ان يقلص الاراضي الزراعية كما هو الحال في العراق اليوم وممكن ان يحرم العديد من المناطق والسكان حصة عادلة او حاجته الفعلية وارتباط ذلك بالامن الغذائي واهداف التنمية المستدامة مثل الهدف الاول: القضاء على الجوع واهداف اخرى مثل مكافحة التصحر والمياه النظيفة والعديد من الاهداف الاخرى بالتالي يمكن يكون هنالك قيمة نقدية للمياه تمثل كمية الاستهلاك وضريبة او قيمة نقدية اخرى تتعلق بالهدر. في بعض الدول تحدد الحاجة الفعلية للاستخدام المنزلي بناء على بيانات دقيقة وتحسب هذه الحاجة شهريا اي زيادة عن هذا الاستهلاك المحدد يتم فرض رسوم اضافية وهو ماقلل الهدر الى اقل مايمكن. وهذا يتطلب بنية تحتية من مقاييس وبيانات دقيقة ومتابعة وحملات توعوية تثقيفية على مستوى العراق وتبدا من رياض الاطفال ولاتنتهي عند فئة عمرية او اجتماعية معينة. لذلك اجمع تقرير (WWDR 2021) اسس تقييم المياه في خمسة عناصر مترابطة هي:

1-  مصادر المياه.

2-   البنية التحتية للمياه لتخزين المياه.

3-   خدمات المياه، المقصود بها (مياه الشرب والصرف الصحي وجوانب صحة الإنسان ذات الصلة.

4-   المياه كمدخل للإنتاج والنشاط الاجتماعي والاقتصادي، المقصود بها(الأغذية والزراعة والطاقة والصناعة والأعمال والتوظيف).

5-  القيم الاجتماعية والثقافية الأخرى للمياه، المقصود بها ( الصفات الترفيهية والثقافية والروحية).

هنالك اختلافات عديدة في طريقة تقييم المياه ووجهات نظر متباينة حول قيمة المياه وطرق حسابها والتعبير عنها، مثلا يشير التقرير واعضاء في لجنة الامم المتحدة للمياه انه من المستحيل عملياً القيام بالمقارنة الكمية لقيمة المياه للاستخدام المنزلي (وهذا واضح في العراق مثلا ممكن ان يختلف من منزل لاخر) وحق الإنسان في المياه، والمعتقدات العرفية أو الدينية (مثلا المساجد ودور العبادة التي تستخدم بنى تحتية مثلا حنفيات بدون متحسسات تؤدي الى صرفيات مياه اكثر من اللازم)، وقيمة الحفاظ على التدفقات للحفاظ على التنوع البيولوجي او الاخذ بنظر الاعتبار خصوصية البلد من هذه الناحية مثل لابد من توفير حصة مياه لدفع اللسان الملحي في البصرة وكذلك الحفاظ على الاهوار. والصعوبة هنا انه لا ينبغي التضحية بأي من هذه القيّم من أجل تحقيق منهجيات تقييم متسقة  وواقع الحال يشير ان بعض القيم الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالمياه تمثل التحدي الابرز لاشتقاق او وضع معادلات او طرق لتقديرها. إن إدراك القيم المنسوبة إلى المياه والفوائد المرتبطة بها يكون ذاتياً بدرجة كبيرة ويستوجب استخدام الاساليب متعددة القيم لإدارة المياه التركيزعلى دور القيم في توجيه القرارات الرئيسية لإدارة الموارد المائية فالإدارة الرشيدة للمياه تستلزم المشاركة الفاعلة لمختلف الجهات المؤثرة في المجتمع مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر تكاملاً وإنصافاً. تمثل الإرادة السياسية (المشرع) للنظر في وضع قيمة للماء أمر بالغ الأهمية، يستلزم إعادة توزيع الصلاحيات واعطاء مساحة اكبر من التصرف لدوائر الموارد المائية في المحافظات وايضا التاثير في الرأي من خلال بناء الوعي العام والضغط من أجل التغيير وهو دور الاعلام والتثقيف من خلال حملات اعلامية توعوية كبيرة والذي يمكن ان يستفيد منه على المدى البعيد جميع القطاعات من إمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة إلى الزراعة والطاقة والصناعة والبيئة، كدورة تنموية شاملة من التخطيط إلى تحسين الكفاءات والإدارة التكيفية والرصد. اما حاليا، فالاولوية لإجراء تعديلات من خلال مجموعة من الضوابط والمحددات وسن القوانين ومنح الحوافز لقطاعات معينة لاستخدام المياه بكفاءة أكبر في حالات معينة وهو مايستلزم تشريعات قانونية تدعم هذا التوجه وان القوانين النافذة التي تخص الثروة المائية في العراق تحتاج الى الكثير من الدراسة لاعادة النظر وسن قوانين جديدة تناسب المرحلة الحالية التي تشهد شحة مائية وتاثيرات سلبية للتغيرات المناخية فالعراق احد ابرز الدول المتاثرة سلبا بهذه التغيرات على مستوى العالم. تمثل المراحل الأولية لتخطيط الموارد المائية وتصميم البنية التحتية فرصاً كبيرة ولكنها غير مستغلة لإدخال جوانب مختلفة من قيمة المياه.

هل من حلول؟  او توصيات ؟

لابد أن يبحث القائمون على ادارة ملف الموارد المائية في العراق في مختلف الخيارات والفرص المالية لهذا القطاع الحيوي، وابرزها تعزيز القدرات المؤسسية والمالية والبشرية والفنية وتنسيقها على المستويات الوطنية والمحلية منها تنفيذ برامج وأنشطة لبناء القدرات باعتماد نهج متكامل يغطي جميع هذه الجوانب من أجل المشاركة وتحسين عملية صنع القرار في موضوع الموارد المائية. ان الاستفادة المثلى من الموارد و التنسيق في بناء القدرات يؤدي إلى استخدام هذه الموارد على نحو أكثر كفاءة في خطط التنمية الوطنية وتحقيق اهداف التنمية المستدامة وابرز مثال على ذلك هو مشاريع الاحزمة الخضراء حول المدن والتي ازدادت اهمبتها بعد العواصف الغبارية الاخيرة وكشقت عن اهمية اعتماد التكامل بين القطاعات المختلفة لانجاح المشروع. يعد الترابط الموجود بين اهداف التنمية المستدامة والذي سبق ان اشرنا اليه اساسالتنمية القدرات، وبالتالي ينبغي تعميمها في نظم الرصد الوطنية. مع ذلك، لاحظنا ومن خلال المسح الميداني انه توجد ثغرات في جمع البيانات ورصدها يمكن معالجتها من خلال تعزيز قدرات الدوائر المعنية خاصة دوائر الاحصاء في المحافظات. لذلك نقترح:

·        دعم الجباية المائية لكافة المشاريع سواء الزراعية او المنزلية او غيرها المصحوبة بحملة توعوية تثقيفية  لتكون إحدى الأدوات أو الوسائل بجانب البنية التحتية الحديثة لمعالجة الثغرات في البيانات الخاصة بالموارد المائية وجميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية فللمياه دور رئيسي في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة لعام (2030 ).

·        تشجيع الاستثمارات في البحوث والتكنولوجيا التي تتناول استخدام وتطوير التكنولوجيات لمواجهة آثار التغير المناخي وشحة المياه في العراق؛ ويمكن ان تؤدي الجامعات العراقية دورا كبيرا من خلال برامج الدراسات العليا فيها.

·        إشراك الأوساط العلمية والتكنولوجية في عملية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الوطنية، لأن العلم والتكنولوجيا وسيلتان استراتيجيتان في تيسير التفاعل بين العلم والسياسات الذي يسترشد به في   اتخاذ القرارات القائمة على أدلة  وتفعيل اللجان والهيئات المشكلة والمقترحة لادارة ملف الموارد المائية مثل اللجنة الوطنية العليا للمياه والمجلس العراقي الاعلى للموارد المائية.

#University_of_Anbar



 تعليقات الفيسبوك

 المزيد من الاخبار

 التغيرات المناخية وانعكاسها على النشاط الزراعي

 جودة التربة (Soil Quality)

 مواد الإلكترونيات الضوئية

 دور نظم المعلومات الجغرافية في مراقبة الاهوار في جنوب العراق (الاهوار العراقية ما بين الخسارة والضرر)

 الضروريات الخمس في الإسلام وأثرها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

 الزراعة الرقمية تقود مستقبل الإنتاج الغذائي في العالم

 تطبيقات تكنولوجيا النانو في مجال تنقية المياه

 التذبذب المناخي وأثره على الأمن الغذائي في محافظة الانبار

التصويت

ماهو رائيك بمستوى التصميم والخدمات التي يقدمها موقع جامعتنا؟

 ضعيف
 جيد
 جيد جدا

مجموع التصويتات 227

الاساتذة والاداريين


المركز
اللقب
الاسم


خريجي الكلية

المركز
الشهادة
السنة
النوع
الجنس
الاسم

طلبة الكلية

المركز
المرحلة
الشهادة
النوع
الجنس
الاسم