| تفاصيل الخبر |
دور نظم المعلومات الجغرافية ( GIS ) في التنمية المستدامة
2024-01-06
مركز تنمية حوض أعالي الفرات / جامعة الانبار
التنمية المستدامة:
التنمية المستدامة مصطلح يستخدم بشكل عام وواسع ليصف سلسلة معقدة من الاهداف والنشاطات والسلوكيات للإنسان تجاه البيئة، التي يتوجب ان تتوافق مع حاجات وطموحات الحاضر وبدون ان تساوم على قدرة الاجيال القادمة لتلبية متطلباتها وطموحاتها، ويتضمن هذا المصطلح ان تؤخذ بالاعتبار كلا من الاوضاع التقنية والاجتماعية لنشاطات الانسان بحث لا تتجاوز طاقة المحيط الحيوي لاحتواء تاثيراتها السلبية وهذا ما اتفق عليه كتعريف عام للتنمية المستدامة. ويعرفها البعض على انها مصطلح اقتصادي اجتماعي أممي، رسمت به هيئة الأمم المتحدة خارطة للتنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم، هدفها الأول هو تحسين ظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع، وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه، وإدارتها بطرق لا تؤدي إلى استنزاف موارد كوكب الأرض الطبيعية، حتى لا نحمل الكوكب فوق طاقته ونضمن حقوق الاجيال القادمة.
بدات مسيرة التنمية المستدامة في مؤتمر قمة دولي عقد في ريوديجانيرو في البرازيل عام 1992 ومشاركة 180 دولة سميت قمة الارض ((Earth Summit واتفق على خطة تنفيذية واجندة القرن الحادي والعشرين. واقر نجاح هذه المبادرة بعد عشر سنوات في اجتماع جوهانسبرغ في جنوب افريقيا حيث عرضت نتائج هذه المبادرة ومقترحات الطريق الجديد. ساهمت العديد من الحكومات والمنظمات العالمية والافراد بشكل كبير في تعريف وتعزيز وتحقيق اهداف التنمية المستدامة ومع هذا الادراك الواسع لخطة شاملة مثل اجندة القرن الحادي والعشرين قد جعلها مرجعا خصبا وهيكل عمل يستحق الانتباه اليه.
التنمية المستدامة وعلاقتها بنظم المعلومات الجغرافية:
يتميز الزمن الحالي الذي نعيشه بانه عصر الثورة المعلوماتية حيث تتسابق الدول والمؤسسات في جمع المعلومات وتنظيمها والاستفادة منها في شتى مجالات التنمية، وفي العقود القليلة الماضية ابتكر الانسان عدة وسائل تقنية حديثة مثل الحاسبات الالكترونية والاقمار الصناعية سمحت بتوافر كميات هائلة من المعلومات عن بيئة الارض ومحتويه من معالم وثروات طبيعية اضافة الى ذلك توفرت معلومات عن الكواكب الاخرى المحيطة بالكرة الأرضية، من هنا زادت الحاجة الماسة للاعتماد برامج تخصصية مثل برامجيات نظم المعلومات الجغرافية(Geographic Information System) جمع وخزن وتنظيم وتحليل ومعالجة هذا الكم الهائل من البيانات المكانية والغير مكانية، في العقود الاخيرة حدثت قفزات واسعة في مجالات الدراسات التنموية بسبب تنامي المشكلات الاقتصادية والحضرية والسكانية بأبعادها المختلفة وقد امتازت هذه الدراسات الى حاجتها الى مستلزمات وتقنيات واجهزة متطورة لإعطاء صورة واقعية عن المتغيرات والعوامل ذات الصلة ومن بين تلك التقنيات برزت نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، بالإضافة الى ذلك توفر برمجيات نظم المعلومات الجغرافية (GIS) للمتخصصين واصحاب القرار في هذا المجال في جميع أنحاء العالم بالوصول الى كيفية تامين او تلبية الاحتياجات لللافراد من الموارد بمختلف انواعها، اضافة الى تخطيط الأراضي بكفاءة واستخدام البيئة (الموارد الطبيعية) وحمايتها لضمان بقاء الأجيال القادمة كما يوفر رؤى، ويسلط الضوء على الفرص، يحدد أوجه القصور ويعزز التعاون لضمان أن تتخذ الحكومات والمؤسسات قرارات اقتصادية أكثر ذكاءً واستدامة.
ان العمليات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بطبيعتها مكانية، ومن الصعب استيعابها بدون ابعادها المكانية، والصلة بين الانسان والبيئة لايمكن تمثيلها بدون الاشارة الى مكان محدد وذلك لان البيئة توصف من خلال علاقتها التوبولوجية (المكانية) مع الاشياء الفيزيائية مثل (التربة او مكونات الهواء، مناطق تواجد المياه والاشعاع الشمسي في مساحة من الارض ...الخ) وبالمقابل تنتج عن نشاطات الانسان تاثيرات مكانية على البيئة، فالتاثير متبادل بين الانسان والبيئة. وكما اشير سابقا، فقد ركزت اجندة القرن 21 على موضوعات واهداف معينة وطرق (عمليات) تؤدي الى تحقيقها، الهدف هنا حل مشكلات مكانية بينما العمليات تتضمن المشاركة في المعرفة بقصد التعاون والشفافية والمشاركة في صناعة القرارات وكلاهما يخدمان تحقيق اعلى اهداف حددتها مبادئ التنمية المستدامة، برهنت تقنية نظم المعلومات الجغرافية (GIS) على قدرتها لتقديم نظريات وطرائق وتطبيقات تسند بفاعلية المهام الاتية التي تشكل مع بعضها تطبيقا واسعا شاملا لمبادىء اجندة 21 للتنمية المستدامة وهي:
· انتاج وادامة المعلومات الجغرافية (المكانية) وهي ضرورة قصوى.
· تعزز سهولة الوصول الى البيانات البيئية (البنى التحتية للبيانات المكانية).
· حل مشكلات مكانية (تحليل مكاني، النمذجة البيئية).
· تعزز صناعة القرارات التعاونية (مجموعة صناعة القرار).
في التخطيط وفي صناعة القرارات والادارة قد عدت نظم المعلومات الجغرافية من اكثر الادوات المتقدمة فاعلية لمعالجة المشكلات المعقدة (المشكلات المكانية ) في المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وهي اداة جوهرية عندما تستخدم بصورة مناسبة موفرة اسنادا فاعلا للتخطيط المكاني ولصناعة القرار لان العناصر الجغرافية للمشكلة قيد الدراسة لها حضورها عند معالجة اهداف التنمية المستدامة وسياسات تنفيذ اجراءاتها، لذلك فان التقنيات الجغرافية – المكانية (GIS) تشكل ماكنة تقود ليس تقنيا فحسب، بل واجتماعيا وتنظيميا وتقوم بتضمين المعرفة بالاستناد على ارضية مفتوحة ومتكاملة عند تحليل المعلومات وعند التعاون لحل المشكلات وعند التخطيط وصناعة القرارات.
كانت هناك محاولات لدراسة مشاكل مختلفة متعلقة بالتنمية المستدامة باستخدام نظم المعلومات الجغرافية لحل مشكلات معقدة واجهت المخططين والمعنيين بتضمين اهداف التنمية المستدامة وتحويلها الى سياسات واجراءات عملية تنفيذية، فالهدف هو معالجة سلسلة واسعة من الموضوعات ذات العلاقة بتطبيقات نظم المعلومات الجغرافية التي ساهمت في تحسين صيغ التعاون الافقي والعمودي في عمليات صناعة القرارات عند جميع العاملين في عملية التنمية المستدامة وعلى مستوى جميع المؤسسات الوطنية والاقليمية والمحلية، ان تنامي توفر البيانات المكانية وتطور علم المعلومات الجغرافية وتقدمه المتزايد قد سمحا للبحث بشكل معمق في عمليات التخطيط المعلوماتي ( تحليل، تصميم، تقييم، نمذجة مكانية، قرار، ادارة ).
#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات
#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center
