الادلة البكتيريولوجية لتلوث المياه

تفاصيل الخبر

الادلة البكتيريولوجية لتلوث المياه

2022-12-05

الأستاذ المساعد الدكتور مثنى بديع فرحان

مركز تنمية حوض أعالي الفرات/ جامعة الأنبار

ان التحري المباشر عن وجود البكتريا المرضية في الماء لا يعد فحصاً روتينياً مفيداً من الناحية العملية لوجود تلوث المياه بتلك البكتريا المرضية لعدة اسباب منها وجود البكتريا المرضية في المياه يكون بأعداد قليلة بالنسبة الى البكتريا التي تعيش بصورة طبيعية في الامعاء بالإضافة الى ان فترة بقائها في الماء تكون اقل من تلك البكتريا، كذلك طول الفترة اللازمة لظهور الإصابة، فمثلا اذا كانت هناك حالة تلوث واحدة للماء بمرض التيفوئيد فان اعراض المرض تظهر بعد اسبوعين بظهور الحمى واسبوع اخر أو اكثر لتشخيصها وهذه الفترة الطويلة لتشخيص المرض تجعل الاصابة بشكل وباء منتشر قبل الشروع بمعالجة التلوث. ومن المعروف أن أمعاء الإنسان والحيوانات ذات الدم الحار تحتوى على أعداد كبيرة من البكتيريا أغلبها من السلالات الغير ممرضة ومن هذه البكتيريا Escherichia coli التي توجد بكثرة في البراز، لهذه الأسباب يعد التحري عن البكتريا البرازية التي توجد بصورة طبيعية في امعاء الانسان اسهل واسرع واقل خطرا في العزل والتشخيص ووجودها في الماء يدل على احتمالية وجود الأنواع المرضية وعدم وجودها يدل على عدم وجود البكتريا المرضية. وهنالك اربعة مجاميع بكتيرية تستخدم كدليل حيوي لتلوث المياه بمياه المجاري ويمكن من خلالها الاستدلال بوجود البكتيريا المرضية وهذه المجاميع هي:

1- بكتيريا القولون Coliform bacteria

وتضم مجموعة من البكتيريا وأهمها بكتيريا Escherichia coli التي تستخدم بشكل اساسي كدليل لتلوث المياه بالبكتيريا المرضية,ويرجع سبب استخدامها كدليل لتلوث المياه للعديد من الاسباب منها اتها تتواجد وخصوصا بكتيريا E.coli بصورة دائمة في امعاء الانسان وبأعداد كبيرة أكثر من البكتيريا الممرضة إذ إنها تطرح بمعدل آلاف الملايين في اليوم الواحد ضمن غائط الشخص العادي كما وانها تعيش في الماء لمدة اطول مقارنة بالأحياء المجهرية المرضية والسبب الآخر أن الشخص العادي لا يطرح احياء مجهرية مرضية مثل بكتريا التيفوئيد الا انه يطرح هذه البكتيريا في حالة اصابته بهذا المرض وبهذا يكون وجود بكتيريا القولون في نموذج عينة الماء المأخوذة بمثابة تحذير بأن الماء قد يكون ملوثا بأحياء مجهرية مرضية خطرة. ونظرا لأن بكتريا E. coli مصدرها برازي Fecal، بينما يوجد افراد أخرى من بكتريا القولون ، مصدرها غير برازي Non-fecal، وقادرة أيضا على تحليل سكر اللاكتوز ، لحامض وغاز مثل بكتيريا Enterobacter aerogenes، التي توجد على النباتات، والحبوب، وفي التربة، ومثل ب?تيريا Klebsiella التي مصدرها القناة التنفسية، لذلك فإنه بعد الكشف عن مجموعة بكتيريا القولون بالمياه فإنه يجب التمييز بين الميكروبات المحللة لسكر اللاكتوز البرازية وغير البرازية أما باقي البكتريا المعوية، مثلShigell, Salmonella Proteus فهي غير محللة لسكر اللاكتوز. وللتمييز بين المجموعة البرازية Fecal group، التي يمثلها بكتيريا E. coli وبين المجموعة الغير برازية Non-Fecal group، التي يمثلها بكتيريا Enterobacter aerogenes تجري مجموعة اختبارات تعرف باسم IMViC Test, بالإضافة الى ذلك قد يجري اختبار ايكمان Eijkman باستخدام وسط ماكونگي السائل both MacConkey، وكذلك فحص المستعمرات النامية على وسط Eosin methylene blue Agar (EMBA), فاذا ثبت بعد هذه الاختبارات، وجود بكتيريا E. coli ، فمعنى ذلك أن الماء الذي اخذت منه عينة الاختبار لا يصلح للشرب ولا للاستعمالات الأخرى بينما وجود بكتيريا E. aerogenes يسمح باستعمال هذه المياه.

2- المكورات المسبحية البرازية Fecal Streptococci

توجد هذه البكتريا بالبراز، ولكن بنسبة أقل من بكتيريا E. coli يدل وجود البكتريا المسبحية بالماء على أن التلوث لتلك المياه بمياه المجاري هو تلوث حديث، أي حدث منذ أقل من 24 ساعة.

تضم مجموعة المسبحيات الكروية عدة اجناس التي من خلالها ممكن أن نستدل عن مصدر التلوث في المياه فمثلا وجود بكتيريا Enterococcus faecalis يكون مصدرها المخلفات البشرية، وبكتيريا Streptococcus faceium التي يكون مصدرها المخلفات الحيوانية. وقد لوحظ في بعض الحالات وجود عينات مياه سالبة لمجموعة الكوليفورم، وفي نفس الوقت كانت موجبة لاختبار بكتريا السالمونيلا المرضية لذلك فإنه ينصح في هذه الحالة بإجراء اختبار مزدوج للكشف عن كل من بكتيريا القولون البرازية وبكتيريا المسبحيات البرازية Fecal streptococci ويستفاد أيضا من نتائج هذا الاختبار المزدوج في معرفة إذا كان مصدر التلوث بمياه المجاري بشري أم حيواني. ففي المخلفات البشرية نجد أن عدد بكتريا E. coli اكبر بكثير من عدد بكتريا Streptococcus، بعكس الحال في حالة المخلفات الحيوانية.

3- Clostridium perfringens

تعيش في الماء لمدة أطول مما تعيشه بكتيريا القولون. وهي توجد في البراز لكل من الانسان والحيوان ولكن بأعداد أقل من بكتيريا E. coli، وتتراوح أعدادها بين الف إلى مائة الف لكل غرام واحد، وتوجد أيضا في التربة.

يدل وجود هذه البكتريا بالماء على أن التلوث بمياه المجاري تلوث قديم مضى عليه فترة تزيد عن ثلاثة أيام وقد تصل لعدة أسابيع. ونظرا لأن هذه البكتيريا مقاومة للظروف الغير ملائمة لذا يدل وجودها بالمياه أيضا على حدوث تلوث من مخلفات صناعية لأن الأنواع الأخرى من البكتريا لا تستطيع تحمل التأثير السام لتلك المخلفات وتموت.

4- Pseudomonas aeruginosa

توجد بكتيريا Ps. aeruginosa في مياه المجاري وفي الأنهار الملوثة جدا وغالباً ما توجد في المياه التي تحوي على اعداد اكثر من 1000 من بكتيريا القولون البرازية لكل 100 مل من الماء. لهذا السبب فهي لا توجد في مياه الشرب. اما عددها في مياه الأنهار فهو مرتبط بدرجة تلوث هذه المياه بمياه المجاري. فاذا كان عددها اقل من 1 لكل 100 مل فهذا يدل على أن تلوث الماء بمياه المجاري قديم. ويعد التلوث قليلا اذا كان عددها يتراوح من 1 - 10 لكل 100 مل من الماء اما اذا زاد عددها عن 100 لكل 100 مل فهو دليل على أن هذه المياه ملوثة جدا. كما توجد بكتيريا Ps. aeruginosa في المياه مصاحبة للأنواع الأخرى من البكتيريا الدالة على التلوث البرازي مثل E. coli وعند ذلك يعد وجودها دليلا اضافيا على التلوث لاسيما عندما يكون الماء مشكوك فيه كأن يكون مسبب للإسهال مما يستوجب التحري عن هذه البكتريا وتقدر نسبة بكتريا E. coli الى Ps. aeruginosa عادة بين 1: 10 تقريبا.