| تفاصيل الخبر |
الأهمية التنموية للجزر النهرية في نهر الفرات ضمن محافظة الانبار
2022-09-23
تدريسي في قسم الجغرافية - كلية الآداب - جامعة الانبار
يشكل نهر الفرات أهمية كبيرة في الدراسات الجيومورفية ضمن نطاق محافظة الانبار بوصفه أحد العناصر المهمة التي أسهمت في تشكيل ملامح سطح الأرض بين مدينة القائم ومدينة الفلوجة، أذ تتمتع نهر الفرات بقدرة متباينة على تغيير الواقع المورفولوجي بفعل عمليات النحت والارساب التي يقوم بها ضمن مجراه واهم الاشكال الارسابية التي تتشكل في مجرى نهر الفرات هي الجزر النهرية الجزيرة.
لغة: تعني حيز الأرض المنقطع عما يحيطه من ارض وجزر الماء عنها وانحسر.
اما اصطلاحاً: فهي قطعة من الأرض تحيط بها المياه من جميع جهاتها سواء اكانت واقعة في مجرى نهر او بحر وتتناول مقالتنا هذه الجزر النهرية في نهر الفرات ضمن محافظة الانبار واهميتها التنموية.
يمثل نهر الفرات المصدر الأساسي للمياه السطحية في محافظة الانبار وشكلت مظاهره الطبيعية أساساً لكثير من الدراسات، كان لجزره النهرية أهمية كبيرة اذ تعد أحد المظاهر التكوينية داخل مجرى نهر الفرات، التي نتجت عن حالات النحت والترسيب المستمرة التي يقوم بها النهر على طول مجراه في محافظة الانبار إذ عكس وجودها داخل المجرى طبيعة النشاط الذي يقوم به النهر، ونظراً لتباين هذا النشاط من منطقة إلى أخرى فقد أدى إلى تباين أشكال ومساحات وأطوال هذه الجزر النهرية، فضلاً عن تباين توزيعها وطبيعة مكوناتها داخل المجرى.
هناك عوامل طبيعية وبشرية أسهمت في تشكيل الجزر النهرية في نهر الفرات بالشكل الذي هي عليه الآن، ومنها عوامل متعلقة بمجرى النهر نفسه كسرعة الجريان وعرض المجرى ودرجة الاستقامة.
وهناك عوامل أخرى تسهم في تشكيل الجزر النهرية نتيجة لبعض العوامل التي تندرج تحت مسمى العوامل المؤثرة على المجرى والتي يخضع النهر لها وتتحكم في سلوكه كالمناخ والتركيب الجيولوجي والعامل الطبوغرافي، فضلاً عن تدخل الإنسان واستثماراته المختلفة، بالقرب من مجرى النهر أو فوقه، كلها عوامل أوجدت الأرضية المناسبة لبناء الجزر في المنطقة وبالتالي من الضروري دراسة هذه العوامل ومدى تأثيرها على النهر والإنسان على حد سواء.
يعد نهر الفرات المحور الأساس الذي تتركز حوله غالبية التجمعات البشرية في المنطقة، وقد دفع المناخ الجاف وقلة تساقط الأمطار السكان إلى الاستقرار بالقرب من المجاري النهرية، إذ أن نمو المستقرات البشرية وتطورها ارتبط بوفرة المياه الدائمة لنهر الفرات، وهذا يفسر سبب تركز معظم المستقرات على امتداد النهر، وعليه فقد ظهرت عدة أنماط للاستيطان في المنطقة ومارس السكان مختلف الأنشطة الاقتصادية ومنها الزراعة التي استثمرت أراضي تلك الجزر في النشاط الزراعي. اذ يعد النشاط الزراعي من أهم الأنشطة التي مارسها الإنسان في المنطقة، وتأتي هذه الأهمية من خلال الاستغلال الكثيف لأراضي السهل الفيضي لنهر الفرات في المنطقة، لاسيما ضفاف الأنهار وما جاور السهل الفيضي من جزر نهرية قريبة يمكن الوصول اليها، إذ تمتاز هذا الجزر بمجموعة من الخصائص تجعل منه مكاناً مناسباً للاستثمار الزراعي كاستواء السطح وخصوبة التربة والموارد المائية السطحية.
هذه الصفات جعلت الجزر النهرية المتشكلة بمجرى نهر الفرات تحظى بأهمية كبيرة في مجال النشاط الزراعي، إلا أن هذه الأهمية تتباين بين منطقة وأخرى تبعاً لطبيعة الاستغلال ونوع المحاصيل المزروعة وقرب هذه الجزر من المستقرات البشرية ونتيجة لتفاقم امدادات الحبوب على المستوى العالمي وارتفاع سعر القمح منذ أشهر إلى مستويات غير مسبوقة في الأسواق العالمية بسبب توقف امدادات القمح الروسي والأوكراني. وزيادة سعره بنسبة 40% خلال ثلاثة أشهر وتوتر سوق الحبوب عالميا بسبب مخاطر الجفاف في العالم من هنا تبرز أهمية الجزر النهرية الجانبية والملتحمة مع الضفاف لاستغلالها للنشاط الزراعي ولاسيما زراعة محاصيل الحنطة والشعير في حين تبرز أهمية الجزر الوسطية باستغلالها لزراعة المحاصيل الحقلية واشجار الفاكهة وهذا يعود إلى صعوبة الوصول إلى هذه الجزر كما يصعب إيجاد طرق لوصول المكائن والمعدات اللازمة لعملية الزراعة والأمر الذي يشجع على ذلك استغلال بعض هذه الجزر واستثمارها حاليا في زراعة بساتين النخيل وأشجار الفاكهة وهذه تجربة يمكن تعميمها على بقية الجزر النهرية الأخرى في نهر الفرات وانتظار نتائج هذه التجربة على المدى القريب.
