| تفاصيل الخبر |
تدهور مياه الفرات
2023-04-04
الاستاذ الدكتور أكرم عبد اللطيف حسن
مركز تنمية حوض أعالي الفرات – جامعة الانبار
الفرات هو أحد لانهارالكبيرة في جنوب غرب اسيا وأكبر نهر في الصفيحة العربية، وينبع النهر من تركيا، يستقبل نهر الفرات معظم مياهه من خلال هطول الأمطار، وذوبان الثلوج. ترتفع مياه نهر الفرات بشكل خاص وكبير خلال الأشهر الممتدة من نيسان وحتى مايس. ثمّ تتدفق إلى الخليج العربي، وهي في طريقها تمر عبر العراق وسوريا وتركيا، ثم يجري النهر. يدخل نهر الفرات في الأراضي السورية عند مدينة جرابلسويخرج منها عند مدينة البوكمال ويدخل أراضي العراق عند مدينة القائم في محافظة الانبارويتحد معه في العراق نهر دجلة فيشكلان شط العرب الذي تجري مياهه مسافة 90 ميلاً (120 كم) لتصب في الخليج العربي. يبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب في العراقحوالي 2940 كم منها 1176 كم في تركيا و610 كم في سورياو1160 كم في العراق.
ازدهرت العديد من الحضارات على ضفاف نهر الفرات خلال العصور القديمة، وكان من أهم حضاراتها إمبراطورية بلاد ما بين النهرين التي كانت جزءًا من ما يسمى بالهلال الخصيب في كثير من الأحيان. بنيت مدينة بابل التي تعتبر أهم المدن في العالم القديم على طول نهر الفرات. على الرغم من أنّ نهر الفرات لازال من أهم الأنهار حول العالم، إلا أنّه واجه العديد من المشكلات التي أثرت عليه بشكل سلبي، فتحولت التربة الخصبة إلى أرض قاحلة وجافة. ذكر نهر الفرات في الديانتين المسيحية والإسلامية، أما في المسيحية فقذ ذكرت الآية من (سفر التكوين) أنّ الفرات نهر من أنهار الجنة، ثمّ ذكر بعد ذلك في الديانة الإسلامية فجاء معنى فُرَاتٌ في القرآن الكريم عَذْبٌ فُرَاتٌ (الفرقان: 53)حلو شديد العذوبة وفي صحيح مسلم أنّ النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) قال: (سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة). وأخيراً، على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يحتلها نهر الفرات في الشرق الأوسط، إلا أنّه يواجه اليوم العديد من المشكلات الناتجة عن الإهمال كالتلوث الناجم عن تحويل مياه الصرف الصحي إليه.
منذ فجر التاريخ، كانت ضفاف نهر الفرات المهد الأساسي لابتكار الزراعة المروية قبل حوالي 12 ألف عام. لا يوجد اتفاق نهائي لتقاسم مياه الفرات بين الدول المتشاطئة وهي كل من سورياوالعراق إلا أن الاتفاقية السورية التركية المؤقتة لعام 1987 تنظم الحصص بين سورياوتركيا والتي تحصل بموجبها سوريا على معدل تدفق لا يقل عن 500 متر مكعب بالثانية من مياه نهر الفرات في حين اتفقت سوريا مع العراق عام 1989 على إطلاق 58% من مياه نهر الفرات الواردة إليها من تركيافيما تكون الحصة الباقية لسوريا وهي 42%..
يعد الصرف الصحي الملوث الأساس لمياه نهر الفرات، ومخلفاته تؤثر في نوعية المياه وهي تنذر بتراكمها بتأثير أكبر ولاسيما على ضوء حجمه وان تركيز الملوثات في المياه الناجم عن الأنشطة البلدية والصناعية التي تطرح، اذ يساهم النمو السكاني في زيادة مختلف الملوثات إلى مصادر المياه العذبة. اما الصرف الزراعي وهو الصرف الناجم عن مخلفات عمليات الري وغسل التربة للأراضي المستصلحة، والذي يحمل الملوحة والأسمدة الكيماوية المختلفة المضافة للأراضي. اذ العمليات الزراعية على نهري دجلة والفرات، داخل وخارج العراق على حد سواء، ادت الى زيادة مطردة في ملوحة مياه كلٍ من نهر دجلة والفرات. كما يتفاقم التدهور في جودة المياه بسبب ظواهر الجفاف والتي تعتبر أيضاً عاملاً رئيسياً يُسهم في تصحر الأراضي الزراعية.
تزداد ملوحة مياه الأنهار مع تدفق المياه جنوباً، فالملوحة على طول نهر الفرات أعلى مما هي على طول نهر دجلة وروافده بسبب السمات الجيولوجية المحلية، وإدارة الأراضي، والري الزراعي، وممارسات تصريف المياه في نهر الفرات. ان إجمالي المواد الصلبة الذائبة يزداد بما يقرب الأربعة أضعاف على امتداد نهر الفرات بين حصيبة والناصرية وفقاً لمتوسط البيانات الشهري حول جودة المياه المتاحة من قِبل وزارة البيئة. كما تنتشر الأمراض المنقولة عن طريق المياه على نطاقٍ واسع بسبب شرب المياه الملوثة. وتشير التقارير الواردة من وزارة البيئة لعام 2009 إلى أن التلوث البكتريولوجي في إمدادات المياه يتفاوت ما بين المحافظات، إذ يتراوح ما بين 2,5% إلى 30%، بمعدل قدره 16%، بما يفوق المحددات والمعايير الرسمية لمياه الشرب في العراق والمبادئ التوجيهية لجودة مياه الشرب لمنظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، فإن قواعد البيانات بشأن الملوثات الأخرى، بما في ذلك المواد العضوية وغير العضوية، ومسببات الأمراض والبكتيريا، محدودة في العراق، مما يجعل من الصعب وصف المصادر ومدى التلوث بشكلٍ كامل، وتصور التغييرات التي يمكن أن تطرأ في المستقبل. أصبحت المخاطر الصحية المتعلقة بتلوث الموارد المائية أكثر وضوحاً في العراق على مدى العقود الماضية، إذ كانت محافظة البصرة، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات في شط العرب بالقرب من مدينة البصرة، بؤرةً ساخنة لمشاكل جودة المياه. وقد أدى الجمع بين انخفاض جريان النهر وارتفاع الملوحة وزيادة مستويات التلوث الزراعي والصناعي بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي في العراق، مراراً وتكراراً، إلى أزمات صحية في المدينة. واهم هذه المؤشرات تأثيراً في نوعية المياه هي: درجة الحامضية، النترات، الكالسيوم، المغنسيوم، العسرة الكلية، الصوديوم، الكبريتات، الكلوريدات، المواد الصلبة الكلية، الايصالية الكهربائية والقاعدية، والتي تستخدم للمقارنة مع المواصفة القياسية العراقية لمياه الشرب.
جمعت بيانات محطات رصد وزارة البئة العراقية لتحديد مدى تأثير الملوثات التي يحملها النهر على طول المسافة، بدءاً من منطقة دخول نهر الفرات الى العراق في محطة القائم على الحدود العراقية – السورية حتى التقاءه مع نهر دجلة في محطة كرمة علي في محافظة البصرة.. حيث وجد ان قيم الخصائص الفيزيائية والكيميائية قد تجاوزت الحدود المسموح بها حسب المواصفة القياسية العراقية لمياه الشرب. كما أظهرت نتائج مؤشرات نوعية المياه بأن نوعية مياه نهر الفرات تتجه نحو الوضع السيء خاصةً بعد محطة المناذرة نظراً لتأثير الأنشطة البشرية، مثل مياه الصرف الصحي والنفايات الصناعية. وبالتالي، فأن المياه الخام للنهر سوف تحتاج الى المزيد من المعالجات لتصبح صالحة للشرب كما تشكل تحدياً لاستخدام المياه لمختلف الأغراض الاخرى.
#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات
#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center
