ندوة علمية بعنوان: توظيف الأساليب الإدارية والتقنيات الحديثة في إدارة واستدامة مشاريع الموارد المائية في الانبار              مركز تنمية حوض أعالي الفرات يفتتح أولى الدورات للعام الدراسي 2023 -2024              السكان والغذاء..... وشبح المجاعة القادم              جامعة الانبار ضمن الفريق المكلف بدراسة وتحديد مسار الحزام الاخضر في المحافظة              دور وتأثير التشريعات القانونية في تحقيق اهداف التنمية المستدامة

 تفاصيل الخبر

الإدارة المستدامة للمياه الجوفية في العراق كمورد غير مرئي ومفرط في الاستخدام؟

2023-12-30

الإدارة المستدامة للمياه الجوفية في العراق كمورد غير مرئي ومفرط في الاستخدام؟


رمضان حمزة محمد

خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية

نظراً للظروف القاسية التي أجمعت تغير المناخ وتحكمُ دول الجوار بموارد العراق المائية وسوء إدارة ما هو متوفر والذي عانى عقوداً من الإهمال المستمر وسوء إدارة القضايا المرتبطة بالإدارة الجيدة للمياه وعلى جميع المستويات الحكومية، المركزية والمحلية والبلدية، وخاصة مصادر المياه الجوفية نتيجة الاستخراج الجائر والتي أصبحت تعاني من التدهور المستمر من حيث الكمية والنوعية، مما يتطلب بذل محاولات جادة لوضع إدارة متكاملة لموارد المياه الجوفية لتكون على مسار أكثر استدامة، وعلى أقل تقدير، يتعين على الحكومة العراقية صياغة استراتيجيات جديدة وتنفيذ السياسات التي ينبغي أن تأخذ في الاعتبار خفض معدلات الانخفاض الحالية في مستويات المياه الجوفية بشكل كبير، وكذلك تقليل مستوى الملوثات التي تصل إلى المياه الجوفية، وان كان تحقيق هذه السياسات قد تبدو صعبة بعض الشيء، نظراً للمصالح الخاصة التي ينطوي عليها الحفاظ على الممارسات الحالية.

ولكن إذا استمرت الاتجاهات الحالية في الاستخراج الجائر للمياه الجوفية، فليس هناك شك في أن معظم مناطق العراق ستواجه قريبًا أزمة مياه من الصعوبة بمكان ان يتم التعامل معها بسهولة ويسر، بحيث لا يمكن تجنبها على المديين القريب والمتوسط، علماً بانه حاليًا يوجد ما يكفي من المعرفة والتكنولوجيا والأموال المتاحة لحل أزمات المياه. ومع ذلك، ومع شديد الأسف لا يرى علامات واضحة على أن الحلول المتاحة والتي من المرجح أن تستخدم لتحسين ممارسات وعمليات إدارة المياه السطحية منها والجوفية بشكل كبيرقي العراق الذي يصنف بانه البلد الخامس الأكثر هشاشة في مواجهة تغير المناخ. ومما يزيد الوضع تعقيدًا حقيقة أن تغير المناخ يجعل حدوث أحداث الأرصاد الجوية والظواهر الهيدرولوجية المتطرفة، مثل الفيضانات والجفاف، أكثر تواتراً، ومددها أطول بكثير.

وتزداد المشكلة تعقيدًا بسبب حقيقة أن صناع القرار في العراق لم يعطوا لموارد المياه أية أولوية سياسية طويلة المدى رغم اكمال دراسة استراتيجية تغطي عشرون عاماً (2015-2035) ، والتي يتطلب تحديث هذه الدراسة بانتظام كل خمس سنوات لتشمل الظروف السياسية والاقتصادية والمناخية المتغيرة وكذلك التقدم العلمي والتكنولوجي والإداري، إلا ان هذا لم يحدث على الرغم من مرور اكثر من ثمانية سنوات على اصدار هذه الدراسة وحاجة العراق الماسة لتنقيح هذه الدراسة وتطبيق ما ورد فيها، ان الاهتمام بالموارد المائية تأتي عندما تكون هناك فيضانات وسيول كبيرة أو فترات جفاف طويلة. بمجرد انتهاء هذه الأحداث، يختفي اهتمامهم بموارد المياه بكل بساطة.

ومن المؤسف أن مشاكل المياه لا يمكن حلها من دون الاهتمام المستدام الطويل الأمد من قِبَل صناع القرار السياسي، مما يجعل الأوضاع أكثر سوءاً وبشكل ملحوظ كون المصالح السياسية عموماً مخصصة وقصيرة الأجل، والواقع أن آفاق الأمن المائي الطويل الأجل، يتراجع بشكل مضطرد.

إن تصورات عامة الناس ومنهم السياسيين أصحاب القرار حول المياه هو الاهتمام والرؤية للمياه السطحية التي تشمل الأنهار والبحيرات، ونادرا ما تكون المياه الجوفية جزءا من هذه الرؤية الشاملة، وبالتالي فان هذا الأمر مثير للسخرية لأن المياه الجوفية تشكل أكثر من 98% من المياه العذبة السائلة على الأرض.

وبتزايد استخراج المياه الجوفية في العراق وبشكل مطرد وكبير سيصبح تدريجياً غير قابل للاستدامة على مدى العقود القادمة، ونتيجة لذلك انخفضت مستويات المياه الجوفية في العديد من المناطق في البلاد بأكثر من نصف متر سنويًا.

إحدى المشاكل الرئيسية في عدم استدامة مصادر المياه الجوفية، هي قوانين المياه الجوفية التي اصدرت عندما كانت المعرفة حول الإدارة العلمية محدودة، ولا تزال القوانين تنص على أنه بإمكان جميع أصحاب الأراضي استخراج ما يريدون من المياه الجوفية من أراضيهم، دون أي قيود في غياب مفهوم المياه الجوفية كمورد مجتمعي مشترك كما أنه إذا استخرج أصحاب الأراضي القدر الذي يريدونه من المياه الجوفية، فإنهم سيؤثرون سلبًا على توافر المياه لجيرانهم هذه الحقيقة لا تزال غير مفهومة بشكل واضح بالنسبة الى استخراج المياه الجوفية من الآبار الخاصة والعامة.

ان زيادة عدد الآبار المحفورة لاستخراج المياه الجوفية في ازدياد بشكل كبير وان عمليات السحب الضخمة ومعدلات السحب الكبيرة ستتجاوز بشكل مطرد معدلات التغذية للطبقات الجيولوجية الجوفية وبالتالي، تنخفض مستويات مناسيب المياه الجوفية بشكل مطرد في ظل الأنظمة القانونية القائمة، وإذا لم يتم تحديث الأنظمة القانونية لتلبية احتياجات المياه الجوفية، فإن وضع إدارة المياه الجوفية يمكن أن يصبح أكثر خطورة على نحو متزايد.

السؤال الذي يطرح نفسه هل ان صناع القرار في العراق بحاجة الى أزمات مياه أكبر من هذه التي اصابت البلد والغيت مواسم زراعية لتحفيزهم على إجراء تغييرات كبيرة وسياسات محكمة ومنها اصدار قوانين جديدة لاستثمار المياه الجوفية. ومع ظهور آثار تغير المناخ، وخاصة فيما يتعلق بموجات الجفاف الطويلة والشديدة على المدى الطويل، فهل هذا لا يكفي في تغير آراء ومواقف السياسيين والمزارعين وعامة الناس تجاه الإدارة المستدامة للمياه  وخاصة المياه الجوفية نحو الأفضل.

حيث على عكس الأنهار والمسطحات المائية السطحية مثل البحيرات والخزانات، التي يمكن للجميع رؤية انخفاض مستوياتها، فإن انخفاض مستويات المياه الجوفية غير مرئي، وبالتالي لا يشكل مصدر قلق كبير لواضعي السياسات أو وسائل الإعلام أو عامة الناس. وعندما انخفضت مستويات بحيرة ميد بشكل مطرد وانخفضت مستويات التدفقات في الأنهار مثل نهر الراين ونهر اليانغتسي، أصبح الجميع في جميع أنحاء العالم أكثر وعياً بهذه الحقائق، ومع ذلك عندما تنخفض مستويات المياه الجوفية في طبقات المياه الجوفية، لا يوجد إعلام أو اهتمام عام مماثل. وفي هذه الحالات قد يكون الجهل نعمة مؤقتة لكنه يشكل على المدى الطويل قضايا وطنية خطيرة.

#جامعة_الأنبار

#university_of_anbar

#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات

#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center

 تعليقات الفيسبوك

 المزيد من الاخبار

 التغيرات المناخية وانعكاسها على النشاط الزراعي

 جودة التربة (Soil Quality)

 مواد الإلكترونيات الضوئية

 دور نظم المعلومات الجغرافية في مراقبة الاهوار في جنوب العراق (الاهوار العراقية ما بين الخسارة والضرر)

 الضروريات الخمس في الإسلام وأثرها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

 الزراعة الرقمية تقود مستقبل الإنتاج الغذائي في العالم

 تطبيقات تكنولوجيا النانو في مجال تنقية المياه

 التذبذب المناخي وأثره على الأمن الغذائي في محافظة الانبار

التصويت

ماهو رائيك بمستوى التصميم والخدمات التي يقدمها موقع جامعتنا؟

 ضعيف
 جيد
 جيد جدا

مجموع التصويتات 227

الاساتذة والاداريين


المركز
اللقب
الاسم


خريجي الكلية

المركز
الشهادة
السنة
النوع
الجنس
الاسم

طلبة الكلية

المركز
المرحلة
الشهادة
النوع
الجنس
الاسم