ندوة علمية بعنوان: توظيف الأساليب الإدارية والتقنيات الحديثة في إدارة واستدامة مشاريع الموارد المائية في الانبار              مركز تنمية حوض أعالي الفرات يفتتح أولى الدورات للعام الدراسي 2023 -2024              السكان والغذاء..... وشبح المجاعة القادم              جامعة الانبار ضمن الفريق المكلف بدراسة وتحديد مسار الحزام الاخضر في المحافظة              دور وتأثير التشريعات القانونية في تحقيق اهداف التنمية المستدامة

 تفاصيل الخبر

ازمة المياه في العراق

2023-06-17

ازمة المياه في العراق


المدرس الدكتور سنان لطيف محمود

وزارة التربية – مديرية تربية الانبار

يشكل الماء الركن الثاني من ثالوث الحياة – الهواء والماء والغذاء وليس بوسع أي كائن حي الاستغناء عنه البتة، وفوق ذلك فهو عماد الحياة الاقتصادية التي تمثل الزراعة والصناعة دعامتيها الاساسيتين، ولا تقتصر اهمية الماء في الحياة الاقتصادية فحسب، بل تدخل تلك الاهمية في صميم الخدمات المنزلية وما يتطلبه المطبخ العائلي ونظافة الانسان من غسل واستحمام.

لقد ربط القران الكريم بين اهمية الماء وديمومة الحياة ربطا جدلياً لا انفصام له، وقد اشارت الآية (30) من سورة الانبياء الى هذه الحقيقة بقوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)، كما مثل الماء الاساس الاول لقيام الحضارات الانسانية الاولى ومنها حضارة بلاد الرافدين منذ ما يقرب من سبعة الاف سنة خلت وهذا ينطبق على الحضارات الاخرى كالمصرية والصينية والهندية وحضارة الانكا والاستك كل تلك الحضارات ما كانت لتنشأ لولا مجاري الانهار ووفرة المياه.

وبما يخص العراق، فان الامر واضح ومشهود، فلولا الرافدين – دجلة والفرات – لما نشأت المدن والقصبات والقرى، ولانعدمت المناطق الريفية، ولتحول العراق الى ارض جرداء بلا حياة فلا انسان ولا حيوان بل لا طير ولا شجر، واذا كان الماء بهذه الاهمية من حيث الحياة – انسانا ونباتا وحيوانا – فلك ان تتصور مدى الكارثة المأساوية التي ستحل بالعراق اذا اصبح الرافدان لا يعيلان الملايين من سكان العراق.

ان نظام تقسيم الحصص المائية بين الدول المتشاطئة على نهر مشترك، يمثل فقرة واضحة تماما في ميثاق الامم المتحدة، ومن امثلة عجز هذه المؤسسة العالمية الكبرى، انها لم تحل ازمة تقسيم مياه النيل بين اثيوبيا التي تمثل موقع المنبع وبين السودان ومصر معاً اللتين تمثلان التشاطؤ مع دولة المنبع، كما عجزت الجامعة العربية هي الاخرى في هذه المهمة الدولية، وهذا دليل حيوي وبارز يدل قطعاً على ان تركيا قد استغلت البلاد ارضاً وسكاناً، ويبدو انها قد تجاهلت التاريخ ورابطة الجوار واخوة الاسلام، وهي الجارة الشمالية المسلمة منذ وجودها.

لا تعد مشكلة المياه بين العراق وسوريا وتركيا حالة فريدة أو نادرة مع ما لها من خصوصية، فالأنهار الدولية تسبب المشاكل في معظم أنحاء العالم لتداخل المصالح، وللحاجة الماسة إليها خصوصاً أن المياه هي بترول القرن الحالي، وأحد المصادر الأساسية والموارد الرئيسية لدول المنبع كما لدول المجرى (وإن المياه وليس النفط، ستكون القضية المهيمنة في الشرق الأوسط بعد العام 2000) وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والاقتصادية في واشنطن، الذي اعلن أكثر من مرة ان حوالي سبعين بؤرة توتر في العالم سببها المياه التي ستكون ام الازمات المستقبلية.

لقد مرت على العراق سنوات شحيحه متعاقبة منذ عام 1933 وكان الاسوأ فيها تعاقب ثلاث سنوات مائية هي 1999 و 2000 و 2001 ثم تكررت في  سنتي 2009 و 2010 والآن تعاد خلال هذا العام 2023 بنفس معدلات الشح المائي بل واكثر قسوة  ونؤكد هنا وعلى الرغم من شح المياه العذبة في العالم، وكذلك طبيعة المناخ العالمي الذي اضحى يميل الى ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات سنوية واضحة وقلة في هطول الامطار وتذبذبه السنوي في مناطق منابع الانهار الذي اثر على الوارد السنوي للعراق، غير اننا نؤكد هنا بان ازمة المياه في العراق لا علاقة لها بالعوامل الطبيعية قطعاً، بل هي خاضعة اساساً لعوامل بشرية واضحة المعالم تماماً، تنحصر بالموقف التركي الذي اساء لرابطة الجوار من جهة، وبالسياسة الخارجية للحكومة العراقية ليس إلا.

انخفاض مناسيب المياه في مجرى جدول الورار(28/5/2023)

انخفاض مناسيب المياه في مجرى نهر الفرات (الرمادي – زوية سطيح 30/5/2023)

ان القطاع الزراعي والصناعي في العراق يعتمدان بنسبة (70%) على نهري دجلة والفرات في توفير الاحتياجات المائية وتشكل الاحتياجات المنزلة نسبة (90%) من مياه هذين النهرين، ولذلك صرح "المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق" أن العراق قد أصبح من الدول شبه الصحراوية، وأن مساحة الصحراء صارت تشكل حوالي نصف إجمالي مساحة العراق على الرغم من وجود نهري دجلة والفرات. وأن العراق قد خسر ما يصل إلى (70%) من محاصيله الحقلية خلال السنوات الماضية بسبب الجفاف والتصحر وبخاصة بعد انشاء مشروع الكاب في تركيا الذي يشتمل على انشاء (21) سداً و (17) محطة لتوليد الطاقة الكهربائية اضافة الى (3) سدود على نهر دجلة، كما ان انشاء سد اتاتورك الذي عمل على تحويل جزء كبير من المياه لمسافة تصل الى (30) كيلو متراً عن المجرى الرئيس لري مساحة تقدر بـ( 350) كم مربع  وذلك اسهم في انخفاض معدلات المياه بنسبة تصل الى (45%)، وبذلك عطل العراق (20%) من اراضيه الزراعية هذا العام، وبسبب تلك المشاريع التركية فان سورية ستفقد نسبة (40%) من حصتها المائية، في حين تكون خسارة العراق اكثر خرابا ودمارا لأنه سيخسر (90%) من حصته المائية وقد اكد وزير الموارد المائية الحالي بان العراق فقد (7) مليار متر مكعب من مخزونة المائي الاستراتيجي وذلك بتاريخ 30/5/2023 كما صرح بان الاطلاقات المائية الواصلة الى العراق قد انخفض بنسبة (50%) وان محافظة بابل لوحدها قد خسرت (3000) دونم من محصول الرز لهذا الموسم الزراعي بسبب شحة المياه، وهذا واجب وطني  على كل عقل لبيب  وقلم حر، ان يدخل في هذا المعترك الخطير.

وعليه فان ضروريات المياه اصبحت سياسية واقتصادية تكاد تشترك مع النفط بهذا المجال وربما تنافسه في المستقبل فبعد نضوب النفط من المحتمل ان يشكل نفس قوة النفط الان، بل ربما يتسبب بحروب اقليمية ودولية، اذ اصبح هذا النزاع على المياه ينذر بظهور صراعات محلية وإقليمية مما يستدعي إلى أن تأخذ المنطقة تلك المسألة بجدية من خلال وجود تصور وبعد استراتيجي يستدعي وضع سياسات مائية موحدة لمواجهة تحديات الأمن المائي الذي تجلى ذلك بمقولة احد الاتراك (لم يريد العرب ان نعطيهم الماء مجانا وهم يبعوننا النفط ؟) ورفع شعار المياه مقابل النفط، ورفع شعار اخر هو المياه نفط المستقبل يجعل شكل الحروب المقبلة تتغير من حروب البترول والطاقة الى حروب المياه، وهي سدود ابتدأتها تركيا وتبعتها سوريا وبقي العراق يترقب الكارثة.

ان هذا الموقف التركي يمثل شرخا تاريخيا، وشططا سياسياً لا يستهان به، وقد يكون القادم اسوأ وامر وادهى، وذلك ان العراق يعيش بداية الازمة التي ظهرت نتائجها ولكنها لم تستفحل بعد، اما اذا استفحلت تلك الازمة، فذلك يعني احد امرين: اما الموت المحقق لما يزيد عن اربعين مليوناً من العراقيين، او هجرة سكان العراق بحثا عن سبل الحياة وهذا امر في غاية الصعوبة.

ومن دلالة المنطق ان تركيا لم تستهن بالقانون الدولي فحسب، بل استهانت بشعب العراق حياةً واقتصاداً، وتظهر ملامح الاستهانة واضحة بالحكومة العراقية وسياستها الخارجية، وهل بعد ذلك من دليل؟

     مساوئ الشح النهري في العراق:

     ان شح المياه في نهري دجلة والفرات في العراق، تترتب عليه تبعات خطيرة، وتنجم  عنه مساوئ على مستوى الارض والانسان، ومن أبرزها:

1 – انه يهدد حياة الملايين من سكان العراق، لأنه عماد الحياة، والعمود الفقري للخدمات المنزلية.

2 – تترب عليه خسائر فادحة تهدد الاقتصاد العراقي، وبخاصة القطاع الزراعي – بشقيه النباتي والحيواني – الذي يمثل الدعامة الثانية لذلك الاقتصاد بعد النفط.

3 – يؤدي الى تفاقم مشكلة التصحر ويضاعف افة الملوحة في ارض العراق.

4 – يضاعف مشكلة البطالة القائمة اصلاً في البلاد، وذلك مرتبط بانهيار الزراعة النباتية والثروة الحيوانية، انعاماً ودواجناً  واسماكاً.

5 – يقتل النشاط الصناعي الذي هو اصلاً في مراحل الاحتضار.

6 – يقود الى الهجرة المقيتة وترك الارياف، التي لم تكن اساساً لولا مياه الرافدين، ويترتب على هذه الهجرة مشاكل اجتماعية واقتصادية ونفسية تثقل كاهل المدن.

7 – ان شح المياه وهجرة الريف يؤدي الى خلق مشاكل جديدة، ابرزها انحسار البساط الاخضر، وهنا تكمن فرصة التصحر والتطرف المناخي.

8 – يؤدي الشح المائي في الرافدين الى الحاق الاذى الفادح بأهوار العراق الجنوبية، التي اقرتها منظمة اليونسكو تراثاً عالمياً، ويقضي على بيئة جغرافية متميزة في العراق.

9 – ان انخفاض مناسيب الانهار وقلة الوارد المائية يزيد من فرصة ثبات الجزر النهرية نتيجة لقلة الحت النهري وبالتالي توسعها على حساب المجرى ذاته.

    معالجة الشح المائي في نهري دجلة والفرات في العراق:

      ان مشكلة الشح في دجلة والفرات هي بشرية المنشأ ولا علاقة لها بالعوامل الطبيعية، بل هي ذات مغزى سياسي واضح، ولكنها ستؤدي الى كوارث تحل بالعراقيين تشمل الارض والانسان على حدٍ سواء، وضمن سياق البحث العلمي – الجغرافي – يمكن ان نقترح ابرز طرائق المعالجة وهي:

1 التفاوض الدبلوماسي مع دولة المنبع وفق القانون الدولي الذي يضمن حق التشاطؤ الدولي على النهر المشترك بين دولتين او اكثر.

2 – تحسين العلاقة السياسة بين العراق وتركيا وسورية، وهذا منوط بحكومة العراق ضمن سياستها الخارجية.

3 – بناء السدود بالسرعة الممكنة – على مجرى النهرين، ورفع منسوب المياه الى مستوى الفائدة والاستثمار، بدلا من ضياع المياه العذبة في مجاهل البحار.

4 – ثورة زراعية يسندها قانون وطني صارم بعقوبات رادعة لمن يستخدم الري السيحي وهدر المياه.

5 – تدخل الدولة رائداً ومشجعاً بتوزيع المرشات ووسائل الري الحديثة بأسعار مدعومة، وتكثيف عملية الارشاد الزراعي على مستوى الاقضية والنواحي في المحافظات.

6 – الغاء الزراعة السمكية – الحقلية بالأحواض – واستبدالها بالأقفاص العائمة في مجاري الانهار.

7 – ترك الخزن المائي في البحيرات، واستثمار اراضيها في الزراعة باستخدام طرائق الري الحديثة.

8 – التوجه الى استثمار المياه الجوفية، ودعم المزارعين في عمليات حفر الابار، وحصد المياه في المواسم المطيرة.

9 – قيام الحكومة بعمليات تدوير المياه الثقيلة ومياه المبازل، اسوة بدول العالم المتمدن.

 

الاساليب التقليدية في الزراعة والارواء 


    

 الاساليب الحديثة في الزراعة والارواء


 تعليقات الفيسبوك

 المزيد من الاخبار

 التغيرات المناخية وانعكاسها على النشاط الزراعي

 جودة التربة (Soil Quality)

 مواد الإلكترونيات الضوئية

 دور نظم المعلومات الجغرافية في مراقبة الاهوار في جنوب العراق (الاهوار العراقية ما بين الخسارة والضرر)

 الضروريات الخمس في الإسلام وأثرها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

 الزراعة الرقمية تقود مستقبل الإنتاج الغذائي في العالم

 تطبيقات تكنولوجيا النانو في مجال تنقية المياه

 التذبذب المناخي وأثره على الأمن الغذائي في محافظة الانبار

التصويت

ماهو رائيك بمستوى التصميم والخدمات التي يقدمها موقع جامعتنا؟

 ضعيف
 جيد
 جيد جدا

مجموع التصويتات 227

الاساتذة والاداريين


المركز
اللقب
الاسم


خريجي الكلية

المركز
الشهادة
السنة
النوع
الجنس
الاسم

طلبة الكلية

المركز
المرحلة
الشهادة
النوع
الجنس
الاسم